الخميس 28 تشرين أول , 2021 03:57

مأرب تكتب تاريخ اليمن: لقد هُزمت الرياض!

مأرب

حُسمت الحرب في اليمن لصالح الشعب الذي اختار المقاومة على مدى 7 سنوات، دون حاجة لإعلان رسميّ دولي بذلك، فتحرير الجوبة وجبل مراد بعد بيحان وعسيلان في شبوة كان كفيلاً لإخراج المشهد الأخير: أحجار الدومينو تتساقط واحداً تلو الآخر بعد سيطرة قوات صنعاء على 12 مديرية من أصل 14، ومأرب أصبحت قيد التحرير بعد اطباق الحصار على قوات هادي في مديرية الوادي، الوقت القليل المتبقي سيشهد إسدال الستار على آخر فصول هزائم السعودية المتتالية.

دلالات تحرير جبل مراد والجوبة

ثمّة دلالات عدة لإعلان المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع تحرير مديريتي جبل مراد والجوبة والذي يعتبر بمثابة نقطة مفصليّة في مسار التقدم الميداني لقوات صنعاء على جبهات مأرب:

-قدرة قيادة قوات صنعاء على رسم التكتيك العسكري المناسب لطبيعة الأرض الجغرافية بناء على ما تقتضيه خطوط التماس ومسرح العمليات، إضافة للخبرة الكبيرة التي أظهرتها القوات في استخدام الأسلحة في الزمان والمكان والطريقة المناسبة.

-التنسيق المدروس بين القيادات والقوات على الأرض ما أعطى القدرة على الحسم السريع عسكرياً على الرغم من الغطاء الجوي الكثيف والغارات التي نفذتها الطائرات السعودية. فالتقدم الذي لم تستطع تحقيقه قوات هادي على الأرض لن تحققه الضربات الجوية العشوائية للتحالف.

-المعلومات الاستخباراتية الدقيقة التي كانت بحوزة الجيش واللجان الشعبية، حيث استطاعت قوات صنعاء معرفة مواقع الميليشيات وقوات ما يسمى "حزب الإصلاح" بالأسماء والأعداد ونقاط التمركز وهذا ما يدل على القدرة الاستخباراتية الكبيرة التي تمتلكها والتي استطاعت بها ان تحدث خرقاً استخباراتيا واضحاً، حسب ما أكد مصدر ميداني لموقع الخنادق.

-احتضان عشائر مأرب اللافت للجيش واللجان الشعبية، خاصة بعدما شاهدوا ممارسات قوات هادي الانتقامية والتي استخدمت أبناء القبائل كدروع بشرية، إضافة للنهب والسرقة والعبث بأمن المحافظة والمحافظات المجاورة. كما أن الأغلب الأعم من هذه القبائل استجاب لمبادرة قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي التي طالب فيها تحييد القبائل عن العمليات العسكرية.

مبادرة مأرب قيد التنفيذ 

وتبرز في هذا الصدد الدعوة التي جددها العميد سريع في بيانه العسكري الأخير "إن القوات المسلحة تدعو المخدوعين في مدينة مأرب إلى التوقف فوراً عن الأعمال القتالية واستغلال الفرصة الممنوحة لهم والتي لن تستمرَّ طويلاً كمقدمة لمعالجة أوضاعهم"، كإنذار أخير ورسالة واضحة ان قرار الحسم العسكري لمأرب قد اتُخذ وبات محسوماً، ومَن يتخلّف عن الدعوة فهو بعد دخول قوات صنعاء سيكون في عداد "الخونة" لا "المغرر بهم". كما أكد العميد سريع على ان "القوات المسلحة تُطمئنُ كافة المواطنين في مدينة مأرب بأنها ستعمل على تأمينِهم وتأمين ممتلكاتهم ضمن واجباتها ومسؤولياتها خلال المرحلة القادمة".

وتجدر الإشارة إلى ان الجوبة لمأرب كما الأزرقين لصنعاء، تجمعهما الأهمية الاستراتيجية نفسها التي تشكل صمام أمان المحافظة كما جبل مراد أيضاً، والسيطرة عليهما تعني بطبيعة الحال اطباق الحصار على قوات هادي في مديرية الوادي التي تعد آخر المعاقل التي يتحصن فيها الجماعات الإرهابية من القاعدة وداعش اللذين استقدما من عدد من البلدان، بعد تأزم الوضع الميداني لقوات التحالف. كما أن السيطرة على كل هذه المناطق تعني بالنتيجة تطويق قوات هادي من 3 اتجاهات، مع طريق امداد واحد باتجاه حضرموت وهو طريق العبر وغالبا ما ستسلكه الميليشيات والمرتزقة لتطبيق "مبادرة مأرب" والخروج من المدينة لا لاستقدام التعزيزات العسكرية.

وكان اللافت دعوة النائب في البرلمان اليمني المحسوب على "حزب الإصلاح"، محافظ مأرب سلطان العرادة لـ "اتخاذ موقف مشرف في صناعة السلام مع الحوثي ولا تتردد ولا تثق بوعود التحالف فقد أثبتت الأيام أن الحوثي هو القوة الوحيدة على ضبط الأمن والاقتصاد وقيادة البلد فكن شجاعاً ولا تبالي بالضجيج الفارغ والسلام".

المرحلة المقبلة تحددها حكومة صنعاء 

يمكن اعتبار الأيام القادمة هي أيام الحسم التي ستعمد فيها آلة الحرب السعودية على تكثيف غاراتها، إضافة لتجييش وسائل الاعلام الخليجية بغية قلب الحقائق، وتخويف أبناء القبائل والمدنيين من قوات صنعاء، أو توهين الإنجاز الذي حققه الجيش واللجان الذين سيطروا على أكثر المحافظات اليمنية تحصيناً، بعد ان استقدم التحالف إليها من بقاع الأرض مقاتلين وارهابيين وأولى لأجلها اهتماماً خاصاً على كافة الصعد السياسية والعسكرية والإعلامية. غير ان كل ذلك لن يغيّر شيئاً على أرض الميدان، وحالة النكران تلك لن تدوم طويلاً، بل ان الخط الدبلوماسي سرعان ما سيفتح بين الرياض وواشنطن وأبو ظبي وتل أبيب في فلسطين المحتلة، على الرغم من التنافر الحاد الذي شهدته الفترة الأخيرة بينهم، لكن مصيبة مأرب ستجمعهم لا محال!.

أما بالنسبة للمرحلة القادمة فإن الخيارات مفتوحة أمام حكومة الإنقاذ الوطني، فهي بعد الإنجازات الميدانية العظيمة التي راكمتها خلال السنوات الماضية وآخرها الإنجاز النوعي في مأرب قادرة على فرض شروطها في المفاوضات القادمة ان كان بشأن كسر الحصار وفتح المطارات والموانئ وتحييد الملف الإنساني او للحل السياسي الذي يرسم ملامح المرحلة المقبلة، والتي ستجد السعودية نفسها مضطرة للاستجابة، فالمنتصر وحده مَن يحدد المسار السياسي المقبل، وكما أكد السيد عبد الملك الحوثي بأن مستقبل اليمن يحدده اليمنيون وحدهم على اختلاف اطيافهم.

وكانت السعودية قد شنّت حربًا على اليمن في آذار عام 2015 دعماً للرئيس المنتهية ولايته منصور هادي، أُطلق عليها اسم "عاصفة الحزم"، وقد شارك فيها العديد من الدول الخليجية والعربية ضمن تحالف تقوده الرياض، إضافة للدعم اللوجستي والاستخباري من الثلاثي الأميركي- البريطاني-الإسرائيلي، حيث انتهك التحالف خلالها القوانين الدولية والإنسانية، وارتكب فظائع وجرائم حرب بحق المدنيين.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور