الخميس 13 تشرين ثاني , 2025 11:58

السيطرة على باب المندب: قراءة في دور الإمارات والسعودية في البحرين الأحمر والعربي

البحر الأحمر وعلمي السعودية والإمارات

خلال الأسابيع والأشهر الماضية، كثفت القوى الإقليمية واليمنية الحليفة للولايات المتحدة تحركاتها وأنشطتها في مناطق جنوب البحر الأحمر، وباب المندب، وخليج عدن، والبحر العربي، مستندة إلى ذريعة مكافحة ما تسميه "تهريب السلاح والمخدرات"، وهذه الذريعة ليست جديدة، بل هي نفسها التي تستخدمها واشنطن اليوم في مناطق أخرى مثل البحر الكاريبي، وهي أيضًا امتداد لنفس المبررات التي اعتمدتها الولايات المتحدة على مدار عقود، للاعتداء على الدول وتنفيذ أجنداتها تحت شعار "مكافحة الإرهاب".

إن فشل واشنطن وحلفائها، سواء في عهد الرئيس بايدن عبر ما عُرف بـ"تحالف حارس الازدهار"، أو في عهد ترامب عبر استراتيجية "الراكب الخشن"، بالإضافة إلى موجات الهجمات الإسرائيلية المتكررة على اليمن، في تحقيق أهدافها، لا سيما كسر الحصار البحري على السفن المرتبطة بـ "إسرائيل" الذي فرضه اليمن بهدف إيقاف إبادة الفلسطينيين في غزة، وبروز اليمن كقوة إقليمية صاعدة، ليس فقط من خلال قدراته العسكرية، بل أيضًا عبر فرضه نوعًا من السيطرة على خطوط الملاحة الاستراتيجية في البحرين الأحمر والعربي، باستخدام صواريخ وطائرات مسيرة بحرية متقدمة، دفع واشنطن وحلفائها الإقليميين إلى إيجاد استراتيجية جديدة تهدف إلى محاولة ترميم الفشل وتثبيت حضورها في أحد أهم الممرات المائية في العالم.

وفي ضوء هذا الواقع، شهدت الأسابيع الأخيرة تحركات وأنشطة مكثفة من قبل السعودية والإمارات والفصائل الموالية لهما في اليمن، على امتداد السواحل والجزر اليمنية من الساحل الغربي الجنوبي وصولًا إلى البحر العربي، في سباق محموم لإثبات قدرتها على السيطرة ومحاولة لتحقيق مكاسب تكتيكية واستراتيجية على حساب نفوذ صنعاء، واستعادة موقعها ضمن المعادلة الاستراتيجية في المنطقة.

تتناول الدراسة المرفقة أدناه، استراتيجيات السيطرة على البحرين الأحمر والعربي من خلال تحليل التحركات الإماراتية والسعودية وأبعادها الإقليمية والدولية.

وتشير الدراسة إلى أن الإمارات تركز منذ بداية الحرب على اليمن عام 2015 على التمدد في الجزر والسواحل اليمنية باستخدام وكلاء محليين كـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" و"قوات طارق صالح"، مما منحها نفوذًا واسعًا يمتد لأكثر من 1000 كيلومتر من الساحل الغربي حتى حضرموت. كما توسعت في إنشاء قواعد في القرن الأفريقي (الصومال وبربرة وبوصاصو) بهدف السيطرة على خطوط الملاحة الدولية.

تعتبر جزيرتا سقطرى وميون محور الوجود الإماراتي الجديد، إذ بنت أبوظبي في الأولى مهابط طائرات ومنشآت عسكرية ضخمة قادرة على استقبال طائرات نقل ثقيلة ومسيرات إسرائيلية، وفي الثانية قاعدة جوية متطورة في مدخل باب المندب. وتشير تقارير إلى أن هذه القواعد تُدار بتنسيق استخباراتي أمريكي-إسرائيلي-إماراتي ضمن مشروع "الشرق الأوسط الجديد" وتحت غطاء "مكافحة التهريب". في المقابل، رصدت صنعاء هذه التحركات ووصفتها بأنها جزء من مشروع صهيوني-أمريكي للهيمنة على الملاحة الدولية، مؤكدة استعدادها لاتخاذ خيارات استراتيجية لتحرير الجزر ومواجهة التهديدات.

أما السعودية، فعملت على تكريس دورها كضامن لأمن الملاحة من خلال مؤتمر الأمن البحري في الرياض (أيلول 2025) برعاية بريطانية وبمشاركة 40 دولة. ويكشف المؤتمر عن محاولة لإعادة تشكيل موازين القوى البحرية عبر تمويل وتدريب الفصائل الموالية للتحالف وتقديمها كقوة محلية تدير الممرات المائية نيابة عن القوى الغربية. وردّ السيد عبد الملك الحوثي بتحذيرٍ صريح للرياض من "التورط في حماية السفن الإسرائيلية".

وتخلص الدراسة إلى أن التحركات الإماراتية والسعودية تتناغم تمامًا مع الأهداف الإسرائيلية الهادفة إلى تحييد قدرات صنعاء وكسر معادلة الردع البحري التي فرضتها. وتستشهد بتقارير إسرائيلية حول التنسيق العسكري بين تل أبيب وأبو ظبي في إنشاء قواعد قرب خليج عدن، وبأن الهدف النهائي هو تطويق اليمن بحزام من القواعد العسكرية من الجهتين الجنوبية والغربية.

وفي الختام، ترى الدراسة أن هذه التحركات تهدف إلى تدويل الملف البحري اليمني، وتبرير تدخل دولي أوسع تحت ذريعة "مكافحة التهريب"، بينما الهدف الحقيقي هو التحكم في الممرات الاستراتيجية واحتواء النفوذ اليمني الذي أعاد رسم موازين القوة في البحرين الأحمر والعربي.

لتحميل الدراسة من هنا


الكاتب: رضوان العمري




روزنامة المحور