الإثنين 26 أيلول , 2022 02:52

جدعون ليفي: لابيد، هل كان الأمر صعبًا مع ابنتك في الملجأ؟ وماذا عن أطفال غزة؟

قطاع غزة

انتقد الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي خطاب رئيس حكومة الاحتلال يائير لابيد، ليس بسبب تطرق الأخير الى مسألة "حل الدولتين"، كما فعل الاعلام العبري، بل سلّط ليفي الضوء على "وقاحة" لابيد الذي "تشعر بالخجل من أن هذا هو رئيس حكومتك". اذ اعتبر ليفي في مقاله في صحيفة "هآرتس" العبرية أن لابيد استغل الوضع الصحي لابنته المصابة بالتوحد لتسوّل العواطف من أجل الإسرائيليين، الا أنه في الحقيقة "اضطرت "يالي" الى الركض نحو الملجأ بعد أن وضعت اسرائيل جميع أولاد غزة، بما فيهم ذوي الاحتياجات الخاصة، في قفص فظيع منذ 15 سنة... وبقوا منكشفين أمام القنابل التي تسقط فوق رؤوسهم بأمر من والدها".

المقال المترجم:

لرئيس الوزراء يائير لبيد ابنة من ذوي الاحتياجات الخاصة. اسمها يالي (Yaeli) وهي مصابة بالتوحد، تحدّث عنها أمام الحاضرين في الجمعية العامة للأمم المتحدة. من المؤثر سماع أب وهو يتحدث بحرارة عن ابنته، وبالتأكيد عندما تكون من ذوي الاحتياجات الخاصة. من المفرح أن لم يحاول اخفاءها في السنوات الماضية وبذلك يساهم في زيادة الوعي بخصوص المصابين بالتوحد. ولكن هناك سياق واحد كان فيه محظور على لابيد فعل ذلك، السياق الذي استخدم فيه ابنته بشكل ساخر وتلاعبي. سياق يظهره بصورة عديم الوعي الذاتي في أفضل الحالات وعديم الضمير في اسوأ الحالات. هذا السياق هو خطابه في الامم المتحدة. لابيد لوّح بابنته من أجل الاظهار كم هو مسكين وكم هم الاسرائيليون مساكين. في السنة الماضية كان يجب عليه أن يركض معها الى الملجأ في الساعة الثالثة فجراً.

"جميع الاشخاص الذين يقدمون لنا المواعظ عن أهمية السلام جميعهم مدعوون لتجربة الركض الى الملجأ في الساعة الثالثة فجرا مع طفلة لا تتكلم، وأن تشرح لها بدون كلمات لماذا يريدون قتلها"، قال لبيد للعالم وكأنه متسوّل يعرض بشكل استعراضي يده المبتورة كي يجمع الصدقات. يريدون قتل "يالي"، لبيد اراد ابتزاز الدموع والتعاطف. هذا قد ينجح مع عجوز في مركز الطائفة اليهودية في فلوريدا، لكنه لا ينفع أمام اشخاص جديين يعرفون الوقائع.

"يالي" اضطرت الى الركض نحو الملجأ بعد أن وضعت اسرائيل جميع أولاد غزة، بما فيهم ذوي الاحتياجات الخاصة، في قفص فظيع منذ 15 سنة. من الصعب الركض الى الملجأ مع طفلة مصابة بالتوحد، لكن في هذه القصة هي ليست الضحية. في الوقت الذي في محيطها هناك ضحايا أصعب منها بدرجة كبيرة. هم ليسوا ضحايا المصير مثل "يالي"، بل ضحايا الدولة التي والدها هو رئيس الحكومة فيها. والدها لم يفعل حتى الآن أي شيء من اجل أنن يخفف معاناة الأولاد ومن أجل ألا تضطر "يالي" الى الركض مرة اخرى الى الملجأ.

في الوقت الذي أخذ والدا "يالي" ابنتهما الى الملجأ في رمات افيف، قصفت الطائرات الاسرائيلية غزة. في الوقت الذي كانت فيه "يالي" في الملجأ لم يكن لأطفال غزة مكان يهربون اليه أو من يقوم بحمايتهم. فقد بقوا منكشفين امام القنابل التي تسقط فوق رؤوسهم. 68 طفلاً، صفان مكتظان في مدرسة قامت اسرائيل بقتلهم في عملية "حارس الاسوار"، التي هي عملية اجرامية مثل سابقاتها والتي جاءت بعدها بأمر من والد "يالي".  

كيف يمكن لرئيس حكومة اسرائيلية أن يقف على منصة الجمعية العمومية في الامم المتحدة وأن يتباكى على مصير ابنته في الوقت الذي فيه ترتكب دولته ما ترتكبه ضد اطفال غزة منذ 15 سنة (حصار قطاع غزّة)، 55 سنة (حرب عام 1967) و74 سنة (النكبة عام 1949). كيف يمكنه التحدث عن "يالي" وتجاهل مصير عدي صلاح، الشاب ابن عاماً17، الذي هو أصغر من "يالي"، الذي أطلق قناصة الجيش الاسرائيلي النار على رأسه وعلى قلبه في الاسبوع الماضي؟ كيف يتجرأ على الشكوى والطفلة ملاك الطناني قتلت بنار الجيش الاسرائيلي في السنة الماضية، وبعد ذلك يقول إن الامر ليس هكذا – يكذب فيه الجيش مرة تلو الاخرى من اجل التملص من المسؤولية عن جرائم الحرب – قتل العجوز ابن الـ 80 في جلجلية وخمسة اطفال في جباليا، أحدهم عمره 3 سنوات، في عملية "حارس الاسوار" وقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة.

اختار لابيد الحديث في الجمعية العامة عن السلام والأمن بدلا من التحدث عن الخطر والحرب مثل سلفه. لذلك، هو جدير بالثناء. ولكن عندما يكون الحديث منفصل عن الوقائع، ينكر الاحتلال ويتنصل من أي مسؤولية ويمثل دور الضحية، وحتى يقوم بإلقاء المواعظ الاخلاقية على الآخرين، فان الوقاحة تكون غير محتملة ولا يمكن ألا تشعر بالحرج والخجل من أن هذا هو رئيس حكومتك.


المصدر: هآرتس

الكاتب: جدعون ليفي




روزنامة المحور