السبت 01 نيسان , 2023 12:19

الحرس الوطني: ميليشيات متطرفة خارجة عن السلطة

"الحرس الوطني" اليهودي المتطرف

أجّل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، لساعات، خطابه يوم 27/3/2023، الذي كان قد أُعلن عنه بعد الشلل الذي أصاب الكيان عقب إقالته وزير الجيش يوآف غالانت. كسب وزير أمن الاحتلال ايتمار بن غفير الوقت لتمرير "صفقة المقايضة" في اجتماع الائتلاف الحكومي.

حصل بن غفير، ليس فقط على الضوء الأخضر، إنما على توقيع نتنياهو لإنشاء "الحرس الوطني"، مقابل تراجع الأوّل عن خطوة النزول الى الشارع بمظاهرات يمينية مضادة لمظاهرات اليسار ضد إقرار التعديلات القضائية، والقبول بفترة لتفاوض نتنياهو مع المعارضة.

الا أنّ موقع "روتر نت" العبري يرجّح أنه "ضمن الصفقة، سيتولى بن غفير مسؤولية الحرس الوطني الذي سيتم إنشاؤه مقابل وقف التشريع". ويأتي تشكيل هذا "الحرس" من بين عدّة صفقات اتفق نتنياهو على منحها لليمين المتطرف مقابل تشكيل حكومته.

ميليشيات متفلتة بزعامة متطرف

يتشكل ما يمسى "الحرس الوطني" من مستوطنين "مدنيين" وأمنيين وعسكريين متقاعدين. يتم اختيارهم على أساس "الكفاءة العالية، والخبرة والتجربة، والقدرة على الانتقال السريع، والعمل في وقتٍ واحدٍ على أكثر من جبهة، والقدرة الفائقة على ضبط الأمن والتصدي للعنف وفض المظاهرات".

يتبع هذا "الحرس" لوزارة الأمن، ويتلقى منها ميزانيته السنوية، التي قدرت للتأسيس لمرة واحدة بقيمة 32 مليون دولار، وسنوياً بقيمة 17.5 مليون دولار، مع مراعاة تمويل الحاجات المستجدة المتعلقة بالتجهيزات والمعدات، أو الخاصة بالعناصر.

توقعت صحيفة "هآرتس" العبرية أن ذريعة تشكيل "الحرس الوطني" هي "مكافحة الفوضى والجريمة في الوسط العربي بعد استخلاص الدروس من عملية حارس الأسوار. وهي معركة سيف القدس في أيار / مايو 2021، التي نهض بها فلسطينييو الداخل في مظاهرات واسعة دعمًا للمقاومة في قطاع غزّة. أمّا القدس والضفة فقد شهدتا أيضًا مسيرات وعمليات مقاومة لدعم غزّة.  

كذلك، أوضحت الصحيفة أنّ تشكيل هذا "الحرس" بزعامة  بن غفير، يعني القدرة على التهرّب من التعقيدات القضائية وتعليمات القانون والشرطة، بهدف استخدام القوّة والعنف في تفريق المتظاهرين في المناطق الفلسطينية. معتبرةً أن هذا وجه من تحوّل "اسرائيل الى الديكتاتورية الكاملة".

بدورها، حذّرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية من إمكانية أن يضمّ "الحرس الوطني" نشطاء التنظيمات اليهودية المتطرفة، ولا سيما منظمة "لافميليا"، التي تمثل رابطة مشجعي فريق "بيتار يروشليم" لكرة القدم، وهي منظمة تشنّ الاعتداءات المتكرّرة على الفلسطينيين في القدس المحتلة.

كما أشارت الصحيفة الى أنّ "الحرس" قد يضمّ أيضًا المستوطنون من فئة الشباب الذين "يعيشون وعائلاتهم ظروفًا اقتصادية صعبة، وهذا ما يجعلهم أكثر استعداداً لتطبيق تعليمات بن غفير". وقد انتقدت الصحيفة منح بن غفير المتهم بممارسات إرهابية تفويضًا لـ "إدارة الحرس الوطني".

في المقابل، لفتت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية أن إنشاء "الحرس الوطني" ليس بالطرح الجديد فقد بدأ في عهد الحكومة السابقة لكن تم إيقاف تأسيسه على يد نفتالي بنيت".

شرطة برأسين: الأمر سيؤدي الى تصادم

نقلت "القناة 12" العبرية، تخوفات قادة سابقين في شرطة الاحتلال حول إنشاء "الحرس الوطني". وقد اعتبر هؤلاء أن "هناك استحالة عمل قوتين من الأمن في منطقة جغرافية واحدة، في حال تمرير المخطط فسيصبح الكيان بجهازي شرطة، هذه كارثة وطنية ستؤدي في نهاية الأمر الى تصادم بين الجهازين".

تظاهر مئات المستوطنين يوم 30/3/2023 في "تل أبيب" وحيفا والقدس المحتلة وبئر السبع و"حولون" و"رحوفوت"، احتجاجًا على إنشاء ما يسمى "الحرس الوطني"، رافعين شعار " لا لمليشيا بن غفير"، حسب ما نقل موقع "واللاه" العبري.

تقليص خدمات المستوطنين تلبيةً لرغبة بن غفير

ذكرت قناة "كان" العبرية أن "الحكومة رصدت ميزانية بقيمة مليار شيكل" لتمويل تأسيس "الحرس الوطني"، مشيرة إلى أنّ "هذه الميزانية ستوفّر عبر تقليص ميزانيات جميع الوزارات بقيمة 1%".

أوضحت الخبيرة في الشؤون الاقتصادية، ليئيل كايز، أنّ هذا سيكون على حساب "تقليص ميزانيات خدمات المواطنين التي تقدمها الوزارات". يبيّن الجدول الآتي نسبة الاجتزاء:

البملغ المقتطع بالشيكل

الجهة أو الوزارة

300 مليون

المنظومة الأمنية

103 مليون

وزارة المواصلات

65 مليون

وزارة التعليم

46 مليون

وزارة التعليم العالي

40 مليون

وزارة الرخاء

40 مليون

وزارة الصحة

 

نقلت القناة العبرية "عن مصادر عسكرية، أن الجيش والمؤسسة الأمنية يعارضان تقليص ميزانية الجيش، "لكن إقالة وزير الأمن يوآف غالانت وعدم مشاركته في اجتماعات الحكومة سيفقدان المؤسسة الأمنية صوتها في الاجتماع". فقد استغل بن غفير هذا الفراغ أيضًا لمقايضة نتنياهو.

في هذا السياق، نشرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" رسمًا كاريكاتوريًا ساخرًا حول قبول نتنياهو بهذه "الصفقة".

التوتر الأمريكي – الاسرائيلي في ازدياد

قال السياسي اليهودي السابق، يوسي بيلين، إنّ الرئيس الأمريكي جو بايدن "يفقد صوابه من استعداد نتنياهو إيداع ميليشيا خاصة في أيدي ايتمار بن غفير"، مصورًا أن " إخضاع الحرس الوطني لشخص عديم المسؤولية يرى فيه بايدن مجانبة للصواب، وتعبيراً قاطعاً عن أن نتنياهو مستعد لاتخاذ أي قرار، مهما كان سخيفا كي يبقي ائتلافه على حاله".

وأضاف أن الواضح بالنسبة لبايدن هو أن "نتنياهو سيضحي بكل شيء، بما في ذلك بعلاقاته مع أمريكا، من أجل ائتلافه". فقد هدّد بن غفير، عقب إعلان نتنياهو نيته التراجع عن التعديلات القضائية، بتفكيك الائتلاف الحكومة، لكنّ هذه "الصفقة" أخمدت النار.

"الحرس الوطني": هدف مشروع للمقاومة

رأت لجنة المتابعة للقوى الإسلامية والوطنية أن إنشاء ما يسمى "الحرس الوطني"، يعكس الوجه الحقيقي الذي قام عليه الكيان الاسرائيلي، وهو ميليشيات وعصابات متطرفة ارتكبت أكبر المجازر الوحشية بحق الشعب الفلسطيني قبل عام 1948 وبعده.

دعت اللجنة الى اعتبار هذه الميليشيات هدفًا مشروعًا للمقاومة، لأنها تعلن صراحةً عن أهدافها الارهابية. كما حثّت المجموعات الشبابية والتجمعات الشعبية الى تشكيل لجان عمل ليلية لحراسة وحماية المدن والقرى الفلسطينية من الاعتداءات الاسرائيلية. فيما رأى ناشطو وقادة فلسطينيي الداخل أنّ "الاحتلال يتصالح على حساب دماء الفلسطينيين".


الكاتب: مروة ناصر




روزنامة المحور