السبت 25 أيلول , 2021 01:28

الألغام البحرية الإيرانية: المدمرات الأميركية سهلة الاستهداف

عملت إيران طيلة العقود الماضية على تطوير قدراتها العسكرية لمواجهة التهديدات التي تحيط بها، ولحماية سيادتها وثرواتها وحركتها التجارية التي تعتمد على مضيق هرمز بشكل أساسي. وعلى الرغم من الحصار الذي فرضته واشنطن على الجمهورية الإسلامية استطاعت الأخيرة ان تقوي حضورها الدولي على مختلف الأصعدة وان يتنقل أسطولها الـ 75 لمدة 133 يوماً في المحيط الأطلسي وبعمق 44 ألف كيلومتر في المياه الدولية دون تسجيل أي اعتراض او تهديد.

هذه القدرة العظيمة رسختها إيران عملياً واستثمرتها في المحافل الدولية كحق مشروع، وما كان إعلان قائد القوة البحرية في حرس الثورة علي رضا تنكسيري عن "المراقبة الدقيقة لحركة السفن في الخليج ومضيق هرمز، وعدم السماح لأي سفينة بالعبور دون التعريف بنفسها" الا ترجمة لقدرة إيران على الحقيقية على تنفيذ ما هددت به. وقد تكون الألغام البحرية هي الوسيلة الأبرز لتحقيق الهدف.

الألغام البحرية

تعتبر هذه الألغام وسيلة ذات فعالية عالية تستخدمها الدول لحماية مياهها الإقليمية. فهي تستهدف بشكل مباشر السفن الحربية بما تتضمن الغواصات وحاملة الطائرات إضافة للسفن "غير المرحب بها". كما تعتبر السلاح الأنجح عند مواجهة السفن الصغيرة نسبياً لقوة بحرية تضاهيها.

تتمتع هذه الألغام بميزات تجعلها خياراً مناسباً للاستهداف الدقيق لكونها سهلة النقل والنشر في البحر أو المضائق، يصعب اكتشافها إضافة لكلفة انتاجها المنخفضة وسهولة تخزينها. وهي تقسم لـ 4 أقسام رئيسية:

 الغام الاتصال المباشر: وهي من أقدم أنواع الألغام البحرية، يحتاج للاحتكاك بالهدف لينفجر وينحصر الضرر بالسفن التي تحتك به.

الألغام المربوطة: يوضع بعمق 5 أمتار عن سطح الماء، يثبت بسلسلة معدنية يوضع بأسفلها مرساة، فيما يوضع الصاعق والمواد المتفجرة في صدفة من البلاستيك أو الحديد.

ألغام التحكم عن بعد: وهي التي يتم التحكم بتوقيت وكيفية تفجيرها، وتعد أكثر تفوقاً من ألغام الاتصال المباشر كونها لا تحدث ضررا في متن السفن الصديقة.

الألغام الحساسة الحديثة: تزود بحساسات حرارية والكترونية مجهزة لرصد تحركات السفن، ثم تنفجر عند وصول السفينة لنفس مستوى اللغم المزروع. كما يمكن تزويدها بواحد أو أكثر من الحساسات – المغناطيسية، صوتية سلبية، ضغط للانزياح المائي _

ويقسم هذه النوع من الألغام إلى 3 فئات:

 Magnetic Mine- وهو شديد التأثر بالمجال المغناطيسي للغواصات أو السفن القريبة منها، ينفجر في وقت مناسب بحيث يكون الانفجار في منتصف السفينة لإحداث أكبر قدر من الأضرار

Acoustic Mine-  وهو لغم شديد التأثر بأجهزة التفجير الصوتي التي تصدر عن مراوح القطع البحرية أو محركات الدفع.

Pressure Mine: وهو نوع من الألغام شد التأثر بالضغط الخارجي الذي ينتج عن مرور القطعة البحرية بالقرب منه أو فوقه.

تقديرات استخباراتية أميركية قالت عام 2010 إلى امتلاك إيران ما يقارب 5000 لغم والتي أشارت أيضاً ان تصنيع هذا النوع من الأسلحة يشهد نمواً مطرداً. خاصة تلك الشبيهة باللغم ليمبت الذي يزن 42 كلغ المصنوع من الألمينيوم الصلب.

ويعد أخطر أنواع الألغام البحرية التي تمتلكها إيران هيM A52  القادرة على اغراق أكبر القطع البحرية وحاملات الطائرات.

وما يثير الدول المعادية لإيران استطاعتها تصنيع ألغاماً غير مغناطيسية الأمر الذي يجعل أمر اكتشافها في غاية الصعوبة، خاصة لطبيعة مضيق هرمز الذي يصل أكبر عرض له 55 كلم، وبالتالي يعد منطقة مناسبة للتفخيخ.

كما تعد طهران ضليعة بتصنيع وسائط بث الألغام منها: الزوارق السريعة التي تصل سرعتها إلى 100 كلم -عاشوراء- الطوربيدات المأهولة Ghavasi، وهو النسخة المعدلة عن الطوربيد البحري الثقيل عيار 533 مللم. حيث يتحول عند الضرورة إلى غواصة متعددة المهام يبلغ طولها 7 أمتار، وتستطيع حمل الألغام الإيرانية التي تزن 480 كلغ.

بداية الحرب العالمية الأولى، كانت القوة البحرية للقوات البريطانية والفرنسية تفوق بشكل كبير ما تمتلكه البحرية العثمانية. حاولوا وقتها فرض سيطرتهم على أكبر عدد من المضائق والممرات الملاحية قبالة القارة الأوروبية خاصة البوسفور والدردنيل. حينها لجأت القوات البحرية العثمانية لتفخيخ مدخل مضيق الدردنيل كاملا لمنع بريطانيا وفرنسا من دخوله. اسفرت هذه العملية خسائر فادحة في الأسطول وفتحت هذه العملية مرحلة جديدة لإعادة الاهتمام بالألغام البحرية.

اليوم، مع القوة العسكرية الكبيرة التي تمتلكها إيران في هذا المجال وغيره من الصناعات العسكرية التي يؤهلها لإغلاق مضيق هرمز ان أرادت، وخوض المعارك على أنواعها خاصة البحرية على واشنطن وأذرعها أن تعلم جيدا أن الجمهورية الإسلامية بعد مرور أكثر من 40 عاماً على انتصار الثورة ليست كما كانت قبل ذلك، وان تأخذ كلام وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف كتهديد قابل للتنفيذ في أي لحظة وهي تمتلك القدرة على ذلك "إذا لجأت الولايات المتحدة إلى منعنا من ذلك بإجراء جنوني مغامر فإننا سنردّ...وإذا منعنا من استخدام الخليج لأمننا، فلماذا نضمن استخدام الآخرين له؟".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور