الثلاثاء 21 تشرين أول , 2025 03:24

مسعد بولس: أوهام السلام على خطى ترامب

مسعد بولس مستشار ترامب للشؤون الشرق أوسطية

ظهر اسم مسعد بولس فجأة في الساحة السياسية الأميركية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بعد أن ظل مجهولاً لفترة طويلة، ليبرز تحت مسمى "النسيب اللبناني" لترامب من خلال زواج ابنه من تيفاني ترامب في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022. هذه العلاقة كانت البوابة التي مكّنته من الوصول إلى منصب مستشار رفيع للشؤون العربية والشرق أوسطية في البيت الأبيض، وهو منصب أثار التساؤلات حول خلفيته الحقيقية وخبرته الفعلية في السياسة والدبلوماسية.

ولد بولس عام 1971 في كفر حاتا شمال لبنان، لعائلة أرثوذكسية، وانتقل في مرحلة المراهقة إلى تكساس حيث درس القانون في جامعة هيوستن. عاد بعد ذلك لإدارة أعمال العائلة، وتولى قيادة شركة "سكوا نيجيريا" التي توزع السيارات والمعدات في غرب أفريقيا. أي أنه لم يعمل في مجال الحقوق وذهب إلى التجارة -كما كل من يوظفهم ترامب في المناصب الدبلوماسية- وهذا يعني أنه لم يمتلك أي معرفة دبلوماسية معمقة أو خبرة في العمل السياسي.

من لبنان إلى واشنطن

حاول بولس سابقاً الانخراط في السياسة اللبنانية، لكنه لم يترك أثراً واضحاً؛ فقد سعى للحصول على مقعد في البرلمان في دائرة الكورة عام 2009، لكنه انسحب لصالح التيار الوطني الحر، وكان على علاقات متقلبة مع القوى المسيحية والسياسية اللبنانية، بما فيها تيار المردة التابع لفرنجية حيث كان على علاقة جيدة فيه ووصفه مرة "بالصديق" بالإضافة إلى الرئيس ميشال عون. يظهر هذا التاريخ أن بولس ليس شخصية سياسية مستقرة أو ذات التزام سياسي ثابت، بل لاعب مرن يسعى لتحالفات تحقق مصالحه الخاصة.

الدور الانتخابي والعلاقات مع ترامب

تزامن بروز بولس إعلامياً مع حملة ترامب الانتخابية، خاصة في ولايات مثل ميشيغان التي تضم جالية عربية ومسلمة كبيرة. قام بولس بدور وساطة بين ترامب والناخبين العرب والمسلمين الأميركيين، مستخدماً خبرته في التواصل، رغم أن سياسات ترامب السابقة كانت مناهضة في أغلبها لمصالح العرب والمسلمين، بما في ذلك دعم العدوان الإسرائيلي على غزة واعترافه بالقدس عاصمة لـ "إسرائيل".

أثار تعيينه مستشاراً رفيعاً للشؤون العربية والشرق أوسطية جدلاً حول جدية دوره وتأثيره الفعلي، وهناك شكوك فعلية حول إمكانية تأثيره على تغيير مسار سياسات ترامب التقليدية خصوصاً فيما يتعلق بدعم الكيان إن كان هذا ما وعد به بولس الناخبين العرب.

دوره الحالي في الملفات الإقليمية

رغم المناصب المعلنة، يقتصر دور بولس في ملفات حساسة مثل سوريا ولبنان على الظهور الإعلامي وتقديم رسائل سياسية مبسطة، بينما تبقى القرارات الأساسية بيد المسؤولين الأميركيين التقليديين، بما في ذلك المبعوثون العسكريون والدبلوماسيون المخضرمون. كما تعكس تصريحاته الأخيرة عن "ضرورة الحوار بين لبنان وإسرائيل، وتوسيع جهود السلام لتشمل سوريا"، محاولة لخلق صورة السلام الوهمي الذي يسعى ترامب إلى ترسيخه دون العمل فيه بالضرورة، لكنها لا تبدو مؤشراً على قدرة فعلية على إدارة الملفات المعقدة أو التأثير في سياسات البيت الأبيض.

منذ أيلول/ سبتمبر الماضي، ساهمت تحركات السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون والمبعوث آموس هوكشتاين في تصعيد التوترات السياسية والطائفية، في إطار ما يوصف بمحاولة رسم "لبنان ما بعد حزب الله". ويبدو أن إدارة ترامب، عبر بولس، تسعى لاستغلال النفوذ الخليجي المرتبط بواشنطن لخلق الفتنة والأزمات بين حزب الله وحلفائه من المسيحيين والمسلمين السنة، محاولين خلق انقسام داخلي يخدم مصالح السياسة الأميركية الإقليمية.

ورغم هذا الظهور الإعلامي لبولس، يستبعد المراقبون أن يكون له أي تأثير فعلي على الملفات التقنية المعقدة مثل مراقبة وقف إطلاق النار بين كيان الاحتلال وحزب الله، والتي يديرها جنرال أميركي بالتنسيق مع مراقبي الأمم المتحدة وقادة الجيش اللبناني. لأن هذه المهمة تتطلب خبرة ميدانية وسياسية عالية، وهو ما يجعل دور بولس محدوداً في هذا السياق.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور