الأربعاء 08 كانون الاول , 2021 05:19

34 عاماً ...زخم الانتفاضة لم يخمد!

انتفاضة الحجارة

34 عاماً على انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي كانت محطة استراتيجية من مراحل نضال الشعب الفلسطيني واعلاء النفس والصوت المقاوم من داخل فلسطين المحتلّة. وقد توحّدت الجبهات أثناءها لا سيما من القدس والضفة الغربية وصولاً الى قطاع غزّة، وكانت الشرارة الأولى لبدأ تنظيم البنية السياسية والعسكرية لفصائل جديدة دخلت خط المواجهة والصراع مع كيان الاحتلال وأهمها حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي التي انطلقت قبل الانتفاضة بشهرين.

أدوات الانتفاضة

عُرفت الحركات الشعبية التي اندلعت في الثامن من شهر كانون الأول عام 1987 "بانتفاضة الحجارة" إذ اقتصرت أدواتها الأولى على رشقات الحجارة فيما بدأت تتطوّر الأساليب تدريجياً وصولا الى السلاح البسيط.

 وتميّزت بأن الشباب والأطفال كانوا في صفوفها الأولى حيث كانوا يرشقون جنود وآليات الاحتلال بالحجر ويستخدمون الإطارات المشتعلة لنصب الحواجز في عرقلة لحركة وحدات جيش الاحتلال. وكانت السكين إحدى أدواتها التي طعن بها الفلسطينيون  أجساد جنود الاحتلال، وذلك بالإضافة الى الزجاجات الحارقة التي كانت ترمى على آليات الاحتلال بعد تجهيزها بمواد أولية متفجرة ومشتعلة. كما تمثّلت الانتفاضة بفعاليات  كالمظاهرات و"العصيان المدني".

وكانت أيضاً الرسومات على الجدران تعبيراً واضحاً لرسائل هذه الانتفاضة وشعاراتها في ظل غياب وتعتيم الاعلام الفلسطيني مقابل الاعلام العبري، فكانت وسيلة فعّالة في إيصال الصوت والرواية الفلسطينية. وكذلك برز دور للنساء الفلسطينيات.

أهميتها الاستراتيجية:

 أكدت الانتفاضة على وجود هوية وطنية وصمود فلسطيني، وساهمت في دخول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على وجه الخصوص مرحلة جديدة حيث كانت الميدان الأول لبناء وتأسيس كوارد المقاومة وبناء الخبرات والتجارب الأولى. وعبرّت الانتفاضة عن فهم عميق لمتطلبات المرحلة النضالية آنذاك ووعي الشارع الفلسطيني بالمشروع الإسرائيلي الغربي، كما أكدت على تلاحم الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.

والأهم أنها رسّخت المفاهيم الجهادية ومشروعية المقاومة من داخل فلسطين المحتلّة ونقشت في الذاكرة التاريخية الفلسطينية نموذجاً ثابتاً سيكون الأرضية في للانتفاضات والعمل المسلّح القادم.

أما على الصعيد الإقليمي والدولي، فقد أوصلت الانتفاضة حق الشعب الفلسطيني بدولة وكيان مستقل وأرض غير محتلّة، كما فضحت جرائم الاحتلال بحق هذا الشعب حيث استهد أكثر من 1200 فلسطيني من بينهم 241 طفلًا، بالإضافة إلى 90 ألف جريح، وتدمير وهدم حوالي 1228 منزلًا، واقتلاع 140 ألف شجرة من الحقول والمزارع الفلسطينية.

أسباب الاندلاع:

ان حالة الانتفاضة والمقاومة ليست سوى الرّد الطبيعي والمشروع على احتلال الكيان الإسرائيلي لفلسطين، كما مجازره المرتكبة بحق الفلسطينيين في أراضي الـ 48، لكن كان هناك أسباباً أخرى تمثّلت في تزايد بناء المستوطنات والقمع والتنكيلات اليومية بالإضافة الى التفتيشات عند الحواجز التي كثّفها الاحتلال لا سيما بين المناطق، ورفضاً للحصار والتشديدات الاجتماعية والاقتصادية، فيما مهّدت طريقها أعمال فدائية فردية تكثّفت في العام الذي السبق الانتفاضة مباشرة.

أما السبب المباشر كان الجريمة الوحشية للاحتلال حيث قام بعملية دهس عند حاجز بيت حانون في مخيم جباليا في قطاع غزّة أسفرت عن استشهاد 6 فلسطينيين.

تداعياتها على الاحتلال

لم تكن هذه الانتفاضة الصفعة الفلسطينية الأولى، لكنها مثّلت آنذاك تداعيات نوعية على الكيان الإسرائيلي حيث الحقت به الاضرار والخسائر البشرية، 160 جندياً قتيلاً، بالإضافة الى الخسائر الاقتصادية تمثّلت في تراجع في الاستثمارات تقدّر بمليار دولار. وكذلك كبّدت الانتفاضة تكاليف في ميزانية الاحتلال من حيث الانفاق العسكري والأمني.

الانتفاضة: مقاومة مستمرة

انتفاضة الحجارة التي استمرت لـ 6 سنوات لم تنتهِ فقط عند 13 أيلول عام 1993 اذ توارث  الجيل الجديد من الشباب الفلسطينيين زخمها ونفسها المقاوم والنضالي وارتقوا الى اهم القدرات العسكرية ولا سيما الصاروخية في قطاع غزّة، اما في الضفة والقدس فالعمليات الفدائية الفردية الـ 6 في الاسبوعيين الماضيين والتي كانت آخرها فجر اليوم تؤكد على ان شرارة اندلاع الانتفاضات لا تزال مشتعلة. 


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور