الخميس 15 كانون الاول , 2022 04:04

ما هي أولويات حماس للمرحلة المقبلة؟

مهرجان انطلاقة حماس "آتون بطوفان هادر"

حملت الانطلاقة الـ 35 لحركة المقاومة الإسلامية حماس، بمهرجانها تحت شعار "آتون بطوفان هادر" رسائل مهمة لكيان الاحتلال على مستويات عدّة. كما تخلّل المهرجان الجماهيري الكبير الذي أقيم على أرض الكتيبة غرب مدينة غزّة، كلمات لقيادات حماس وجناحها العسكري كتائب القسّام. وقد حدّدت الحركة عبر فعاليات المهرجان أولويات المرحلة المقبلة في الصراع مع الاحتلال.

أولاً: الأسرى على رأس الأولويات

لأوّل مرة، كان لافتاً ظهور عناصر من "وحدة الظل" بما تحمله من دلالات في قضية الأسرى، وهي وحدة من ضمن تشكيلات كتائب القسّام المختصّة بالأسرى الإسرائيليين وتأمينهم الى حين موعد صفقة التبادل. وقد رفع أحد العناصر سلاحاً يحمل الرقم 42852351 ويعود للجندي الأسير هدار جولدن منذ 1/8/2014، وقد اغتنمها المجاهدون خلال عملية الأسر بما يدحض ادعاءات الاحتلال بالتشكيك أساساً بوجود الجنود بحوزة "حماس".

وليست هذه هي المرة الأولى التي تقدّم فيها الحركة دليلاً على أسرها للجنود وترمي الكرة في ملعب الاحتلال الذي يراوغ في إتمام صفقة تبادل جديدة، ما أوقد نار انتقادات عائلات الجنود من جديد، اذ قال أخ الجندي تسور جولدن عقب هذا المشهد، "إن عرض السلاح الشخصي لأخي هدار مثل ضربة قاسية للعائلة"، وأضاف أن "ما يزيد ألم العائلة هو أن الدولة تتعامل باستهتار مع قضية الجنود الأسرى ولا تولي أي اهتمامًا بالجنود الذين أرسلتهم إلى ميدان المعركة رغم مرور أكثر من ثماني سنوات على وقوعهم في الأسر، إسرائيل لم تعيين حتى اللحظة مسؤولاً لملف الجنود الأسرى بعد استقالة يارون بلوم". واعترف بأن "حماس هي التي تحدد الثمن والطريقة – ونحن أمام معادلة إما أن ندفع الثمن أو نتجاهل الجنود الأسرى وما يترتب عليه من تحطم مبادئ المجتمع".

المهرجان تضمّن كلمة خاصة لقيادات الحركة في سجون الاحتلال (الهيئة العليا لأسرى حركة حماس) التي اعتبرت أن "ثقة الأسرى هي باتّخاذ المقاومة وقيادتها القرار لإنجاز واجب ينبغي أن تسعى لتحقيقه بكلّ ما أوتيَت من قوّة وإمكانات"، ولفتةً الى أنه "لا بدّ من تغيير سياسة التعاطي مع ملفّ حريتنا تغييراً جذرياً".

فيما أكّد ممثل "حماس" في غزّة يحيى السنوار أن "سنمهل الاحتلال وقتا محدودا لإتمام هذه الصفقة، وإلا سنغلق ملف الجنود الأربعة إلى الأبد، وسنجد طريقة أخرى لتحرير أسرانا بإذن الله"، كاشفاً عن جولات تفاوض سرية طالبت خلالها الحركة بالافراج عن معتقلي صفقة شاليط والأسيرات والأطفال والمرضى، وعلى رأسهم الأسير القائد ناصر أبو حميد، والأسير القائد وليد دقة، والجثامين المحتجزة والأسرى القدامى، مقابل منغستو والسيد (اثنين من الجنود الأربعة)".

ثانياً: كلمة محمد الضيف والتحرير

وبعد سنوات طويلة، خصّ قائد أركان كتائب القسّام "محمد الضيف" بكلمة مسجّلة خاصة، تحدّث فيه عن زوال كيان الاحتلال قائلاً " أيها الغرباء عن أرضنا لقد عجز أباؤكم المؤسسون وهم في قمة جبروتهم وانتمائهم لفكرة الصهيونية الخبيثة عن استئصال شعبنا أو طمس هويتنا فأنتم اليوم أعجز وأجبن من أن تنجحوا فيما فشل فيه آباؤكم وستكون نهايتكم وزوال كيانكم وكنسكم عن أرضنا هي غنيمتنا ووعد ربنا".

وتابع الضيّف " لتتوحد كل الرايات ولتلتئم كل الجبهات ولتفتح كل الساحات لهدف واحد وغاية كبيرة نبيلة مقدسة وهي تحرير فلسطين". وقد اختارت حركة "حماس" تطلعاً لهدف تحرير فلسطين خلفية صورية تظهر الجموع القادمة من كلّ العالم العربي والسلامي لتدخل الى القدس "المحرّرة". فيما لفت القائد السنوار الى إعداد العدّة والعداد للمرحلة المقبلة والمعركة مع الاحتلال، فشدّد "سنأتيكم بطوفان هادر وبصواريخ دون عد، وبطوفان جنود دون حد، وبملايين من أمتنا مدا بعد مد".

وقد حلّقت مسيرات "القسّام" محليّة الصنع في سماء غزّة بالتزامن مع المهرجان، للتأكيد على استمرار التصنيع والتطوّر العسكري في شتّى المجالات، وأنّ ما بدأ في الانتفاضة الأولى في بداية انطلاق حماس بالحجارة والسكين بات اليوم يرقى الى صناعات وتشكيلات تحاكي الجيوش النظامية.  

ثالثاً: الضفة والمقاومة وحكومة اليمين

حول سيطرة اليمين المتطرّف على مفاصل المستويات وصناعة القرار في كيان الاحتلال، أكّد السنوار "أننا سنكون خلال عام 2023 أمام استحقاقات كبرى، حيث قدرت استخباراتنا أن اليمين الصهيوني سيكسر كل الخطوط الحمراء". وأضاف أن "الحكومة الإسرائيلية بتطرفها قد فعلت نظام التدمير الذاتي، وبذلك تزداد قوة شعبنا وقواه الحية، وتزداد الفرصة لشعبنا ومقاومته ليذيقوا الاحتلال سوء العذاب".

ومن بين فعاليات الانطلاقة الـ 35 للحركة، أقامت كتائب القسّام مسيراً عسكرياً جاب شوارع جنين في ظل تصاعد مجموعات المقاومة التي تطرّق اليها السنوار بالقول إن كتيبة "مخيم جنين وكتيبة بلاطة وعرين الأسود، وعمليات مقاومة الاحتلال، وعدم السماح له باستباحة الضفة، وتصاعد المقاومة بكل أشكالها، هي السبيل الوحيد لتحقيق أهداف شعبنا".

كذلك، تخللت فعاليات الإحياء في الضفة، كلمة لنائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري، شدّد فيها أن الشعب الفلسطيني "متحفز ومحتشد خلف المقاومة وزحفها الذي شكله المقاومون من جنين إلى الخليل، وكل شعبنا في الداخل وغزة والخارج عنده الجاهزية أن يقاوم الاحتلال وفي مقدمتها المقاومة المسلحة". 

"واعتبر أن كل جيل يخوض معركته مع الاحتلال ويقدم إنجازه لشعبنا كما حدث في الانتفاضتين الأولى والثانية، ونحن الآن على موعد مع الجيل الجديد الرائع المتحفز البطل المقدام الذي لا يهاب الموت".

رابعاً: الوحدة الوطنية والفصائلية

شكّل المهرجان مساحة لتلاقي فصائل المقاومة الفلسطينية جميعاً ولكل أطياف الشعب الفلسطيني رافعين صور الشهداء من غزّة والضفة، وكانت تلك رسالة واضحة الاحتلال بعد محاولاته الأخيرة في زرع الفتن في الشارع وتفتيت الجبهة في غزّة وتحويل المعركة الى فصيل دون آخر. واعتبر رئيس دائرة العلاقات الوطنية في حركة "حماس" زكريا أبو معمّر أن استراتيجية الحركة ثابتة بحتمية الوحدة الوطنية، مضيفاً أن "حضور كل المكونات الوطنية للمهرجان هو رسالة وحدة حقيقية".

أمّا القائد السنوار فقد أشار الى أن الحركة " لم تختلف استراتيجيا يوما مع حركة فتح عندما كانت ترفع خيار الكفاح المسلح، واختلفنا فقط عندما سلكت مشاريع التسوية والتنسيق الأمني".  فيما أكّد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي نافذ عزّام أن "انطلاقة حماس لا تخصها وحدها بل تخصّ كل الشعب الفلسطيني وفصائله، وإنها أبلغ رد على الإرهاب والتطرّف الصهيوني".


مرفقات


الكاتب: مروة ناصر




روزنامة المحور