الإثنين 12 أيار , 2025 11:35

"زمان اسرائيل": يحيى السنوار لم يمت عبثا!

يحيى السنوار

بينما كانت المنطقة تتجه سريعاً نحو تحالفات جديدة بقيادة أمريكية تضم الكيان الاسرائيلي ودول الخليج، جاءت عملية "طوفان الأقصى" لتقلب الطاولة. حيث نجح الشهيد يحيى السنوار وقيادة المقاومة الفلسطينية في ضرب مشروع التطبيع في صميمه، وأعادوا القضية الفلسطينية إلى واجهة الإقليم والعالم. فالجهد الحثيث الذي قادته واشنطن لإقامة حلف إقليمي يجمع "إسرائيل" والسعودية والإمارات، بات مهدداً بالتفكك، إن لم يكن قد انهار فعلياً. ومعه، سُجلت نقطة استراتيجية لصالح حماس وجبهات المقاومة. وفي هذا السياق يقول الكاتب والباحث في شؤون الشرق الاوسط في موقع "زمان اسرائيل" بنحاس عنبري  في مقال ترجمه موقع الخنادق الإلكتروني أن يحيى السنوار لم يمت عبثا، وهو منتصر حتى في مماته بالنسبة لحماس والمقاومة، من خلال دفنه لمشروع التطبيع بين اسرائيل والدول العربية والذي كان على قدم وساق.

النص المترجم:

مع اقتراب الزيارة التاريخية للرئيس دونالد ترامب إلى السعودية والإمارات، تُطرح على الطاولة ثلاثة مواضيع مرتبطة بغزة: استئناف "الحرب المكثفة" مباشرة بعد الزيارة، صفقة تبادل أسرى، وتجديد المساعدات لغزة.

في الخلاصة، لا يبدو أن حرباً مكثفة على غزة ستتحقق – وهذا أمر جيد – لكن إذا لم تنتهِ الحرب في ظل الزيارة باتفاق جديد، ولم تُفعّل خطة المساعدات، فذلك يعني إغلاق ملف ما كان يُعتبر "سفينة الدبلوماسية الأمريكية" في الشرق الأوسط: محور الدول العربية السنية مع "إسرائيل". ونأمل أن لا يكون ذلك إلى الأبد.

ترددت في الكواليس أخبار عن عودة جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب، إلى النشاط السياسي، على الأرجح بهدف إنقاذ التحالف السعودي-الإسرائيلي. لكن إذا فشل هذا المشروع بالفعل، فإن يحيى السنوار، من وجهة نظر حماس، لم يمت عبثاً. الهدف الرئيسي من "طوفان الأقصى"، وهو إفشال مشروع التطبيع، قد تحقق. وحتى هذه اللحظة، فإن الحرب على غزة قد دفنت ما كان يُعتبر المشروع الأبرز للسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة.

عند النظر في جهود تجديد المساعدات لغزة، أول ما يُلاحظ هو غياب السعودية ومصر، ما يشير إلى أن التحركات في غزة تسير ضمن توجه جديد في العلاقات الأمريكية-السعودية – بدون "إسرائيل". فإذا كانت خطة إنقاذ غزة لا تشمل السعودية، فإن فرص نجاحها ضعيفة جداً.

وقد تبيّن أن السعودية تُعد خطة مساعدات خاصة بها، تتنافس مع الخطة المصرية، بما يتماشى مع مكانتها الجديدة كمحور للسياسة الأمريكية في المنطقة – بل وخارجها.

حتى الآن، لم تُعلن أسماء الشركات الأمريكية التي ستنفذ المساعدات، لأسباب مفهومة: من سيموّلها؟ وهل ستلتزم بالقانون الدولي؟

التجارب السابقة بتوزيع المساعدات خارج إطار الأونروا كانت بتمويل قطري. قطر تمتلك خبرة واسعة من خلال "اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة"، ومع أن هذه اللجنة لا تعمل في ظل الحرب، إلا أن قطر ما زالت تملك أدواتها ورجالها – وهم في معظمهم من حماس. بمعنى آخر، من يُحمّل قطر مسؤولية المساعدات، يبقي على حماس كقناة رئيسية للتوزيع – بعكس ما تدعيه "إسرائيل". لكن، وعلى خلفية فضيحة "قطرغيت"، قد يكون ذلك باتفاق ضمني مع "إسرائيل".

المنظمات المذكورة حالياً كمرشحة لتولي مسؤولية المساعدات هي: "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF) برئاسة ديفيد بيزلي، الحائز على جائزة نوبل للسلام، وشركة الأمن الأمريكية "سيف ريتش سولوشنز" (SRS).

حسب عدة مصادر، كانت قطر تموّل هذه الشركات، ومصر وافقت على ذلك مقابل أدوار لأشخاصها ضمن آلية المساعدات. لكن هذا انهار عندما خالفت "إسرائيل" التزاماتها في الاتفاق مع حماس، وجددت الحرب. مما يعني أن "اليوم التالي" في غزة بات مخصصاً لقطر، وليس لمحور "اتفاقيات أبراهام" مع السعودية ومصر.

لكن الآن، مع تصاعد فضائح "قطرغيت"، لم تعد قطر متحمسة لتمويل الشركات. أما الإمارات، فقد أبلغ مبعوثها قبل عام الحكومة الإسرائيلية بأنها انسحبت من أي دور مستقبلي في غزة. ولا يبدو أن هناك تغييراً في هذا الموقف، ويجب ترقب زيارة ترامب، وانخراط جاريد كوشنر، لرؤية إن كانت ستتغير مواقف دول الخليج.

ما هو الشرط لهذا التغيير؟ هنا تدخل المشكلة الثانية. ديفيد بيزلي شخصية تابعة للأمم المتحدة. وبحسب الخطط الحالية، من المتوقع أن تُركز مناطق المساعدات في جنوب القطاع – ما يعني، كما تفهمه الأمم المتحدة ودول عربية – أن "إسرائيل" تخطط لنقل سكان من شمال غزة إلى جنوبها. هذا المشهد يُفهم كـ"ترانسفير" لمجاعة، وهو ما يُضعف احتمال تنفيذ البرنامج. بل قد يُصنّف كجريمة حرب، ولا أحد يريد التورط في ذلك.

في ميزان الأمور، حتى تتضح الصورة بالكامل، فإن الحرب على غزة فجّرت مسار التطبيع بين "إسرائيل" والسعودية. وبذلك، من المفارقات القوية، أنه إذا لم يتغير الواقع – فإن حماس انتصرت.


المصدر: موقع زمان إسرائيل

الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور