الإثنين 12 أيار , 2025 04:03

الحروب غير المتماثلة: تجربة أولي البأس نموذجاً

معركة أولي البأس

أظهرت المقاومة خلال معركة أولي البأس قدرتها على التكيّف في الاستجابة للتغيرات الديناميكية التي ألحقها الكيان في مواجهة استراتيجية الردع غير المتوافق التي فرضتها المقاومة على مدى عقدين ونيّف تقريبًا. استطاعت المقاومة خلال تلك المدة بناء الاستراتيجية التي أثبتت فعاليتها من خلال تنامي شبكة المقاومة وقدرتها على تمثيل قوة إقليمية صاعدة.

خلال معركة أولي البأس خضع طرفا الصراع إلى قواعد اللعبة إلى حدًّ ما وبطريقة نسبية ومتفاوتة، كلّ من تموضعه السابق، بيد أنّ قواعد اللعبة انكسرت مع الاختلال في ميزان التأثير، وتغيّرِ الكفّة على حساب نقاط قوة المقاومة نتيجة المباغتة والخرق التكنولوجي. استثمرت المقاومة ما تملك من استراتيجية متماسكة في الاستجابة بمرونة للعبة الجديدة "غير المنضبطة القواعد" التي حاول العدو فرضها. واستفادت المقاومة من عامل القدرة على امتصاص الضربات وتفادي تأثيرها مع القدرة على استمرار توجيه رسائل الإيلام بشروط المقاومة الزمانية والمكانية.

حوّلت المقاومة المعركة إلى جولة في ضبط النفس وتحمّل الهجمات في سياق انتزاع تنازلات وضبط درجة العدوانية بما يحد من مزايا الطرف العدواني فيها. استراتيجية الردع غير المتوافق نموذج تتكامل فيه آليات تغيير توازن الضعف من خلال تقليل التعرّض للتفاعلات واستمرار ضمان القدرة على شنّ الحرب، وإذ تشرّح الدراسة المرفقة أدناه آليات عمل كل من طرفي الصراع في حرب أيلول 2025، تتّضح الرؤية العملية للاستراتيجية من منظوري المقاومة والكيان المؤقّت بما يسمح ببلورة استراتيجية معدّلة تلحظ المتغيرات الأخيرة في استجابة العدو.

تتوزع القدرات العسكرية وغيرها بشكل غير متوازٍ في حالات الردع غير المتماثل، ما يرجّح معه نجاح الردع، فالردع غير المتماثل مداره طرفين أحدهما أقوى من الآخر، يلجأ الطرف الأضعف إلى استراتيجية الردع غير المتماثل حتى يحقق الردع. ويشير الردع غير المتماثل إلى حالة "يفكر فيها أحد الطرفين بجدية في شن هجوم، بينما يُصعّد الطرف الآخر تهديده لمنعه". تستخدم استراتيجية الردع غير المتماثل وسائل وأساليب غير متوقعة لتحييد نقاط قوة الخصم واستغلال نقاط ضعفه لمنع الطرف الآخر من الرد. يُمثَّل ردع المُتحدِّي من قبل المُدافع بربط صريح بين عدم اليقين ومصداقية التهديدات الانتقامية واستقرار علاقة الردع غير المتماثل

يشكّل كتاب دانييل سوبلمان (Sobelman) الجديد مرجعًا حول الاستراتيجية، وعنوانه:  Axis of Resistance: Asymmetric Deterrence and Rules of the Game in Contemporary Middle East Conflicts. وعلى الرغم من أن الكتاب تحوّل للطباعة في أواخر العام 2024، تموز 2024 حسب تأريخ مقدمة الكاتب، أي خلال معركة الإسناد لكن قبل معركة "أولي البأس"، وكذلك تركيز فصول الكتاب على الأحداث التي سبقت حرب إسرائيل وحماس، إلا أن الكتاب مرجع تحليلي لآليات عمل كل أطراف المحور في تطبيق الاستراتيجية. والملفت أن الكاتب أشار في خاتمة المقدمة إلى أن بعض مواضيع الكتاب التجريبية ستُعتبر الآن سردًا تاريخيًا بصيغة الماضي، لكنه يلفت النظر إلى أنها "تُشكل موردًا هامًا للتطورات المتغيرة في المنطقة. كما ستُشكل مرجعًا تحليليًا مفيدًا يُمكّن القراء والباحثين المستقبليين من تقييم تطور الصراع ونتائجه النهائية".

 تشرّح هذه الورقة المرفقة أدناه، أول فصلين من الكتاب: الفصل الأول وعنوانه "منطق قواعد اللعبة غير المتكافئة"، والفصل الثاني الخاص بمواجهة المقاومة للكيان المؤقت في جنوب لبنان. وترتكز الورقة على هذين الفصلين في مضمون أول عنوانين منها: الأول يعرض الإطار النظري والمفاهيمي للاستراتيجية؛ والعنوان الثاني هو الإطار العملي لنهج "الاستراتيجية غير المتكافئة" لدى حزب الله بخصوص جبهة الإسناد حصرًا. يشكّل هذان العنوانان ركيزة عمل الورقة في مناقشة المتغيّرات التي لحقت بالاستراتيجية وتداعياتها خلال معركة "أولي البأس". وعليه، تحلّل الورقة في العنوان الثالث منها التغيّر في ديناميكية المواجهة بين الكيان المؤقّت وحزب الله وتأثيره على الاستراتيجية في معركة "أولي البأس" بالاستناد إلى ما أسّس له سوبلمان قبل المعركة، وتتوقف عند محطتين: الأولى آليات عمل العدو في مواجهة معركة "أولي البأس"، والثانية آليات عمل المقاومة مع "سهام الشمال".

لتحميل الدراسة من هنا





روزنامة المحور