ستيفن ميلر شخصية سياسية أثارت الكثير من الجدل خلال الأعوام الماضية. وُلد ميلر في 23 آب/ أغسطس العام 1985 في سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا، ونشأ في عائلة يهودية تنحدر من أصول مهاجرين روس. في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست في شباط/ فبراير العام 2017، تحدث ميلر عن تأثير نشأته قائلاً: "كنت دائمًا مشغولًا بفكرة أن الدولة يجب أن تحمي هويتها الوطنية، وأن الهجرة غير المنضبطة خطر على الاستقرار".
التحق ميلر بجامعة ديوك وتخرج العام 2007 بتخصص العلوم السياسية. وهناك، لفتَ الأنظار بسبب مقالاته التي انتقد فيها ما اعتبره "ثقافة الضحية" المسيطرة على الجامعات الأميركية. خلال دراسته، تعاون مع ديفيد هورويتز، الكاتب المحافظ المعروف بمواقفه ضد التعددية الثقافية، وهو ما ترك أثرًا عميقًا على رؤيته للعالم.
بعد تخرجه، عمل ستيفن ميلر في مكاتب عدد من النواب المنتمين للحزب الجمهوري، بينهم النائبة ميشيل باكمان، ثم التحق بفريق السيناتور جيف سيشنز. ومن خلال عمله مع سيشنز، ساهم في صياغة خطابات تشدد على أهمية ضبط الهجرة، وهي الأفكار التي سيحملها لاحقًا معه إلى البيت الأبيض. وفي مقال لمجلة The Atlantic العام 2017، قال سيشنز عن ميلر: "لم أرَ في حياتي شخصًا بهذا القدر من التركيز على قضية الهجرة، إنه يعتبرها مسألة مصير وطني".
خلال حملة دونالد ترامب الرئاسية العام 2016، أصبح ميلر من المستشارين المقرّبين، إذ ساعد في كتابة العديد من خطابات المرشح الرئاسي، خاصة تلك التي تحدث فيها ترامب عن ضرورة بناء الجدار الحدودي مع المكسيك وفرض قيود على المهاجرين. وبعد فوز ترامب، عُيّن ميلر مستشارًا كبيرًا للشؤون السياسية ومديرًا لسياسات الخطاب السياسي. وقد وصفته نيويورك تايمز في شباط/ فبراير العام 2017 بأنه "العقل المدبّر وراء الكثير من أوامر الهجرة التنفيذية".
من أبرز السياسات التي ارتبط اسمه بها: قانون "حظر المسلمين" المتعلق بمنع دخول مواطني 7 دول مسلمة إلى الولايات المتحدة، حيث كان القوة الدافعة وراء إصدار هذا القانون، وكان ميلر في مقالاته ونشاطاته العامة يؤكد أن الولايات المتحدة تخوض حربًا وجودية مع "الإسلام الفاشي"، وأن الجامعات الأميركية باتت عاجزة عن إدراك هذا التهديد بسبب ما وصفها بسيطرة الفكر اليساري عليها الذي تسامح مع الإسلام وأفسح له الطريق. تعكس مواقف ميلر رؤيته للإسلام بوصفه تهديدًا ثقافيًا وأمنيًا.
مع مرور الوقت، أثار نفوذه داخل البيت الأبيض انقسامًا بين كبار الموظفين في الإدارة الأميركية. البعض رأى أنه يدفع الإدارة نحو مواقف متطرفة تضر بصورة الولايات المتحدة عالميًا. في المقابل، اعتبره أنصاره صوتًا صريحًا يعبّر عن مخاوف المواطن الأميركي تجاه الهجرة غير الشرعية.
بعد انتهاء ولاية ترامب الأولى، أسس ميلر منظمة America First Legal، وهي مجموعة تهدف للطعن في سياسات الرئيس السابق جو بايدن، خصوصًا تلك التي تلغي قرارات ترامب بشأن الهجرة واللجوء. ويواصل ميلر الظهور إعلاميًا، مدافعًا عن رؤيته التي يرى أنها تحمي أميركا من الفوضى والتهديدات الخارجية.
تعرّض ميلر لانتقادات عنيفة من منظمات حقوقية اعتبرت سياساته عنصرية ومعادية للقيم الأميركية. على سبيل المثال، نشرت منظمة Southern Poverty Law Center تقريرًا وصفته فيه بأنه "المهندس الأكثر خطورة لسياسات كراهية المهاجرين في جيل كامل".
يعتبر ستيفن ميلر شخصية محورية في فهم موجة الشعبوية القومية التي اجتاحت الولايات المتحدة خلال العقد الماضي، واليوم يظهر ميلر بجوار ترامب في العديد من المناسبات العامة، وفي البيت الأبيض، حتى إنه يبدي آراءه في التغريدات التي يُطلقها ترامب على منصته تروث سوشيال. ومن اللافت أن قربه وخطورة وظيفته الحساسة في البيت الأبيض لها تأثير ضخم ومباشر على رؤية الرئيس الأميركي ترامب تجاه قضايا الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن ميلر لم يكن مهندس سياسة الشرق الأوسط مثل كوشنر أو بومبيو، لكنه ساعد في تأطير الرؤية العقائدية للإدارة، عبر مقاربة قومية متشددة دعمت محور التحالف مع إسرائيل ودول الخليج في مواجهة إيران، إذ دعم مواقف ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وفرض عقوبات قصوى عليها. بالإضافة إلى ذلك، ساهم ميلر في تبرير سياسات الحظر والتقييد بحق لاجئي الشرق الأوسط، وكتب نصوصًا وخطابات شكّلت الصورة الإعلامية لهذه السياسات.
الكاتب: غرفة التحرير