الإثنين 12 أيار , 2025 04:01

بالنسبة لأمريكا: تدمير قدرة حزب الله على تصنيع السلاح هي الأهم

ترامب وسلاح حزب الله

منذ أن طُرح موضوع سلاح المقاومة بعد نهاية معركة أولي البأس، خاصةً من قبل رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون، عبر خطاب القسم أمام مجلس النواب. بات هذا الموضوع هو أساس تفاعلات لبنان الخارجية، خاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية وما يتبعها من دول عربية وأجنبية.

فالمعسكر الأمريكي الإسرائيلي، الذي لم يستطع خلال 64 يوماً، من القضاء على المقاومة وإنهاء وجودها، رغم كل التضحيات التي لحقت بها وبجمهورها. يحاول اليوم من خلال الضغوط السياسية، ومن خلال "الابتزاز" عبر ملفي المساعدات الخارجية وإعادة الإعمار، تحقيق الأهداف السياسي التي لم يستطع العدوان الإسرائيلي تحقيقها في عدوانه الأخير. ويساعده على ذلك بعض المسؤولين وبعض الجهات الحزبية اللبنانية (تحديداً القوات اللبنانية)، التي ما كانت يوماً ذات مشاريع وطنية، بل كانت مشاريعها دائماً، ذات طابع فئوي فتنوي لصالح الخارج، وتحديداً لصالح أمريكا والكيان المؤقت. وهي تستثمر – أي القوات اللبنانية - بموضوع "سلاح الحزب والمقاومة"، من خلال إثارة مخاوف المكون المسيحي منه تحديداً، لأنها مدركة تماماً، بأنها ستفشل في جذب الجماهير لها من خلال الأساليب الديمقراطية (تقديم برامج عمل تنال على أساسه حق تمثيلهم في الدولة)، فهي لم تستطع الإيفاء بأي وعد قطعته على هذا الصعيد (سواء كان الوعد إنمائياً أم اقتصادياً).

ومن جهة أخرى، فإن ما هو مطلوب بالنسبة لأمريكا حول هذا الموضوع بحد ذاته وجزئياته أي "تسليم المقاومة لسلاحها" - وبعيداً عن قرار المقاومة - يختلف تماماً عما تروّج له القوات وغيرها، من تسليم كامل للسلاح، وهذا بحدّ ذاته خديعة كبرى تمارسها القوات بحق جمهورها. فالإدارات الأمريكية كما صار معلوماً ومتداولاً بشكل واسع، تُريد من حزب الله 3 أمور فقط:

1)تسليم الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى (فهي لا تُمانع بقاء حتى صواريخ غراد وكورنيت وغيرها من الأسلحة المتوسطة والخفيفة مع الحزب، فهي جلّ ما تريده عدم بقاء قدرات لدى المقاومة باستهداف عمق كيان الاحتلال الإسرائيلي).

2)تسليم الطائرات المسيرة التي تُهدّد الكيان بشكل جدي، وتصل الى مديات بعيدة. وعليه فإن مسيرات المقاومة ذات مهام استخباراتية ليست من أولويات واشنطن.

3)إغلاق منشآت التصنيع التابعة للمقاومة، خاصة المتعلقة بالصواريخ والطائرات المسيرة.

ولعلّ النقطة الثالثة، هي الأهم والأخطر من بينهم وذلك للأسباب التالية:

_وجود هكذا قدرات تصنيعية لدى حزب الله، يقلّل من إمكانية قضاء إسرائيل عبر الهجمات الجوية (القصف الاستراتيجي) على صواريخ ومسيرات حزب الله (لوجود هذه المنشآت بطبيعة الحال في أماكن محصنة للغاية)، وهذا ما يزيد من تكاليف أي حرب أو عدوان استباقي على كيان الاحتلال.

_ تتيح هذه القدرات للحزب من كسر أي نوع من الحصار المفروض عليه، مهما كانت شدة الحصار (كما هي حال المقاومة الفلسطينية في غزة)، وبالتالي بناء قوته وقدراته دون الحاجة الى استيراد الأسلحة من الخارج (بكميات ضخمة ووفق ظروف وتهديدات خطرة).

_تمكين الحزب من خوض جولات تصعيد، والصمود لأطول مدّة ممكنة، من خلال استمرار تجديد مخزوناته من الأسلحة الضرورية لاستمرار المعركة مع كيان الاحتلال.

_ تأسيس مسار تطويري داخلي لأسلحته بحسب الحاجات العملياتية، لناحية زيادة المدى أو القدرات التدميرية للأسلحة أو تطوير الدقة للصواريخ. فعندما تكون منشأة التصنيع محلية، وبوجود الكوادر الفنية المحلية، يمكن للحزب إجراء مسارات لتطوير أسلحته المختلفة، وفقاً لتجارب الميدان بمرونة أكبر.

_الأسلحة المُصنَّعة محليًا تُتيح الكميات والتخصيص. يستطيع حزب الله إنتاج كميات كبيرة من الذخائر التي تُناسب احتياجاته الاستراتيجية دون الاعتماد على جداول زمنية أو نماذج إنتاج أجنبية.

_ توفير مسارات آمنة لحركة الأسلحة من المصنع الى المخزن، دون القلق من مسارات الاستيراد.

_يمكن أن تُصبح صناعة الأسلحة المحلية أساسًا لمزيد من التقدم في مجالات الحرب الإلكترونية، والقدرات السيبرانية، والدفاع الجوي - وهي مجالات لطالما كانت قدرات جهات المقاومة فيها بحاجة الى التحسين والتطوير.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور