السبت 21 أيار , 2022 02:05

لماذا تعارض تركيا عضوية فنلندا والسويد في الناتو؟

رجب طيب أردوغان

لم تتغير السياسات الخارجية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولن تتغير، مهما ادعى هو ومناصروه عكس ذلك. سياسات قائمة على المصالح الذاتية فقط لا غير، بحيث لا مكان للإيديولوجيا والمعتقدات أو حتى للصداقات. ففي كل موضوع أو حدث ما، سيتجه الرئيس أردوغان للعبة الأحبّ على قلبه، وهي إجراء الصفقات والمفاوضات.

وهذا أبرز وأهم الأسباب، التي يمكن لنا استشفافها من معارضة أردوغان الأخيرة، لتقديم فنلندا والسويد طلباتهما للانضمام الى حلف شمال الأطلسي – الناتو كأعضاء، بتحريض من الولايات المتحدة الأمريكية وباقي الدول الغربية، تحت ذريعة تداعيات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. هذه الخطوة المستفزة التي ردّت عليها روسيا اليوم بشكل أولي، بقطع الغاز عن فنلندا، وردّت عليه أيضاً من خلال إعلان وزير دفاعها "سيرغي شويغو"، عن إنشاء بلاده 12 قاعدة عسكرية في المنطقة الغربية منها (المقابلة لفنلندا والسويد).

وبالعودة الى الموقف التركي، فإن سلطات أنقرة قد أعلنت رفضها مساعي هاتين الدولتين، للانضمام إلى عضوية الناتو، وهو ما يشكل عقبة كبيرة، بحيث يحتاج قبول طلباتهما الى موافقة الدول الأعضاء الـ 30. ويعود رفض الحكومة التركية الى ذرائع عدة، توحي الى مطالبها بشكل غير مباشر:

_اتهم أردوغان الدولتين بأنهما تدعمان "الإرهاب"، وأنه لا يوجد لديهما أي موقف واضح ومفتوح تجاه من وصفها بالمنظمات الإرهابية، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني والجماعات الكردية المسلحة الأخرى النشطة في تركيا ومحيطها. وفي اليوم نفسه، انتقد وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو الدولتين، لعدم تسليمهما مشتبه بهم مطلوبين في تركيا، بالرغم من طلبات أنقرة ذلك. والأشخاص المطلوبون قد تم اتهامهم بوجود صلة بينهم وبين حزب العمال أو بحركة غولن (المتهمة في محاولة الانقلاب عام 2016 التي أدّت الى مقتل مئات الأشخاص).

_ كما استهدف أردوغان السويد في تصريحاته، بسبب عقوبات الأخيرة على مبيعات الأسلحة الى تركيا، منذ العام 2019، بسبب عملياتها حينها ضد المناطق الشمالية لسوريا(ذو الغالبية السكانية الكردية).

_ هناك تلميح أيضاً، برغبة تركية في ابتزاز أمريكا، واستخدام رفضها كرافعة لإصلاح المشكلات الملحة مع واشنطن، وأهمها حلّ ملف العقوبات الأمريكية، التي فرضت على إثر تفضيل تركيا لشراء منظومة الدفاع الجوي الروسي S-400 على صفقة طائرات F-35 المقاتلة الأمريكية الصنع.

أما ثاني القضايا العالقة مع الإدارة الأمريكية، فهي دعم واشنطن للجماعات الكردية المسلحة في سوريا، أي قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بـ"قسد". لذلك يأمل أردوغان بالسماح له في إنشاء منطقة آمنة شمالي سوريا، بدعم أمريكي.

وعليه، يبدو أن تركيا ستزيد معضلةً جديدة على مسار علاقتها مع روسيا، والتي كان آخرها منع طائرات موسكو العسكرية المتوجهة الى سوريا من المرور في أجوائها. فهي معروفة تاريخيًا، بأنها لم تعطّل أبدًا إجماع الناتو، أو تصرّ على استخدام الفيتو الذي ستظل تستخدمه كورقة قوة في التفاوض. وبالتالي ستتحجج لروسيا بأنها فاوضت الحلف كما يفعل الأعضاء الآخرون، بما يتماشى مع مصالحها الوطنية. وعندها كيف سيكون رد روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين؟!


الكاتب: علي نور الدين




روزنامة المحور