الخميس 27 كانون الثاني , 2022 01:28

منظمة سرية اسرائيلية عملت في لبنان: انهض واقتل أولا

المنظمة الاسرائيلية الارهابية: "جبهة تحرير لبنان من الغرباء"

عملت منظمة إسرائيلية إرهابية في لبنان ما قبل الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 وفي بدايته، كتب عنها المؤلف الإسرائيلي رونين برغمان في كتابه الصادر عام 2018 " انهض واقتل أوّلاً: التاريخ السرّي لاغتيالات إسرائيل المُوجَّهة"، وكشف العديد من أعمالها وأهدافها. فما هي هذه "المنظمة"؟

تعريف "المنظمة" الإرهابية

"جبهة تحرير لبنان من الأجانب" (FLLF) أو جبهة تحرير لبنان من الغرباء، وبحسب الكاتب الاسرائيلي برغمان فإن الجبهة كانت "منظمة إرهابية تديرها إسرائيل في لبنان في الأعوام 1980-1983". وكشف برغمان أن رئيس أركان جيش الاحتلال الجنرال رافييل إتان وبالتعاون مع مسؤول المنطقة الشمالية الجنرال أفدغور بن غال، والخبير في العمليات الخاصة الذي أصبح لاحقاً رئيس جهاز "الموساد"، الجنرال ماير داغان، هم من أسسوا هذه "المنظمة". وأوكل إليها القيام بعمليات إرهابية في الأراضي اللبنانية، بهدف القتل وبث الذعر والفوضى بين المدنيين دون ترك بصمات إسرائيلية. وقد انطلقت تحديداً في أعقاب هجوم نهاريا عام 1979 الذي نفذته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكان من بين الافراد المنفذين للهجوم عميد الأسرى اللبنانيين في سجون الاحتلال الشهيد سمير القنطار.

عملت هذه المنظمة الى جانب القصف الجوي الإسرائيلي على مراكز منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، حيث أقدمت على استخدام أساليب السيارات المفخخة وزرع العبوات الناسفة. وتركزت هجماتها في مناطق بيروت الغربية وصيدا وطرابلس وشكا. وعن تورطها خلال الحرب الأهلية اللبنانية، فقد نفّذت المنظمة عشرات العمليات بواسطة السيارات المفخخة ضد الفلسطينيين وبعض الشخصيات والقوى اللبنانية، وطالت عملياتها متعاونين مع منظمة التحرير الفلسطينية لا سيما في منطقتي صور وصيدا والمخيمات الفلسطينية، وتسببت بسقوط عدد كبير من الضحايا والشهداء. وقد استخدمت "المنظمة" متفجرات مخبأة في غالونات زيت ومعلبات صُنّعت في ورشة في "كيبوتس ماحاناييم" في فلسطين المحتلة حيث يسكن أفدغور بن غال.  وقد غطّت الصحف الامريكية تلك العمليات واصفة المجموعة "بالسرية".  

ومن تلك العمليات الإرهابية التي نفذتها في لبنان:

_ في أيلول عام 1981، استهدفت سيارة مفخخة بـ 300 كيلوغرام من مادة TNT خارج مقر اجتماع لمجموعات من الفلسطينيين واللبنانيين في بيروت ما أدى الى استشهاد 4 منهم بالإضافة الى 23 من المدنيين وجرح 93 آخرين.  

_ وفي أيلول أيضاً من العام نفسه، انفجرت قنبلة في مصنع اسمنت في شكا كان يتردد عليه الفلسطينيون، ما أسفر عن استشهاد 4 الى 10 أشخاص وإصابة 8 آخرين.

_ فجّرت "المنظمة" سيارة مفخخة في منطقة "حي السلّم" في الضاحية الجنوبية لبيروت ما أدى الى استشهاد 4 من المدنيين، وأفادت القوى الأمينة اللبنانية آنذاك ان عبوة ناسفة انفجرت قبل وصول السيارة الى هدفها الحقيقي.

_ في تشرين الأول، سيارة من نوع "بيجو" محمّلة بحوالي الـ 100 كيلوغرام من المواد المتفجرة استهدفت مكاتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في منطقة بيروت الغربية، ما أسفر عن استشهاد 50 وإصابة 250 آخرين.

_ في بداية العام 1983، نفذّت "المنظمة" تفجيراً استهدف مقر منظمة التحرير في منطقة شتورة أدى الى استشهاد 40 شخصاً.

_ في السادس من شباط عام 1983، وقع تفجير بسيارة مفخخة طالت مكتب "مركز الأبحاث الفلسطيني" في بيروت الغربية أدى الى استشهاد 20 شخصاً وإصابة ما لا يقل عن 115.

_ كما وقع في شهر آب تفجير في منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت أسفر عن استشهاد 12 شخصاً وجرح 80 آخرين.  

ومن بين الأعمال الإرهابية لهذه "المنظمة"، كان التجهيز لعملية تحت اسم "أولمبيا"، لكنها أُلغيت لأسباب مجهولة، ثم انتقلت إلى مخطط "أولمبيا 2" لاستهداف مكان احتفال منظمة التحرير بذكرى انطلاقتها. وقد تمّ تجهيز شاحنة بنحو 1.5 طن من المتفجرات، وغيرها من السيارات المفخخة. لكن شارون والجنرالات المؤسسة لهذه "المنظمة" لم يتمكنوا من الحفاظ على السرية التامة لهذه العملية. وعلم رئيس وزراء الاحتلال مناحيم بيغن الذي دعا إلى اجتماع طارئ فجر يوم الاحتفال وأوقف العملية. حيث تخوف بيغن من مقتل السفير السوفياتي الذي كان مدعواً إلى الاحتفال، ما قد يؤدي إلى أزمة كبيرة جداً مع الاتحاد السوفياتي.

تأمين ذريعة الاجتياح الإسرائيلي

يقول الكاتب الإسرائيلي برغمان، ان هدف تلك "المنظمة" وأعمالها كان تحريض الفلسطينيين على الرد العسكري وقصف الاراضي الفلسطينية المحتلة، لتعمل "إسرائيل" على ادانتها باعتبار أنها "عمليات إرهابية"، وبالتالي استخدامها كذريعة لقصف الأراضي اللبنانية. فقد كان وزير حرب الاحتلال آنذاك أرئيل شارون يأمل أن تدفع العمليات الإرهابية رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات إلى الرد الانتقامي ضد "إسرائيل" أو الكتائب اللبنانية. ما يعطي حُجّة لقوات الاحتلال باجتياح لبنان "دفاعاً عن المسيحيين"، كما كان يريد شارون ان يجعل المجتمع الدولي يتبنى الاقتراحات الإسرائيلية بشأن "مفهوم الإرهاب". لكن عرفات تنبّه لهذه الاستراتيجية ولم يلجأ إلى الرد. ما أفقد شارون صبره. لذا، عملت الجبهة على تكثيف عملياتها.

ورغم السرية التامّة لم يتمكن الجنرالات الثلاثة من ابقاء مخططهم سرياً، إذ إن بعض المسؤولين في شعبة الاستخبارات العسكرية، "آمان"، اعترضوا، لكنهم لم يتمكنوا من ايقاف المخطط. وقد احتج نائب وزير الحرب آنذاك مرداخاي تسيبوري، متهماً بن غال بالقيام بأعمال لم تأخذ الموافقة المسبقة من الحكومة، لا سيما بعد علمه باعتداء نفّذ بواسطة سيارة مفخخة في صيدا في شهر أيار في العام 1980 راح ضحيته العديد من النساء والأطفال الشهداء.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور