الخميس 11 تشرين ثاني , 2021 02:28

أحمد قصير: بالدم والبارود والنار رسم نهاية "إسرائيل"

أحمد قصير

11 تشرين الثاني عام 1982، كان الحاكم العسكري الإسرائيلي في مبناه المحصن في مدينة صور، يتأمل خارطة لبنان، البلد الذي يمكن "احتلاله بفرقة موسيقية" وفق تعبير وزير الحرب الإسرائيلي موشيه دايان، لكن فتى في 18 من عمره كان له رأي آخر وقوة هائلة ومثالية على الاقناع، بالدم والبارود والنار، باللغة التي تفهمها "إسرائيل" تماماً.

الاستشهادي أحمد قصير، الاسم الذي بقي مجهولاً حتى 19 أيلول 1985، مع وضوح تفاصيل العملية وأهدافها وتداعياتها. تلك التي جعلت وزير الدفاع الإسرائيلي والمشرف على الحرب أرييل شارون، يقف على أنقاض مبنى الحاكم باكياً تبددَ مشروعه في احتلال البلاد.

كانت الساعة قرابة السابعة، أي في الوقت الذي ينتهي فيه دوام الدوريات الليلة وتبدأ عمليات التبديل، ما يعني وجود عناصر التبديل الليلي والنهاري في المبنى إضافة للبقية. وكان مبنى مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي المؤلف من 8 طبقات، تحتوي على مكاتب تابعة لمخابرات جيش الاحتلال، فيما خصص أحد الطوابق كمقر لوحدة المساعدة التي تتبع للقيادة العسكرية في المنطقة، والطابق الرابع كمقر لمبيت الضباط والقادة والذي يبلغ عددهم إضافة للجنود 141 عنصراً، والموكل إليهم القيام بمهام لوجستية وتنسيقية والارتباط. كانت العمليات الادارية داخله تستمر بإجراءاتها الروتينية في إدارة المجازر والعمليات العسكرية، عندما اقتحمت سيارة بيضاء اللون مفخخة بعبوة ضخمة، اجتازت الحواجز الأمنية، وأطبقت المبنى على من فيه ومن بينهم الحاكم العسكري، في عملية كانت البداية لمرحلة جديدة لم يكن كيان الاحتلال قد حسب لها حساباً.

فاتح عهد الاستشهاديين

عام 2001، أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ان هذه العملية "هي اول عملية استشهادية من هذا النوع في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني، والمرة التي يركب فيها شاب سيارة مليئة بالمتفجرات ويقتحم قلعة من قلاع العدو ويدمرها، وهذا يعني أن العملية سنّت سنّة حسنة في مجال العمل الجهادي التي له أجرها وأجر من عمل بها، لذلك كنّا نرى وجه أحمد قصير مع كل استشهادي في لبنان يقتحم قلاع وقوافل العدو وما زلنا نرى وجه أحمد يقتحم المجمعات العسكرية ومجتمع العدو في فلسطين... من يذكر تلك الأيام التي تميّزت بالتفوق الصهيوني والعلو، حتّى انّ الواحد منّا ما كان ليجرؤ أن يحلم بمواجهة الإسرائيليين.. لكن بعد أشهر قليلة يفاجأ الصهاينة بهذا النوع الجديد من العمليات الذي لا يمكن استيراده لا من الولايات المتحدة ولا من الاتحاد السوفياتي، هذا النوع لا يمكن أن يصنع إلاّ من قيم وشرف هذه الأمّة".

كانت العملية التي أعلنها حزب الله يوماً تكريمياً لشهدائه، بمثابة منعطف حاد في مسار العمليات العسكرية ضد الوجود الإسرائيلي في لبنان، وليس فقط لجهة كمية الخسائر التي تكبدها كيان الاحتلال وقتها، والتي كانت تعد الأضخم والأكبر في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي كما وصفها السيد نصرالله، بل بالنهج الجديد الذي رسخ عند الشباب المقاوم والبيئة الحاضنة المقاوِمة والوطنية، في لبنان وخارجه، والذي لم يستطع كيان الاحتلال إلى اليوم أن يجد له حلاً، ولا زال طيف أحمد قصير يلاحقهم.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور