الخميس 11 تشرين ثاني , 2021 10:33

بعد مأرب.. حضرموت خزّان الغذاء والماء والثروة النفطية

وادي الذهب في حضرموت

حضرموت أكبر محافظة في اليمن تحتضن 65% من ثروتها النفطية، كما أنها تُعد من أكبر مناجم الذهب الغالي في العالم، وتسيطر الإمارات على معظم مناجم الذهب فيها، ومنذ العام 2013 تستغل شركة تعدين  الاماراتية "ثاني دبي للتعدين"، مناجم حضرموت التي وصلت طاقتها الإنتاجها من الذهب الصافي والغالي بحسب موقع "الخليج أون لاين" إلى 2.2 مليون أوقية، والتي سترتفع خلال السنوات القليلة القادمة إلى نحو خمسة ملايين أوقية من الذهب. علمًا بأن المساحة الأكبر التي يوجد فيها الذهب اليمني هي في منطقة الحارقة بمحافظة حجة، والتي يبلغ احتياطي اليمن منها 31.6 مليون طن، بينما النسبة الصغرى في وادي مدن في حضرموت، وفيه احتياطي يبلغ 30 ألف طن، وقد وثقّت هذه الإحصائيات بشكل رسمي الهيئةُ العامة للمساحة الجيولوجية والثروات المعدنية اليمنية. 

هي كنوز اليمن، التي لا يستفيد منها الشعب اليمني، في وقت تطالب به الأمم المتحدة بتخصيص مبلغ 3.85 مليار دولار لتمويل المساعدات الإنسانية فيه، وتحاول السعودية ما قبل الحرب على اليمن الإبقاء عل السيطرة عليه وتتقاسم السلطة مع الإمارات، التي كانت تستثمر في ميناء عدن، واليوم تبسط سلطتها على محافظة حضرموت وعدن وجزيرة سقطرى التابعة لها، وجزيرة ميون التابعة لمحافظة تعز، على الرغم من إعلان إنسحابها من اليمن.

إن أهمية حضرموت بالنسبة لليمن لا تقف عند كونها أكبر منجم للذهب، أو أنها أكبر منتج للنفط أو للثروات المعدنية اليمنية، فحضرموت تعتبر خزان اليمن الغذائي والمائي، لما وقد نشر موقع الأيام تقريرأً كاملاً عن حجم المياه الجوفية في حضرموت وحدها. في حين أن باقي أحواض اليمن صغيرة نسبياً وهي ترتبط بحجم الأمطار الموسمية، وهناك مع الأسف سوء استخدامها وتسريب المياه الملوثة الصناعية والمنزلية إليها، كما اشارت العديد من التقارير.

ولكن، يعتمد اليمن بشكل عام على المياه الجوفية في الشرب، ومن أهم وأكبر مخازن المياه هو الخزان المائي المتواجد في هضبة حضرموت، ويعتبر أكبر خزان مائي في الجزيرة العربية. وقد نقلت مجلة نيوزويك الأميركية، أن استغلال المياه في هذا الخزان سيجعل من اليمن سلة غذائية للعالم العربي بديلاً عن السودان. 

المعلومات حول المياه في حضرموت ليست حديثة، فالدراسات حول مخزون المياه فيها وبحسب صحيفة الأيام في عدد نشرته في شباط/ فبراير 2018، والتي أجريت ما بين الأعوام 1987 وحتى نهاية التسعينات، أظهرت أن "مياه السيول المتدفقة من وديان حضرموت في الساحل والوادي تبدو هائلة"، وحددت الدراسة التي أجرتها شركة كومكس الدولية وجود خزانين على عمق 700-800 م في باطن حضرموت، والتي قدرت بملايين الأمتار المكعبة؛ وأن طبقة قشن في حضرموت، وهي أعمق طبقة وتحتضن النفط والمياه معاً، يوجد فيها ما مقداره 99 مليون من المياه العذبة في الميل المربع الواحد، وبحسابات بسيطة أي ما يعادل 380-390 ألف برميل للهكتار. 

ويمكن من خلال هذا الحجم تخيل نهر جوفي متجدد قادر على سقاية حضرموت وباقي المحافظات اليمنية، وحجم الزراعة التي يمكن انتاجها في أرض حضرموت الخصبة، فيما يعاني اليمنيون من المجاعة. صحيح أنه يوجد طبقات هامة من المياه الجوفية في سهول تهامة وتوبان- أبين وأحور-ميفع في الجنوب ورملة السبعتين في الغرب، ولكن وادي حضرموت في الشرق هو أهم خزان مائي في الجزيرة العربية دون منازع.

وإضافة للمياه والنفط والذهب التي تحتضنها حضرموت، لا يمكننا أن نهمل أهمية ميناء المكلا الواقع على شواطئ بحر العرب وجزيرة سقطرى التي تتبع للمحافظة، والأكثر من ذلك الثروة السمكية الهائلة. 

عندما تنتصر الحكومة اليمنية في صنعاء وتستعيد محافظتي شبوة ومأرب بكاملهما، فمن المنطقي، أن تتجه بعد تأمين الأمن الإستراتيجي، نحو تأمين الأمن الغذائي والقومي لليمن. من هنا ندرك أهمية ما كشفه لموقع الخنادق مساعد مدير دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة اليمنية العميد الركن عابد بن محمد الثور بأنه "بعد تحرير محافظة مأرب الوجهة سكون نحو شبوة وحضرموت وصولًا الى المهرة"، ولأن اليمن ليس بحاجة لمساعدات الأمم المتحدة، بل هو بحاجة للتحرر من القوى الإستعمارية المهيمنة عليه من دول في الأمم المتحدة. فموانئ اليمن ومعامل تكرير البترول وضغط الغاز في شبوة ومأرب، وصيد وتجارة الأسماك، وإدارة المرافئ في عدن والحديدة والمكلا، والسياحة في طول اليمن وعرضها والإستفادة مما تؤمّنه من سواح شواطئ الجزر المنتشرة على طول سواحله، والتي هي مطمع صهيوني وإماراتي استخباراتي كبيرين، وحدها يمكن أن تؤمّن الغذاء والرخاء لأهل اليمن.

ويبدو أن التكامل اليمني لا يمكن أن يتم دون حضرموت، فهي تُعد نقطة جمع اليمن الهامة، وإهمال موقعها الهام والتفريط به، قد يتحول إلى مدخل لتقسيم اليمن الى يمنين شمالي وآخر جنوبي، وفي هذا كلام كثير! ... يتبع

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع


الكاتب: عبير بسّام




روزنامة المحور