الأربعاء 20 تشرين أول , 2021 03:17

هوكشتاين: إسرائيلي للتفاوض مع لبنان!

آموس هوكشتيان: الوسيط الجديد لترسيم الحدود البحرية مع الكيان

ليست مفاوضات الترسيمات البحرية مجرّد "تخليص أمور" بين الدولة اللبنانية وكيان الاحتلال، بل إنها ورقة ضغط معتمدة من واشنطن لدفع لبنان نحو مزيد من التنازلات السياسية خدمةً لمصالحها في البلد والمنطقة ومع الكيان، وأيضاً ورقة تهديد تبادل بها واشنطن لبنان بأمنه وسلمه. وتاريخ الولايات المتحدة لم يشهد لها يوماً بأنها كانت وسيطاً "محايداً" أو حكماً "عادلاً" بل إنها اعتادت فرض شروطها وإملاءاتها على دول العالم، وتنتظر دائماً أن ينصاع الاخرون لها.

 ويعود ملف الترسيم البحري الى الواجهة في مرحلة سياسية وأمنية حسّاسة يمر بها لبنان بعد مجزرة الطيونة الخميس الماضي وعلى وقع زيارة نائبة وزير الشؤون الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند.  فقد وصل الوسيط الجديد آموس هوكشتاين، أمس الى لبنان، والذي عيّنه وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن في آب الماضي، والذي كان قد تابع ملف الترسيم البحري مع لبنان عام 2013، واقترح رسم خط أزرق بحري مؤقت على غرار الخط الأزرق البري المرسوم جنوباً بين لبنان وكيان الاحتلال، على أن تبقى المنطقة المتنازع عليها والملاصقة للخط من الجهتين خارج عمليات الاستكشاف والتنقيب إلى أن يتم الاتفاق على ترسيم نهائي للحدود البحرية، لكن المقترح  لم ير النور بعدما كان لبنان يريد أن تقوم الأمم المتحدة بدور لرسم الحدود.

وكانت المفاوضات في حالة جمود لأكثر من بعد خمسة أشهر سبقتها فترة مباحثات مع الوسيط السابق فريديريك هوف التي لم تتوصل الى اتفاق جدّي وحاسم، ومن مجرد تسمية هوكشتاين للوساطة تتكشف النوايا الامريكية، فلمحة عن سيرة هذا الوسيط الجديد كفيلة بمعرفة ان واشنطن لا تريد "حلاً" بل فقط تحسين "شروط" كيان الاحتلال ومنحه المزيد من "شرعية" نهب غاز ونفط لبنان.

فمن هو آموس هوكشتيان؟

 من أبويين  أمريكيين، ولد ونشأ في "إسرائيل" ويحمل "الجنسية" الإسرائيلية وخدم في جيش الاحتلال من عام 1992 إلى عام 1995، ويُقال أيضاً إنه قضى فترة من خدمته العسكرية في جنوب لبنان. وبعد انتهائه من خدمته العسكرية انتقل إلى واشنطن وتلقى تدريبًا في "الكابيتول هيل" (كناية عن الغونغرس، وأكبر حي سكني تاريخي بالقرب منه)، كان ينوي العودة إلى "إسرائيل" لكنه استقر في الولايات المتحدة وله سيرة طويلة في العمل لصالحها لا سيما في الشؤون الخارجية:

شغل مناصب مهمة ورفيعة في إدارات واشنطن وفي الكونغرس، فعمل كمستشار سياسي أول في لجنة العلاقات الدولية،. وعام 1997 تم إرساله إلى كوريا الشمالية لتقديم تقرير عن الوضع الاقتصادي والعسكري للبلاد، ثم عاد ليصبح كبير مستشاري السياسات في لجنة الشؤون الخارجية، كما عمل على إدارة سياسات لحملات انتخابية رئاسية عام 2008.

بدأت مهماته في الشرق الأوسط عند سفره الى العراق حيث شارك في مناقشات أمريكية لاحتمال رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية عن بغداد مقابل إعادة توطين عدة آلاف من اللاجئين الفلسطينيين.  يدعي أنه يجب الإبقاء على العقوبات الاقتصادية مع الاعتراف بضرورة "إضفاء الطابع الإنساني" عليها. وعمل في القطاعات الخاصة، فكان مستشارا ومن ضمن "جماعة الضغط" لشركات النفط والغاز الأمريكية والدولية، وعام 2011 عمل في مكتب الطاقة في وزارة الخارجية الامريكية وأشرف على مكتب الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا وأفريقيا حيث اجتمع مع مسؤولين لبحث الطاقة وأمنها في العديد من الدول وأهمها الهند وأذربيجان والسعودية.

وفي 8 أكتوبر 2015، رشحه الرئيس السابق باراك أوباما لمنصب مساعد وزير الخارجية لموارد الطاقة، وهو المنصب الرسمي الرئيسي للمكتب الطاقة في الوزارة، وكان هوكشتاين من أبرز الذين عملوا لأجل العقوبات الأمريكية على إيران.  

كُلّف بمهمة المبعوث الخاص بالنيابة للشؤون الدولية للطاقة بوزارة الخارجية الأمريكية من عام 2014 وحتى 2016، كما أنه مقرّب من الرئيس الأميركي جو بايدن، وكان من أهم مستشاريه.

عام 2021عُيّن هوكشتاين مستشاراً أول لـ أمن الطاقة، للإشراف ومراقبة تنفيذ مشروع "نوردستريم 2" لتوريد الغاز الروسي إلى ألمانيا.

 واللافت في جملة مهمات هذا الوسيط الجديد هوكشتاين أنه عمل بشكل مباشر مع رؤساء وزراء الاحتلال السابقين: مع بنيامين نتنياهو لتحتسين العلاقات في الطاقة مع تركيا، وسابقاً الى جانب شمعون بيريز لإبرام صفقة غاز مع بين كيان الاحتلال والأردن.

تحدي الحكومة اللبنانية

أمام هذه السيرة الطويلة - "الوفية" للولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي - يُنتظر موقف الحكومة اللبنانية، فهل ترفض التفاوض مع وسيط إسرائيلي لحفظ حقوق لبنان النفطية؟ أم أنها ستبقى رهن الضغوطات الامريكية؟  لا سيما إذا قرّر هوكشتاين المُضي على خطى الوسيط الذي سبقه صاحب اقتراح منح لبنان فقط 55% من الـ 860 كلم، المساحة التي يعتبرها لبنان من حقه كاملةً فيما تعتبرها واشنطن لا تزال أرضاً متنازعاً عليها. 


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور