الخميس 02 حزيران , 2022 03:43

الصراع الديموغرافي أخطر على الكيان المؤقت من صواريخ المقاومة!

التفوق الديموغرافي الفلسطيني

يقول اللواء عاموس جلعاد أن "نسبة اليهود في القدس تتراجع، ولا أعتقد أن السنوار (رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار) بحاجة لاطلاق صواريخ ما دامت الأهداف الاستراتيجية تتحقّق دون ذلك، فتأثير الصراع الديموغرافي أقوى من القنبلة النووية". اذ لم يتمكّن الكيان المؤقت، رغم الكثير من السياسات مثل استقدام اليهود وتقديم الاغراءات لبقائهم، بالإضافة الى عمله على محاكاة "الحياة الاسرائيلية" بكّل تفاصيلها بالحياة الغربية، وتأمين الرفاه و"الأمان"، من التخلّص من معضلة امتلاك الأرض والديموغرافيا.

الشعب الفلسطيني سيّد القدس

يُقدّر عدد سكان القدس المحتلة بـ 919 ألف نسمة، ورغم محاولات التهويد والاستيطان بلغت نسبة الفلسطينيين في القدس 349600 أي 38% من مجمل السّكان مقابل 55800 يهودي أي ما نسبته 62%. ويسجّل تراجع عدد اليهود المستوطنين في القدس الشرقية من 46% عام 1996 الى 39% عام 2022 حيث يستوطن حالياً 220 ألف يهودي، كما يلاحظ التراجع نسبة "هجرة" اليهود الى القدس بأقل من 6000 حالة وهو الحد الأدنى منذ العام 2012. في المقابل أشارت صحيفة "هآرتس" العبرية في العام 2017 أن الفحص الدقيق للوضع الديموغرافي الذي أجراه اتحاد المياه البلدي الإسرائيلي "جيحون"، مؤخراً، يكشف أن هذه المعطيات لا تشمل عشرات آلاف الفلسطينيين الآخرين الذين يعيشون داخل حدود المدينة. وحسب تقييمات الخبراء فإن الغالبية اليهودية في المدينة تقل عن المعطيات الرسمية وتصل إلى حوالي 59% وشرحت الصحيفة أن مشكلة احتساب النسب تكمن في "عدد السكان الفلسطينيين الذين يعيشون في مخيم اللاجئين شعفاط ومنطقة كفر عقب، والتي تعتبر تابعة للقدس لكنه (الاحتلال) تم فصلها عن المدينة بواسطة الجدار الفاصل".

هذه الاحصائيات تحبط مخطط الاحتلال حول "القدس الموحدّة" وسيطرته على القسم الشرقي منها بعد احتلاله شبه الكامل للقسم الغربي (حسب التقسيمات الإسرائيلية)، وهذا المخطط يعدّ جزء من صفقة القرن التي كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يرعاها (الاعتراف بأن القدس عاصمة الكيان). وفي العام 2021 أشارت تقارير عبرية الى أن "إسرائيليين ينظرون بقلق إلى التفوق الديمغرافي الفلسطيني في المنطقة ما بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن (أرض فلسطين التاريخية)".

ومن ناحية ثانية، أكدت مسيرة الأعلام اليهودية يوم الأحد في 29 أيار / مايو الماضي، بالشكل الذي تّمت به، أن الشعب الفلسطيني سيد هذه الأرض وأن كل محاولات الاحتلال التهويدية لم تغير المعادلة. وقد اعترف رئيس جهاز "الموساد" الإسرائيلي الأسبق، تامير فاردو خلال حديثه في مؤتمر أمني بأن "مشاورات واستعدادات لأسابيع حول مسألة إقامة تلك المسيرة تبعث على الشك في مدى السيادة على المكان...هل يعقل بأن تقوم حكومة إسرائيل وعلى مدار أسابيع بتقييم للأوضاع سعيًا لاتخاذ قرار حول إمكانية السماح بالمسيرة أم لا؟!، وهل سيطرح هكذا تساؤل في لندن أو باريس أو واشنطن؟ ...إن دولة بأكملها أشغلت نفسها وفي جميع نشرات الأخبار ناقشت مسألة القدرة على إجراء المسيرة في عاصمتنا". عادًا ذلك بـ "الأمر غير المسبوق في أي مكان".

كذلك أظهرت نتائج جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني (الصادرة عام 2018) أن عدد الفلسطينيين داخل حدود الأراضي المحتلة عام 1967 بلغ أربعة ملايين و780 ألفاً، إضافة إلى 1.5 مليون في الداخل المحتل، وذلك بزيادة زيادة مليون فلسطيني خلال السنوات العشر الأخيرة (منذ العام 2008). وفيما يتعلق بالتركيب العمري، فإن المجتمع الفلسطيني فتيّ، حيث إن نسبة الأطفال ما دون 18 عاماً سجّلت 47% من نسبة الفلسطينيين، فيما بلغت نسبة الأفراد من ستين عاما فما فوق 5% فقط من إجمالي عدد السكان، فيما بلغ متوسط حجم الأسرة 5.1. وتسقط هذه الأرقام أيضاً طرح "حل الدولتين الذي يؤيده اليسار الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية.

كما تنذر هذه النتائج بتصاعد المقاومة وأشكالها، وقد باتت المؤشرات أوضح ميدانياً مع تنامي كتائب المقاومة وعدد العمليات الفدائية في الضفة والدّخل، الى جانب مشاهد التصدي والصمود التي يظهرها المقدسيون عند كل حدث.

يوضح علم السياسة، أن مقومات الدولة ثلاث: الأرض، الشعب، والدستور، وفي هذا الإطار نسلّم جدلاً أن "إسرائيل" هذه ليست الا كياناً مصطنعاً لا تملك مقوّمات الدولة الحقيقية. كيان احتلال يستأجر "مواطنين" (مستوطنين بطبيعة الحال)، وتعصف به الأزمات الداخلية – ناهيك عن التهديد الخارجي للمقاومة من كل الجبهات – الى أن قال الكاتب الإسرائيلي مايكل بريزون في سياق انتقاده للمجتمع اليهودي "نحن لا نحسن أن نكون أمة".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور