الإثنين 19 كانون الاول , 2022 05:06

الإسرائيليون يخافون بن غفير!

مشاركة بن غفير بتظاهرة للمستوطنين

منذ طرح اسم ايتمار بن غفير، الشخصية الأكثر تطرفاً في كيان الاحتلال، لتولي وزارة الأمن، والمؤسسة العسكرية والسياسية تعيش حالة انقسام واضح، وهو ما ينعكس تباعاً على حال المستوطنين. ويقول الصحفي الإسرائيلي، جدعون ليفي في مقال له في صحيفة هآرتس العبرية، ان "المسافة بين دافيد بن غوريون وايتمار بن غفير أقل مما قالوا لنا وأقل مما نتخيل. بن غفير هو الصهيونية وصهيونية 2022 هي بن غفير. يصعب الاعتراف بذلك، ولكن لا يمكن إنكاره".

النص المترجم:

بن غفير هو الصهيونية. ربما هو تعبير قاس وفظ لها، لكن مواقفه هي مواقفها. عندما يكون بن غفير مع طرد العرب والموت للإرهابيين والتفوق اليهودي وتهجير الفلسطينيين، فإنه يمثل مواقف الصهيونية على حقيقتها. المسافة بين دافيد بن غوريون وايتمار بن غفير أقل مما قالوا لنا وأقل مما نتخيل. بن غفير هو الصهيونية وصهيونية 2022 هي بن غفير. يصعب الاعتراف بذلك، ولكن لا يمكن إنكاره.

هل هناك شيء غير صهيوني في بن غفير؟ منذ فجرها والصهيونية تتحدث، وبالأساس تعمل، كـ "بن غفيريّة"، منذ أعلنت عن احتلال العمل في بداية القرن العشرين. قبل فترة طويلة من الكارثة والبعث، تحدثت بلغة بن غفير: إبعاد العمال الفلسطينيين وإدخال اليهود إلى العمل، هذا هو عالم قيم بن غفير. عندما سمح بن غوريون بالتطهير العرقي لأجزاء كبيرة في البلاد، بصمت أو بأمر، لم يترك يغئال ألون قرية فلسطينية قائمة بين يافا وغزة، وعندما تم طرد نحو 700 ألف فلسطيني من أبناء هذه البلاد الذين عاشوا فيها لأجيال أو اضطروا للهرب من بلادهم، كل ذلك كان بلغة بن غفير. النكبة هي الصهيونية والنكبة هي بن غفير.

عندما لاحقت إسرائيل المتسللين، وهم الفلاحون الفلسطينيون أنفسهم الذين فقدوا كل ممتلكاتهم وحلموا بالعودة إلى أراضيهم، أو على الأقل إخراج ما بقي من الممتلكات منها، كان هذا بصورة بن غفيرية دارجة. وعمليات الانتقام في الخمسينيات هي نفس عمليات الانتقام من الأبرياء، مع جرائم حرب وعقاب جماعي على الأغلب، هي بالضبط ما يطمح بن غفير إلى فعله الآن في وزارة الأمن القومي. عندها صفقت إسرائيل للجرائم والمجرمين، هم كانوا أبناء كيبوتسات وموشافات لطفاء، لم يظهروا مثل بن غفير، ولم يتصرفوا مثله كما يبدو.

ألم يكن الحكم العسكري في المدن والقرى العربية الذي استمر من 1948 وحتى 1966 تجسيداً لحلم بن غفير الذي قد يتحقق مرة أخرى في إطار تطبيق "النظام في القطاع العربي"؟ إن الحروب الاختيارية التي شنتها إسرائيل على غزة ولبنان، والمستوطنات والاحتلال، وتفوق اليهود والأبرتهايد، ومحو الخط الأخضر والضم الفعلي، والاعتقالات الإدارية والإدارة المدنية، وجرائم الحرب واليد الخفيفة على الزناد، وقانون العودة وقانون القومية – كل ذلك بروح بن غفير وكل ذلك صهيوني.

الكلمات السامية في وثيقة الاستقلال التي تتحدث عن "المساواة الكاملة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لكل مواطني الدولة بدون تمييز في الدين والعرق والجنسي" بالتأكيد هي ليست بلغة بن غفير، لكنها أيضاً بالتأكيد لم تطبق يوماً ما. هذه أيضاً تتجاهل، بحكم الظروف، ملايين الرعايا الفلسطينيين الذين لا يمكنهم أن يكونوا مواطني الدولة التي تحكمهم منذ 55 سنة وهم يعيشون تحت حذائها، الذين تعد كلمة مساواة بالنسبة لهم كلمة ميتة، والصهيونية هي كلمة المفتاح لكارثتهم. صحيح أن الخطاب الصهيوني كان ذات مرة أكثر ليونة ونعومة على الأذن من خطاب بن غفير، ولكن بماذا يزيد هذا أو ينقص.

من السهل رسم صورة بن غفير كشخص مشاغب يخرق القانون، أزعر وفظ الروح، يقلب بسطات الفلسطينيين في الخليل، ولكنها هي روح الصهيونية. الفرق في الغلاف فقط. عندما ألقى كل من أريئيل شارون وشلومو باوم القنابل على بيوت أهالي قرية قبيا وقتلوا 60 شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال، وهدموا 45 منزلاً، فإنهما بذلك فعلا ما فعله باروخ غولدشتاين، واعتبرا بطلين. يظهر بن غفير كرجل خطير على الديمقراطية لأنه قلب البسطات. "أيها الشباب، أريد تهنئتكم على عملكم المبارك"، قال بن غفير لقادة العملية الإجرامية، التي تم إخفاؤها عن الجمهور في البداية على اعتبار أنها عملية ديمقراطية متنورة، خلافاً لما يقول بن غفير الفظيع بأنه سيفرضه علينا.

بسبب ذلك ربما يخافه الإسرائيليون الليبراليون، لأن بن غفير قد يعرض عليهم وجوههم الحقيقية.


المصدر: هآرتس

الكاتب: جدعون ليفي




روزنامة المحور