الخميس 18 تشرين ثاني , 2021 03:29

روسيا وتقلص النفوذ الامريكي في افغانستان

طالبان وصلت الى الحكم في أفغانستان، هذا "أمر واقع يجب على المجتمع الدولي ان يقبله"، فطالبان تسعى لـ "شرعيةٍ" لحكمها حتى تتمكن من إبرام صفقات مع دول العالم تسمح لها بإنقاذ الوضع الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي الصعب التي تعاني منه البلاد بسبب الاحتلال الأمريكي الذي استمر لـمدة 20 عاماً قبل انسحاب قواتها العسكرية في أيلول الماضي.

ويظهر اهتمام روسي بتقديم مساعدات لأفغانستان، كما دخلت موسكو على خط التنظيم بين الجهات الفاعلة الإقليمية لتنسيق السياسات مع الحكومة الأفغانية الجديدة، وفي هذا السياق، مقال لموقع مركز " البحث العلمي والدراسات الاستراتيجية في الشرق الأوسط" تشير الى ان روسيا " تطالب بأن تتحمل الدول التي تواجدت قواتها لمدة 20 عامًا في أفغانستان تكلفة المساعدات لها، والآن روسيا إلى جانب الصين، ستكونان اللاعبتين والداعمتين الأساسيتين للعلاقات المستقبلية والنظام الإقليمي".

المقال المترجم:

منذ خروج الولايات المتحدة الأميركية من أفغانستان، لم تضيع روسيا الوقت لملء هذا الفراغ في أفغانستان، باعتبارها المحرك الأصلي في هذا البلد. وعلى الرغم من أن موسكو لا ترغب بالتدخل المباشر في شؤون الدول، وفقًا لمبادئ سياستها الخارجية، إلا أنها تولت بشكل لافت وعلني مسؤولية قيادة وتنظيم الجهات الفاعلة الإقليمية، لتنسيق السياسات قبال الحكومة الجديدة الأفغانية، ورحبت -في المؤتمرات الأخيرة - بمشاركة دول المنطقة، كما تمت دعوة الولايات المتحدة للمشاركة في هذه المبادرة الروسية الى جانب وفد طالبان، وبحضور كبار المسؤولين من الصين، وباكستان، وإيران، ودول آسيا الوسطى. ومع ذلك، مازالت روسيا متهمة باحتلالها غير القانوني لأفغانستان لعدة سنوات، في فترة الثمانينيات في أوساط المجتمع والرأي العام الأفغاني، بالتالي تحاول روسيا من خلال بناء الثقة، إظهار حسن نيتها من خلال إرسال مساعدات إنسانية وتسهيل عملية الحوار في المنطقة، ومن جهة أخرى تسعى لتوسيع نفوذها في البلاد.  ومن المصالح الأخرى التي تنظر إليها روسيا في أفغانستان، هو منع أوزبكستان وطاجيكستان من قبول الإمارة الأفغانية الإسلامية.

والآن بعد مضي سنوات من احتلال روسيا لأفغانستان، وجدت السبب لتعاملها المباشر وبأدنى تكلفة في المنطقة، كما حاولت في الماضي ومن خلال مساعدتها غير المباشرة لطالبان، لثني الولايات المتحدة عن زيادة تواجدها العسكري في المنطقة واليوم أحرزت هذه الفرصة. وبالتالي، من الواضح أن تعمل روسيا كضامنة استراتيجية من خلال إيجاد التواصل مع قيادة طالبان.

في حين أتاح مؤتمر موسكو هذه الفرصة لحكومة بوتين، لتؤكد على استعادة العلاقات مع نظام طالبان دون الاعتراف الرسمي بهذه الجماعة. ومن جهة أخرى بيّنت أن انهيار حكومة أفغانستان، والإطاحة بحكومة غني دون إراقة الدماء، وجر البلاد الى حرب داخلية، كانت لمصلحة دول المنطقة كافة وحتى الشعب الأفغاني، لأنه فيما لو حدث عكس ذلك لأدى إلى صراع واشتعال فتيل الحرب الأهلية، على غرار فترة التسعينات في أفغانستان. يبدو الآن، أن الجهات الفاعلة الإقليمية ترى مصلحتها في تشكيل حكومة مستقرة شاملة في أفغانستان، تكون قادرة على منع انتشار موجات التمرد خارج حدودها، والطمأنينة الى أنه لن يكون هناك خطر على الدول البعيدة والقريبة في المستقبل.

 والظاهر أن تشكيل حكومة شاملة لن يكون أمرًا مطلوباً بالنسبة لطالبان، إلا أن الجهود ستستمر لتلبية مطالب الجهات الفاعلة الأخرى. وبالتالي، تؤكد روسيا على التنسيق والتوافق بين الجهات الفاعلة الإقليمية، بحيث تعطي الأهمية لسياسة التعامل مع الحكومة الجديدة، وتطالب بحشد سريع للمساعدات الدولية لأفغانستان، التي تخوض معركة اقتصادية وكارثة إنسانية ضخمة.

فمن جهة دعا بوتین حينها إلى عقد مؤتمر دولي للمانحين لرفع الالتزامات المالية. وستنتهز روسيا هذه الفرصة لاتهام الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بإثارة الأزمة في البلاد، وتطالب أيضاً بأن تتحمل الدول التي تواجدت قواتها لمدة 20 عامًا في أفغانستان تكلفة المساعدات لها. إن متابعة هذه الطلبات والمساعدة في عقد اجتماعات مهمة متعددة الجنسيات دون حضور الولايات المتحدة، يظهر أن هيمنة الولايات المتحدة ونفوذها في الصراع قد تضاءل بشكل كبير، والآن روسيا إلى جانب الصين، ستكونان اللاعبتين والداعمتين الأساسيتين للعلاقات المستقبلية والنظام الإقليمي.


المصدر: مركز البحث العلمي والدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط

الكاتب: ویدا یاقوتي




روزنامة المحور