خلال العدوان الإسرائيلي الأمريكي على إيران، كانت جميع الدول العربية التي تضم قواعد عسكرية أمريكية أو تابعة لحلف شمالي الأطلسي "الناتو" تحت مسميات "التحالف ضد الإرهاب"، مشاركة عملياتياً وتكتيكياً في هذا العدوان، سواء علمت بذلك أم لم تعلم – إذا أحسنا الظنّ، وعنوان هذه المشاركة: نظام Link 16.
فنظام Link 16 هو نظام ربط بيانات تكتيكي آمن ومقاوم للتشويش، تستخدمه أمريكا وأعضاء الناتو وحلفاؤهم على نطاق واسع. وفي السنوات الأخيرة، دمجت إسرائيل نظام Link 16 في بنيتها العسكرية، ما أتاح لها عمليات أكثر تنسيقاً مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة. وقد أصبح هذا التكامل عنصرًا حيويًا في عدوان إسرائيل ضد البنية التحتية النووية والعسكرية للجمهورية الإسلامية في إيران.
وبالرغم من أن المدى الكامل لاستخدام إسرائيل لهذا النظام لا يزال سريًا، إلا أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين – وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو – بالإضافة الى مجموعة متزايدة من الأدلة والتحليلات، كل ذلك يشير إلى أن نظام Link 16 لعب دورًا حاسمًا في تنسيق الضربات المعقدة ومتعددة النطاقات التي شُنت على إيران عام 2025.
فما هو نظام Link 16؟
_هو شبكة تبادل بيانات عسكرية تكتيكية، طورتها وزارة الحرب الأمريكية "البنتاغون"، ووحدها حلف شمال الأطلسي (الناتو) تحت اسم TADIL-J. وتتيح هذه الشبكة تبادل البيانات في الوقت الفعلي بين الطائرات والسفن والوحدات البرية ومراكز القيادة (بكافة أنواعها).
_يعمل هذا النظام على تردد النطاق L (960-1215 ميجاهرتز)، ويدعم وظائف مثل:
1)تتبع القوة الزرقاء (التزوّد بمعلومات عن مواقع القوات العسكرية الصديقة).
2)الوعي الظرفي في الوقت الفعلي (SA).
3)اتصالات صوتية ونصية آمنة.
4)مشاركة بيانات أجهزة الاستشعار والأهداف.
5)مزامنة المهام.
_يستخدم تقنية الوصول المتعدد بتقسيم الزمن (TDMA) لتمكين الاتصالات المتزامنة دون تحكم مركزي، مما يجعله مقاومًا للتشويش والتزييف، وهو مثالي للبيئات المتنازع عليها مثل المجال الجوي للجمهورية الإسلامية.
_ منذ سنة 2021 على الأقل، تم تجهيز مقاتلات الشبح الإسرائيلية من طراز F-35I "أدير" بمحطات Link 16 المعتمدة من أمريكا. مما أتاح لها التشغيل البيني مع كل أنظمة الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي، وخصوصاً تلك المتواجدة في منطقة غربي آسيا، مثل البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، والقواعد العسكرية المنتشرة في المنطقة وتحديداً في دول الخليج.
كيف استفادت إسرائيل من Link 16؟
تطلب العدوان الإسرائيلي الأمريكي الذي استهدف إيران طوال 12 يوماً، دقة عالية وحركة منسقة للطائرات من مسارات مختلفة (بشكل رئيسي من عبر الأجواء اللبنانية والسورية والعراقية)، ودمجًا آنيا للبيانات عبر نطاقات متعددة. وهنا، كان الدور المحوري لنظام Link 16.
وأبرز جوانب الاستفادة العملياتية والتكتيكية:
1)تنسيق العمليات المركّبة: فالعدوان الإسرائيلي شمل قيام سلاح الجو الإسرائيلي بشن ضربات جوية مباشرة عبر مقاتلات F-35I، وطائرات حرب إلكترونية، وطائرات بدون طيار، ووحدات حرب سيبرانية. وباستخدام Link 16، يُمكن لجميع هذه الوسائل مشاركة صورة عملياتية واحدة، بما في ذلك صور الرادار، وإحداثيات الهدف.
2)كما استفادت الطائرات الإسرائيلية التي عملت في المجال الجوي الإيراني أو بالقرب منه، من التشبيك مع أنظمة الإنذار المبكر المحمولة جواً (AWACS) والأقمار الصناعية التابعة لأمريكا وحلفائها في المنطقة.
3)يتيح هذا النظام التوزيع الفوري لبيانات التهديدات، مثل تفعيل رادارات صواريخ أرض-جو الإيرانية أو إطلاق الصواريخ الباليستية وأسراب الطائرات المسيرة، وهو ما يسمح بتحديث المعطيات لدى الطيارين الإسرائيليين، ما يمكّنهم القيام بالمناورة أو نشر التدابير المضادة دون تأخير.
4)المشاركة اللحظوية ببيانات ISR (الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع). مثل الصور عالية الدقة بالأشعة تحت الحمراء، وعمليات مسح بالرادار، واستخبارات الإشارة SIGINT.
الكاتب: غرفة التحرير