الأربعاء 26 أيار , 2021 12:17

انتصار غزة: بين السلاح الإيراني والتصنيع المحلي

نشر المعهد الأميركي للسلام مقالة للكاتب "فابيان هينز" أشار فيه الى حجم الدعم العسكري الذي تقدمه الجمهورية الاسلامية في إيران للفصائل الفلسطينية، والتي ساهمت بتحقيق النصر في معركة "سيف القدس" في غزة.

وقال هينز الخبير الأمني المتخصص بانتشار الصواريخ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في مقاله بعنوان " الصواريخ الإيرانية للجماعات الفلسطينية"، إن إيران ركزت جهودها منذ عام 2006 على إمداد فصائل المقاومة الفلسطينية بالصواريخ والخبرات والمعرفة لتطويرها، وان هذه الصواريخ استخدمتها المقاومة في حرب غزة الأخيرة. 

ترجمة المقال:

ما هي الأسلحة التي قدمتها إيران لحماس والجهاد الإسلامي في غزة؟

أقامت إيران لأول مرة علاقات مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين في الثمانينيات، وقدمت لهم منذ تلك اللحظة الدعم والتمويل والسلاح والتدريب، ونقلت إليهما في غزة عدة أنواع من الصواريخ، ومنها صواريخ فجر 3 وفجر 5، وصواريخ M302 المصنّعة في سوريا.

منذ عام 2006، ركزّت طهران جهودها بشكل متزايد على مساندة وإمداد حلفائها ووكلائها الإقليميين، بما في ذلك الفصائل الفلسطينية، وتقديم  الخبرة والمعرف والمعدات اللازمة لإنتاج الصواريخ محليًا، وقال قادة في الحرس الثوري الإسلامي بصورة معلنة، إن أولوياتهم هي تحسين قدرات حلفائهم على استخدام الصواريخ الإيرانية وتصنيعها، وأوضح الجنرال أمير علي حاجي زاده، ( قائد القوة الجوفضائية في حرس الثورة الاسلامية) : "بدلاً من إعطائهم ( حلفاءنا وأصدقاءنا) سمكة أو تعليمهم صيد السمك، علمناهم كيفية صنع صنارة الصيد، وهم الآن يمتلكون قدرات وتقنيات الصواريخ". 

وأضاف حاجي زادة خلال مقابلة في كانون الثاني / يناير 2021 :"اليوم يطلق الفلسطينيون الصواريخ بدلاً من إلقاء الحجارة". هناك أيضًا مؤشرات على أن إيران تصمم أنظمة صاروخية بسيطة خصيصًا للإنتاج في أماكن مثل غزة والعراق.

ترسانة حماس 

كيف نقلت إيران صواريخ أو أسلحة أخرى إلى الفلسطينيين بالنظر إلى أن مصر دمرت أو اغلقت عدداً كبيراً من الأنفاق التي تربط غزة بشبه جزيرة سيناء؟

طرق التهريب
في عام 2014 ، اعترضت إسرائيل شحنة صواريخ كانت متجهة إلى غزة، وفي السابق كانت إيران تقوم بتهريب الأسلحة عبر السودان، حيث كانت قوة القدس التابعة للحرس الثوري تشرف على إدارة مخازن الصواريخ، ويتم إنتاج بعضها نيابة عن الفصائل الفلسطينية، ومن السودان تم تهريب الصواريخ الى مصر عبر الأنفاق من شبه جزيرة سيناء إلى غزة. لكن في السنوات القليلة الماضية، أصبح تهريب السلاح عبر هذا الطريق صعبًا. فقد أغلقت مصر أو دمرت العديد من الأنفاق منذ عام 2013. 

وكانت تربط إيران والسودان علاقات جيدة تعود إلى الثمانينيات، لكن في عام 2015، بدأ السودان يتجه نحو المملكة العربية السعودية، المنافس الإقليمي الرئيسي لإيران. وفي عام 2016 قطعت الخرطوم العلاقات الدبلوماسية مع طهران، ومع ذلك، هناك مؤشرات على استمرار التهريب، سواء عبر الأنفاق غير المكتشفة أو عن طريق البحر.
  
كيف تطورت القدرات الفلسطينية في السنوات الأخيرة؟ وما هي الطرق؟

لقد طورّت حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين بشكل كبير من تكتيكاتهما وقدراتهما على إطلاق كميات كبيرة من الصواريخ. حيث أطلقت في أيار 2021 بوتيرة غير مسبوقة وابلاً من الصواريخ ضد أهداف بعيدة - بما في ذلك تل أبيب (70 كم أو 45 ميلاً من غزة). وشكلت اختبارًا حقيقيَا للقبة الحديدية، المنظومة الدفاعية الصاروخية الإسرائيلية المصممة لاعتراض الصواريخ والقذائف على ارتفاعات منخفضة وقصيرة المدى، ويبدو أن معظم الصواريخ التي تم إطلاقها من غزة قد تم إنتاجها محليًا.

ترسانة الجهاد الإسلامي

كيف تقارن الأسلحة التي استخدمتها حركتا حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين عام 2021 بتلك التي استخدمتها خلال حرب 2014 مع إسرائيل؟ هل تغيّرت الصواريخ من حيث المدى أو الدقة أو الحمولة؟

كشفت الفصائل الفلسطينية النقاب عن بعض أنظمة الصواريخ الجديدة، لكن أيًا منها لم يغير قواعد اللعبة، وكشفت حماس عن صاروخ عياش 250 بمدى 250 كيلومترا، وهو أطول صاروخ تم عرضه في غزة على الإطلاق، في حين أن إنتاجه كان مثيراً للإعجاب من الناحية التقنية، رغم أن قيمته العسكرية محدودة بسبب عدم دقته، لكن الأهداف الأكثر أهمية في إسرائيل هي قريبة جدًا الى غزة. أما القدس، على سبيل المثال، فهي تبعد 77 كيلومترا عن غزة.

أما الجهاد الإسلامي فقد استخدمت في حرب غزة 2021 على نطاق واسع صاروخ بدر 3، الذي يبدو أنه تم تصميمه واختباره في إيران، وكشفت النقاب عن الصاروخ لأول مرة عام 2019، وهو يحمل رأسًا حربيًا يزن ما بين 300 و 400 كيلوغرام، وهو أثقل بكثير من الرؤوس الحربية لمعظم الصواريخ الفلسطينية. وكلما كان الرأس الحربي أثقل، كان الانفجار أكبر، ويبدو أن هذا الصاروخ متوسط ​​المدى.

وفي مايو 2021، قصفت حركة الجهاد الإسلامي بصواريخ بدر 3 عسقلان ونتيفوت، ما يشير إلى أن مداه لا يقل عن 13 كيلومترًا.

ربما تم تصميم صاروخ بدر 3، في إيران خصيصًا للوكلاء في جميع أنحاء الشرق الأوسط لإنتاجه محليًا، وهو يشبه صاروخ القصيم الذي عرضته المديرية الفنية للإنتاج الحربي، وهي شركة تصنيع أسلحة تابعة لقوات الحشد الشعبي العراقية، وهي ميليشيات شيعية مدعومة من إيران.

هذه المعلومات تستند الى الوثائق المسربة، بما في ذلك الرسوم البيانية الفنية لـصاروخ بدر -3 باللغتين الإنجليزية والفارسية، كما وجّه المتحدث باسم الجهاد الإسلامي في فلسطين الشكر لـ "محور المقاومة بقيادة إيران" على تقديمها لهم صواريخ بدر 3.

شهاب

هي طائرة انتحارية كشفت عنها حماس في أيار/ مايو 2021

لم تعلن حماس والجهاد الإسلامي بشكل واضح حتى الآن أنهما تمتلكان صواريخ دقيقة التوجيه، والتي من شأنها تحسين الفوائد العسكرية للصواريخ بشكل كبير، وربما كان السلاح الأكثر إثارة للاهتمام والذي تم الكشف عنه خلال الصراع ( معركة سيف القدس) هو طائرة حماس الانتحارية بدون طيار، وهي النموذج الأول لسلاح دقيق التوجيه في غزة، حيث يمكن لطائرة شهاب التحليق بالقرب من الهدف، وتنفجر بالقرب منه أو عند الاصطدام به.


المصدر: المعهد الأميركي للسلام

الكاتب: فابيان هينز




روزنامة المحور