الإثنين 03 نيسان , 2023 01:02

كيف يقرأ الكيان المؤقت التقارب السعودي السوري؟

السعودية التي كانت على مقربة من اتفاق التطبيع مع الكيان المؤقت، وقادت عمليات التطبيع مع الدول العربية الأخرى، هي اليوم تغيّر البيئة الاستراتيجية لإسرائيل، فبعد أن كانت مساعي السعودية هي في إسقاط النظام السوري ودعم المنظمات المعارضة له، ومساعدة الولايات المتحدة في حصارها عليه، وبعد أن كانت تواجه ما يعتبره الكيان "نفوذًا إيرانيًا" في المنطقة، دخلت البضائع السعودية مجدّدًا إلى سوريا، بالتوازي مع الاتصالات بين الرياض وطهران، وثمة صفقة عربية يقال إن الأردن تقودها، حيث تعترف دول المنطقة بالرئيس بشار الأسد مجدّدًا، وترسل مليارات الدولارات من المساعدات لإعادة الإعمار السوري، وتضغط على الولايات المتحدة وأوروبا لإلغاء العقوبات. فكيف يقرأ الكيان هذه الهندسة الإقليمية الجديدة؟

بحسب معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، تنبع العلاقات المتجددة بين دمشق والرياض من عدد من الأسباب ولها تداعيات كبيرة على منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وعلى الكيان بشكل خاص:

الأسد هنا ليبقى: بعد أكثر من عقد اتبعت فيه الولايات المتحدة نهج "الضغط الأقصى" على الأسد بهدف إحداث تغيير سياسي في سوريا، من الواضح اليوم أن الدول في المنطقة تعتقد أن هذا النهج قد فشل. ويرى المعهد في المقال الذي نشره على موقعه أنه ليس من المرجح أن يتنحى الأسد عن منصبه كرئيس فقط. ليس لديه أي نية لتغيير سياسته. وهذا يؤدي إلى الحاجة الإقليمية إلى "العمل بما هو موجود".

القليل من الاهتمام الدولي: لا يزال انعدام الثقة الأساسي بين الدول الإقليمية موجودًا، لكن عمليات الانفراج تهدف إلى تخفيف التوترات المحلية وخلق واقع إقليمي أكثر راحة للأطراف المختلفة. ويرجع ذلك جزئيًا إلى فهم أن الاهتمام الدولي يتركز على ساحات أخرى، ولا سيما الصين وأوكرانيا، وأنه يجب على الدول الإقليمية بالتالي التعامل مع التحديات الإقليمية بمفردها.

التحدي الإيراني: يرى معهد الأمن القومي الإسرائيلي بأنه مع مرور الوقت، سيدرك الرئيس الأسد أن الحل للعديد من المشاكل في بلاده يمكن أن يأتي من دول الخليج وليس من شريكه "الطبيعي" - إيران، وأنه في ضوء ذلك سيقترب من الدول السنية ويبتعد – كما يدعي - من المحور الشيعي. وبالتالي، فإن الحاجة إلى التعامل مع التحدي الإيراني تخلق استراتيجية إقليمية للتحوط: محاولة (من قبل الدول السنية في محاولتها التقرب من نظام الأسد) لتقويض إيران، إلى جانب محاولة التقرب من إيران (الرياض وطهران)، على غرار "ابق قريبًا من أعدائك". في الخلفية، هناك فهم واضح بين الجهات الفاعلة المركزية في المنطقة بأن ميزان القوى الإقليمي يميل لصالح إيران، وأنهم بحاجة إلى التحوط - مع تفضيل واضح للدبلوماسية على الصراع - وتخفيف التوترات إلى أقصى حد ممكن.

منع تهديد الكبتاغون: الانتشار غير المسبوق للبنتاغون، يراه المقال دافعًا للسعوديين لتوطيد علاقاتهم مع دمشق، من أجل كسب النفوذ مع نظام الأسد بشأن هذه القضية والسيطرة عليها.

التصعيد الإسرائيلي في فلسطين وفي الإقليم يمكن أن يؤدي إلى عزلة الكيان

بالنسبة لإسرائيل، فيرجح معهد الأمن القومي أن يؤدي التقارب بين دول الخليج وإيران وسوريا إلى إضعاف الجهود الإسرائيلية لتشكيل معسكر مناهض لإيران وعزل إيران، كعنصر أساسي في الصراع بينهما. إلى جانب الاتفاقية السعودية الإيرانية، هناك دفء في العلاقات بين الإمارات وقطر وإيران والعراق وتركيا ومصر وإيران والبحرين. كما زادت فرص التوصل إلى اتفاق طويل الأمد على المسرح اليمني.

التجديد المتوقع للعلاقات بين دمشق والرياض هو جزء من محاولة سعودية لتخفيف حدة الصراع في نقاط الاحتكاك الرئيسية في البيئة الاستراتيجية للمملكة، والتي أوجدتها بنفسها وتفاقمت. الهدف هو تشجيع النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف رؤية 2030 للتنمية الاجتماعية والاقتصادية طويلة الأجل في المملكة؛ لتحقيق هذه الغاية، تسعى الرياض إلى خلق واقع "صفر مشاكل" في العلاقات الخارجية. هذه استراتيجية لم تعد تنظر إلى الشرق الأوسط على أنه لعبة محصلتها صفر. في ظل ظروف معينة، قد تتمكن إسرائيل من الاندماج في تلك الإستراتيجية، حيث لا ترى الرياض مشكلة في تعزيز العلاقات مع كل من إيران وإسرائيل في وقت واحد، في ظل الظروف التي تفضلها، وفي مقدمتها ضرورة دفع القضية الفلسطينية وعلاقات الرياض مع واشنطن.

وفيما يتعلق بالهجمات الإسرائيلية في سوريا، فمن المحتمل أن يؤدي هذا التقارب في تجديد العلاقات مع الرئيس الأسد، إلى زيادة الضغط على إسرائيل من أجل الامتناع عن شن هجمات كما يقرأ المقال.

أخيرًا، يعتبر معهد الأمن القومي الإسرائيلي أنّ التقارب بين سوريا والمملكة العربية السعودية جزءًا أساسيًا من الصورة الإقليمية المتغيرة التي يسعى فيها معظم الفاعلين، عربًا وغير عرب، إلى الاقتراب من الخصوم مع تنويع تحالفاتهم ومصادر مساعداتهم لتشمل القوى المتنافسة مع الولايات المتحدة - روسيا والصين. ومن المحتمل أن تستمر عملية الانفراج الإقليمي في مختلف المجالات، وستغير البيئة الاستراتيجية لإسرائيل بطريقة تتطلب إعادة التفكير في البنية الإقليمية ذات الصلة للتعامل مع إيران.

وبالتالي، على إسرائيل أن تتجنب التحركات التي قد تؤدي إلى تصعيد في السياقين الفلسطيني والإقليمي، الذي يمكن أن يؤدي إلى عزلتها. ويوصي المعهد بأن "تعمل إسرائيل على الحفاظ على تفاهماتها وتعزيزها مع شركائها في السلام والتطبيع والعمل على التأكيد على أصولها في الساحة الإقليمية ومع الولايات المتحدة".


الكاتب: زينب عقيل




روزنامة المحور