السبت 01 نيسان , 2023 03:02

إيران تتأهّب في مواجهة الحلف الاسرائيلي الأذربيجاني

السفارة الاسرائيلية في باكو

قبل أي حديث عن فتح سفارة أذربيجانية في الكيان الاسرائيلي، لم يكن خافيًا أن اسرائيل لطالما كانت من أكبر الداعمين العسكريين والأمنيين لباكو وأكبر المدافعين عن الدولة القوقازية في واشنطن، بينما تعد أذربيجان موردًا رئيسيًا للطاقة لإسرائيل. إلا ان فتح السفارة بعد ثلاثين عامًا من التعاون، من المتوقع أن يأخذ العلاقات إلى المرحلة التالية. من وجهة نظر طهران، فإن الكيان قد أصبح رسميًا على حدودها، وهو الأمر الذي يعتبر "خطرًا جسيمًا" كما يعبر المسؤولون الايرانيون. وكانت حرب ناغورنو كاراباخ عام 2020، قد كشفت عن حجم التسليح الاسرائيلي لباكو، خاصة أن طائرات كاميكازي الإسرائيلية كانت من المتغيرات التي غيرت قواعد اللعبة.

إسرائيل هي سبب التوتر التاريخي بين باكو وطهران

تتهم طهران باكو بمنح الانفصاليين الأذربيجانيين الإيرانيين، منصة مدعومة من الدولة. كجزء من أجندة تهدف إلى تأجيج النزعة الانفصالية في شمال غرب إيران. ويتحدّث مسؤولون في طهران عن الانفصاليين الآذريين على أنهم ركيزة للكيان الاسرائيلي على أراضيها.

التوتر بين البلدين بدأ مع استقلال أذربيجان عام 1991، إلا أنه لم يكن أوضح مما هو عليه اليوم، عندما صرّح وزير خارجية الاحتلال إيلي كوهين في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الأذربيجاني لدى فتح السفارة في الأراضي المحتلة، حديثًا مفاده بأن اسرائيل وأذربيجان يشكلان معًا تهديدًا لإيران، وتشتركان بأن إيران تهدد كلاهما. فطلب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية توضيحًا من باكو التي تلتزم الصمت، واعتبره في تغريدة له على تويتر موافقة ضمنية على تصريحات كوهين.

ايران ليست دولة عادية بالنسبة لأذربيجان

إيران ليست دولة عادية بالنسبة للاستراتيجيين الأذربيجانيين. تشترك الدولتان في حدود برية طولها 600 كيلومتر، في حين أن ما يقدر بنحو 85 في المائة من سكان أذربيجان هم من الشيعة. تسمح هاتان الميزتان لإيران بامتلاك أوراق قوة، خاصة أنّ إيران لديها جماعات دينية واسعة داخل البلاد. وهذا الأمر أدركته أذربيجان طيلة الفترة الماضية، وامتنعت عن تجاوز "الخطوط الحمراء" لطهران، بما في ذلك اتخاذ قرار بعدم فتح سفارة في الكيان الاسرائيلي. الواقع أن كل هذه التوترات لم تمنع العلاقات بين البلدين، واستمرّت باكو في التقلب بين السعي لتخفيض مستوى التوتر حينًا وتصعيده حينًا آخر. وطيلة هذه الفترة لم تتخلَّ عن علاقاتها مع إيران أو الكيان لصالح الآخر، وهو الأمر الذي يعتبره محللون، بأنه مشكلة باكو الاستراتيجية، أنه من المستحيل أن تتخلى عن علاقاتها مع إيران.

إبحث عن التركي!

كان أحد العوامل التي تفسر سبب وجود سفارة إسرائيلية في باكو على مدى ثلاثة عقود، وليس سفارة أذربيجانية في إسرائيل، هو القلق في أذربيجان بشأن تلقي البلاد مستويات أعلى من الانتقادات من الدول والمجتمعات العربية الإسلامية، إلا أنّ العامل الأساسي والرئيسي هو ردة فعل إيران. صحيفة العربي الجديد وهي صحيفة قطرية تدافع عن المصالح التركية، أشارت إلى أنه ربما يكون التحسّن في  العلاقات التركية الإسرائيلية متغيرًا في المعادلة، على الرغم من أن علاقات أذربيجان بإسرائيل لم تضعف أبدًا في فترات التوتر العالية بين تركيا وإسرائيل. خاصة في ظل قلق النخبة الأذرية بشأن ما يُتصور من دفع أنقرة "للأسلمة"، هذا التطور، أكثر من أي شيء آخر، قدّم قيمة إضافية للعلاقات الأذرية الإسرائيلية. وقد تم التأكيد على ذلك في برقية دبلوماسية في يناير 2009 من السفارة الأمريكية في أذربيجان، التي قالت إن الرئيس علييف غير مرتاح للموقف المؤيد للإسلام والفلسطينيين لحكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.

من جهته مؤلف كتاب "اتفاق تركيا مع إسرائيل وأذربيجان: هوية الدولة وأمنها في الشرق الأوسط والقوقاز" الدكتور ألكسندر مورينسون أوضح  أن "أذربيجان نشأت باعتبارها الركيزة الأساسية للتعاون الإسرائيلي في جنوب القوقاز والبرازخ الجيوسياسي الذي سمح بتحقيق رؤية كومنولث 'عالم تركي' جديد من شأنه أن يمنع الاختراق الإيراني لآسيا الوسطى". 

أذربيجان شريك استراتيجي مغرٍ لإسرائيل

ازدهرت العلاقة بين الاثنين في أعقاب الدعم الاسرائيلي لأذربيجان خلال حربها مع أرمينيا. وهي علاقة مغرية جدًا للكيان بسبب الحدود الجغرافية التي تمكّن الكيان من استخدام قواعد على أراضيها لإطلاق رحلات استطلاعية فوق إيران، وإرسال عملاء استخبارات، وشنّ غارات جوية على المفاعلات والمعامل الإيرانية.

وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، قدمت إسرائيل 69 في المائة من واردات باكو الرئيسية من الأسلحة في الفترة من 2016 إلى 2020، وهو ما يمثل 17 في المائة من صادراتها من الأسلحة خلال تلك الفترة. بدورها، قامت باكو بتزويد إسرائيل بكميات كبيرة من النفط بالإضافة إلى التعاون ضدّ إيران.

ردة الفعل الإيرانية

تعميق العلاقات بين أذريبجان وكيان الاحتلال الاسرائيلي، يأتي مصحوبًا بحملات إعلانية عالية اللهجة في الإعلام الأذربيجاني، صحيح أن هذه الحملات ليست جديدة على الإطلاق، بل هي دائمة ومستمرة، إلا أنها كانت تحافظ على مستوى معيّن من التصعيد الخطابي، مثل عدم التعرّض لقائد الثورة في إيران السيد على خامنئي، إلّا أن نظام باكو قد رفع مستوى التصعيد في الحرب الإعلامية أيضًا، من خلال التعرض إلى ما كان خطًا أحمر سابقًا.

في أول ردة فعل إيرانية، تم إعلان أن الخارجية الايرانية قد عيّنت سفيرها السابق في سوريا مهدي سبحاني سفيرًا جديدًا لها في أرمينيا.  من جانبها وسائل اعلام آذربيجانية وصفت الخطوة الايرانية بـ"الاستفزازية التي تحمل رسائل أمنية وعسكرية واضحة" وتعكس نية طهران إطلاق مقاومة شعبية من أرمينيا وتحويلها إلى مكان آمن لمقاومة إسلامية آذرية مناوئة لنظام الحكم في باكو.


الكاتب: زينب عقيل




روزنامة المحور