الإثنين 06 كانون الاول , 2021 02:15

التجييش الاميركي في فيينا: زوبعة في فنجان

شكّل الوفد الإيراني المفاوض الذي حضر الجلسة السابعة من المفاوضات حول الاتفاق النووي، والذي عُيّن بعد انتخاب السيد إبراهيم رئيسي رئيساً للجمهورية خطوة نوعية قامت بها إيران لإيصال رسالة قوية مفادها انها تريد مفاوضات جدية بعيدة عن التسويف مبنية على رأي الخبراء وأصحاب الاختصاص وبعيدة عن المناكفات السياسية والدبلوماسية، حيث تضمن 40   شخصية من الاختصاصيين في مجال الحقوق والاقتصاد والتجارة والمصارف وغيرها.

يسبق كل جلسة مفاوضات تصعيد إعلامي أميركي كبير، وضجة تثيرها الولايات المتحدة بغية تضليل الرأي العام العالمي وتقديم ايران على انها تعرقل وتضع العقد في مسار التوصل إلى اتفاق يضمن مصالح الطرفين والامن والاستقرار الدوليين، غير ان أوراق الضغط الموجودة بيد الوفد المفاوض الأميركي، الذي يجلس في فندق قريب ويتابع الجلسة عن بعد كونها مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين، معلومة ومعروفة والتصعيد الذي يلوّح به في خطابه دائماً لا يملك أوراقاً تساعده على تطبيقه، وهو على موعد آخر هذا الشهر للخروج من العراق بعدما خرج من أفغانستان بطريقة هوليوودية أمام المئات من وسائل الاعلام الدولية.

لهذا، يمكن نسب الانزعاج الأميركي والأوروبي من المسودتين اللتين قدمتهما طهران خلال الجلسة الأخيرة إلى حجم التذبذب الذي تعيشه واشنطن خاصة لجهة الخلاف داخل الكونغرس والذي يشهد بدوره انتخابات نصفية بعد أشهر، والمنقسم انقساماً حاداً بين الديموقراطيين والجمهوريين إضافة للضغط الذي يمارسه كيان الاحتلال والذي يتابع بحذر المفاوضات وينتظر ما ستؤول إليه الأمور رغم معارضته الشديدة لعودة الإدارة الأميركية الجديدة إلى الاتفاق بعد استجابة الرئيس السابق دونالد ترامب للطلب الإسرائيلي وانسحابه من الاتفاق.

لجهة الدول الأوروبية، فهي الأخرى غير قادرة على اتخاذ قرار منفرد بعيداً عن العباءة الأميركية، ويطالبون باستمرار التشاور مع واشنطن قبل إبداء الرأي بأي بند من الاتفاق، حيث أظهرت الوفود الأوروبية انها تفتقر إلى الصلاحيات اللازمة التي تدعم موقفها أو رأيها إضافة لعدم كفاءتها التفاوضية والتي تأتي بسبب عدم وجود أرضية صلبة تنطلق منها نتيجة هذه التبعية.

هذه العقبات تؤثر بشكل على المفاوضات لما ينتج عنها من عمليات تأخير وبطئ في مجرى الخطوات اللازمة، ويأتي تقديم إيران للمسودتين التي أعدهما أهل الخبرة الاقتصادية والقانونية والمالية بشكل محكم ضمن هذا الاطار، ففي الوقت الذي تنتظر فيه طهران جواباً عملياً مبني على المعلومات الدقيقة والشرح المفصل يقابلها تسويف أميركي-أوروبي، وتجييش إعلامي لا يعدو كونه زوبعة في فنجان.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت حصارا اقتصاديا على إيران منذ العام 1979 بعد انتصار الثورة الإسلامية، وقامت بتجميد الأصول الإيرانية، ثم بدأت بزيادة الضغوطات الاقتصادية مع مرور الوقت كنوع من الإرهاب الاقتصادي، وكانت آخرها عام 2020 حيث فرضت عليها عقوبات مشددة ومارست الضغوط القصوى عليها لتليين موقفها السياسي تجاه قضايا المنطقة والعالم لا سيما دعمها لحركات المقاومة في لبنان وفلسطين، وغالباً ما نجحت الجمهورية الاسلامية بالالتفاف حول هذه العقوبات وأثبتت أنها غير فعالة.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور