كشفت صحيفة "إسرائيل هيوم" في هذا المقال الذي ترجمه موقع الخنادق الالكتروني، أن السعودية وإسرائيل تتحركان نحو إطلاق مفاوضات مباشرة بهدف إرساء تطبيع دبلوماسي، على أن تتولى الولايات المتحدة الأمريكية دور الوسيط. وعلمت الصحيفة من مصادر أميركية وعربية وإسرائيلية أنّ نقاشات مكثّفة وتبادلاً للرسائل جرى خلال الأسابيع الأخيرة للترتيب لإعلان رسمي عن ذلك، خلال زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المرتقبة إلى واشنطن بعد نحو أسبوعين.
النص المترجم:
من المتوقع أن تبدأ إسرائيل والسعودية محادثات مباشرة لوضع الأسس اللازمة لإقامة التطبيع، وذلك بدعم ووساطة من الولايات المتحدة الأمريكية. وبحسب مصادر أميركية وعربية وإسرائيلية، فقد شهدت الأسابيع الماضية اتصالات مكثفة وتبادلاً للرسائل، فيما تعمل واشنطن على ترتيب إعلان رسمي عن إطلاق هذه المحادثات خلال زيارة محمد بن سلمان إلى واشنطن.
يشارك في هذه المحادثات مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر، وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر وفريق إسرائيلي صغير، السفيرة السعودية في واشنطن ريما بنت بندر آل سعود، وعدد من كبار مستشاري ولي العهد.
قبل اندلاع الحرب، كانت السعودية على وشك توقيع اتفاق تطبيع مع إسرائيل، لكنها غيّرت موقفها خلال الحرب، فشدّدت شروطها — خصوصاً بشأن القضية الفلسطينية — ووجّهت انتقادات حادة لإسرائيل. وكما سبق أن نشرت "إسرائيل هيوم"، لم تعد الرياض ترى في حكومة الائتلاف الحالية في إسرائيل شريكاً صالحاً للتطبيع. ومع ذلك، فإن قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو دعم مبادرة السلام الإقليمية للرئيس ترامب — التي تتضمن بنداً يتحدث عن مسار نحو دولة فلسطينية — أعاد الزخم إلى المسار.
وقال مسؤول أميركي رفيع في وقت سابق: "خلال العام المقبل سنشهد تقارباً حقيقياً بين إسرائيل والسعودية. قد لا يصل الأمر إلى الانضمام الكامل لاتفاقيات أبراهام، لكنه سيشكل تطوراً سياسياً واقتصادياً كبيراً. هذا ليس رهاناً، بل جغرافيا سياسية ومصالح اقتصادية. ما كان يجب أن يتحقق منذ زمن طويل سيحدث أخيراً قريباً".
ويقول المسؤول نفسه اليوم إن "اختراقاً" متوقعاً خلال الأسابيع المقبلة، إذ تتطابق المصالح الاستراتيجية للسعودية وإسرائيل والولايات المتحدة حالياً، رغم بقاء بعض الخلافات العالقة.
الخلاف النووي في الصدارة
العقبة الأساسية تتمثل في إصرار السعودية على بناء منشأة نووية على أراضيها مع قدرة مستقلة على تخصيب اليورانيوم. وكتب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق مئير بن شبات أنّ ابن سلمان يبرّر هذا الطلب بالإشارة إلى إعلان إيران نيتها إعادة بناء برنامجها النووي.
أحد الحلول المطروحة هو إنشاء محطة نووية أميركية على الأراضي السعودية تُدار وتُؤمَّن بطواقم أميركية. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل ستوافق على هذا الترتيب. وقد أبدت إسرائيل في الماضي مرونة نسبية تجاه الفكرة العامة، لكن المفاوضات لا تزال مستمرة.
كما طالبت السعودية بإشراك السلطة الفلسطينية في إطار إعادة إعمار غزة بعد الحرب، وهو مطلب تعارضه إسرائيل. ومع ذلك، يؤكد مقرّبون من المحادثات أن هذا الخلاف لن يعرقل التقدم. وتدعم الرياض الموقف الإسرائيلي بضرورة نزع سلاح حماس وفق خطة ترامب، وتربط مشاركتها في إعادة إعمار غزة — وكذلك مشاركة قوة دولية منزوعة السلاح — بتنفيذ هذا الشرط. ومن المتوقع أن تحث واشنطن السعوديين على الانضمام على الأقل لإعادة إعمار المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل أمنياً حالياً.
مسألة الـF-35
الهدف الأساسي لزيارة ابن سلمان إلى واشنطن هو توقيع اتفاقية دفاع جديدة مشابهة لتلك الموقعة مؤخراً مع قطر، إلى جانب صفقات تسليح ضخمة. ويكمن القلق الأكبر لدى إسرائيل في احتمال بيع مقاتلات F-35 الشبحية للسعودية.
أفادت تقارير هذا الأسبوع بأن البنتاغون وافق بالفعل على بيع الطائرات، بانتظار مصادقة الحكومة الأميركية وربما الكونغرس. لكن القرار النهائي يبقى في يد الرئيس ترامب.
طائرة F-35 — وهي من الجيل الخامس — بيعت لـ19 دولة معظمها غربية، إضافة إلى سنغافورة واليابان وكوريا الجنوبية. في الشرق الأوسط، إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تشغّلها، بنسخة متقدمة مزوّدة بأنظمة حصرية لسلاح الجو الإسرائيلي. وقد أبدت السعودية وتركيا ومصر والإمارات رغبة في الحصول عليها.
سابقاً، وافق نتنياهو على بيع الـF-35 للإمارات في إطار اتفاقيات أبراهام، رغم نفيه الأولي. واليوم تستند الرياض إلى هذا السابقة للمطالبة بالمثل. تحرّك البنتاغون في هذا الاتجاه يؤشر إلى استعداد سعودي لتثبيت التزاماتها — أي التطبيع مقابل الحصول على الطائرات.
التعاون الأمني
يعتمد المسار الحالي أيضاً على التعاون الأمني الإقليمي القائم تحت قيادة القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM) وفي مواجهة التهديد الإيراني، تسعى الرياض إلى تعزيز شراكتها الدفاعية مع إسرائيل، خصوصاً في مجالات الدفاع الصاروخي، والاستخبارات، والقدرات المتقدمة.
وقد ظهر هذا التعاون بصورة معاكسة خلال الحرب مع إيران في حزيران / يونيو، حين أسقطت مروحيات سعودية مسيّرات إيرانية كانت متجهة إلى إسرائيل، وهو ما سبق أن نشرته "إسرائيل هيوم".
ومع ذلك، وبسبب تركيبة حكومة نتنياهو وتحفّظ السعودية على مكوّناتها اليمينية، من المتوقع أن يبدأ أي تطبيع عبر اتفاقيات اقتصادية وتجارية، وليس بعلاقات دبلوماسية كاملة.
وقال دبلوماسي خليجي للصحيفة: "هناك تقدّم واضح، لكن ليس مؤكداً بعد أن يصدر إعلان رسمي عن محادثات مباشرة. احتمالات التطبيع الكامل مع الحكومة الإسرائيلية الحالية ضئيلة، لكن هناك فرصة جيدة لاتفاقيات أولية في مجالي الاقتصاد والتجارة".
حتى مثل هذا التطوّر سيُعدّ اختراقاً كبيراً في علاقة إسرائيل مع العالم العربي — ما لم تتكرر سيناريوهات مفاجئة كتلك التي وقعت في 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023، وتنسف المسار من جديد.
المصدر: إسرائيل هيوم
الكاتب: غرفة التحرير