الخميس 10 تموز , 2025 04:08

ما أهمية زيارة عراقجي إلى السعودية في هذا التوقيت؟

لقاء وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بنظيره السعودي

في أول زيارة من نوعها لمسؤول إيراني رفيع إلى المملكة العربية السعودية منذ العدوان الإسرائيلي على إيران، أجرى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لقاءات رفيعة في جدة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ووزير الخارجية فيصل بن فرحان، ووزير الدفاع خالد بن سلمان.

الزيارة، التي أتت بعد 12 يوماً من التصعيد العسكري ضد إيران، بدت كأنها نقطة انعطاف في المشهد الإقليمي المتوتر، وجاءت لتعكس رغبة متبادلة بين طهران والرياض في إعادة ضبط إيقاع العلاقات الثنائية وتوسيع أفق التعاون في ظل تحديات متزايدة.

المسؤولية الجماعية لدول المنطقة

خلال لقائه نظيره السعودي، شدد عراقجي على "المسؤولية الجماعية" لدول المنطقة في التصدي للسياسات التوسعية والعدوانية التي ينتهجها الكيان الصهيوني. كما أدان بشدة استمرار المجازر ضد الشعب الفلسطيني والاعتداءات المتكررة على لبنان وسوريا، واعتبر أن هذا السلوك، إلى جانب عجز مجلس الأمن، هو السبب الرئيس في تفاقم التوترات الإقليمية.

في المقابل، أكد الوزير فيصل بن فرحان على موقف المملكة "المبدئي" في إدانة الاعتداءات على سيادة إيران وسلامة أراضيها، داعياً إلى تجنّب التصعيد والرهان على المسار الدبلوماسي لتسوية الخلافات.

ما الذي يجعل هذه الزيارة مهمة؟

- لحظة انعطاف دبلوماسي: الزيارة تأتي في توقيت حساس بعد مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل، وتُمثّل لحظة اختبار للنيات السياسية بين الطرفين، وقدرة المنطقة على تجاوز التصعيد عبر الحوار.

- التقاء بعد الصراع: كونها أول زيارة لمسؤول إيراني بهذا المستوى منذ انتهاء التصعيد، فهي تجسّد رغبة واضحة في تجاوز مرحلة الصدام وبناء أرضية مشتركة للحوار، لا سيما أن طهران والرياض كانتا على طرفي نقيض في ملفات كثيرة خلال السنوات الماضية.

- توسيع دائرة النقاش: أبرز ما في اللقاءات هو انتقال الحديث من العلاقات الثنائية إلى ملفات إقليمية أوسع، تشمل التهديدات الإسرائيلية، ومستقبل الأمن الجماعي، وحتى البرنامج النووي الإيراني، في ظل الإشارات السعودية المتزايدة لدعم الحوار المتعدد الأطراف.

- رسالة إلى الخارج: الرسالة غير المباشرة التي حملتها هذه الزيارة هي أن دول الخليج - رغم التوترات - ما زالت ترى في الدبلوماسية الوسيلة الأفضل لمعالجة الصراعات، في وقت يشهد فيه العالم تحولات جذرية في موازين القوى.

من التصعيد إلى التفاهم

لقاء عراقجي بمحمد بن سلمان لم يكن مجاملة بروتوكولية بل بداية لمسار سياسي جديد. فخلف العبارات الدبلوماسية، هناك قراءة سعودية للتطورات الإقليمية تتقاطع مع إدراك إيراني بضرورة كبح التدهور وتوسيع أطر الحوار.

وفي هذا السياق، فإن استعداد المملكة لتقديم الدعم لتخفيف التصعيد، يُقابل بإشارة إيرانية واضحة إلى الرغبة في تحسين العلاقات وتجاوز مرحلة المواجهة المفتوحة، خصوصاً بعد العدوان الثنائي الذي شاركت فيه الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ضد طهران.

وعليه، تُعتبر زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى السعودية محطة مفصلية في جهود التقارب بين الطرفين، بعد عدوان إسرائيلي دام 12 يوماً. الزيارة تضمنت لقاءات مكثفة مع قادة سعوديين مثل محمد بن سلمان، فيصل بن فرحان، وخالد بن سلمان. هذه الخطوات تُشير بوضوح إلى تحوّل دبلوماسي ملموس: من التوتر إلى الحوار، ومن شبه انقطاع العلاقات إلى تبادل إيجابيّ.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور