الثلاثاء 01 تموز , 2025 03:41

ذا واشنطن بوست: التنصت على اتصالات الإيرانيين تفضح الادعاءات الرسمية

الاستخبارات الأميركية تدحض مزاعم ترامب بشأن تدمير البرنامج النووي الإيراني

من خلال تسجيلات اتصالات وتنصت من قبل وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية التابعة للبنتاغون على اتصالات لمسؤولين إيرانيين، يظهر بأن الضربة الامريكية على المنشآت النووية الإيرانية لم تحقق أهدافها كما يروج الرئيس الأميركي والأوساط الرسمية. خلال مقال نشرته صحيفة "ذا واشنطن بوست" وترجمه موقع الخنادق الإلكتروني، يتضح من خلال تتبع الاتصالات أن الضربات لم تكن مدمرة كما حاولت الإدارة الأميركية تصويرها، مما يطرح تساؤلات حول مدى صحة التصريحات الرئاسية ويكشف التناقض بين الواقع على الأرض والدعاية السياسية. كما يناقش المقال كيف تؤثر هذه الحقائق على مسار المفاوضات الدبلوماسية، ويبرز ضرورة النظر بموضوعية إلى قدرات إيران النووية التي لا يمكن محوها بالاستهداف العسكري.

النص المترجم:

قال أربعة أشخاص مطّلعين على المعلومات الاستخباراتية السرّية المتداولة داخل الحكومة الأميركية إن الولايات المتحدة حصلت على اتصال مُعترَض بين مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى، ناقشوا فيه الضربات العسكرية الأميركية الأخيرة على البرنامج النووي الإيراني، وأعربوا عن أن الهجوم كان أقل تدميراً مما كانوا يتوقعون.

قال هؤلاء الأشخاص -الذين تنصتوا على المكالمة-إن الاتصال، الذي كان من المفترض أن يبقى سرياً، تضمّن حديثاً بين مسؤولين في الحكومة الإيرانية يتكهنون فيه حول أسباب كون الضربات التي وجّهها الرئيس دونالد ترامب لم تكن بالقدر من التدمير والاتساع الذي كانوا يتوقعونه.

تشكل هذه المعلومات الاستخباراتية المُعترَضة (من نوع الاتصالات الإشاراتية) أحدث المعطيات الأولية التي ترسم صورة أكثر تعقيداً مما قدّمه الرئيس، والذي صرّح بأن العملية قد "دمرت بالكامل وبشكل تام" البرنامج النووي الإيراني.

لم تنفِ إدارة ترامب وجود الاتصال المُعترَض — الذي لم يُكشف عنه سابقاً — لكنها اعترضت على الاستنتاجات التي توصل إليها المسؤولون الإيرانيون، وشكّكت في قدرتهم على تقييم حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الثلاث التي استهدفتها العملية الأميركية.

قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت "من المخزي أن تساعد صحيفة واشنطن بوست الناس على ارتكاب جرائم فدرالية من خلال نشر تسريبات مجتزأة وخارج سياقها". ويتفق المحللون عموماً على أن الضربات شملت قنابل خارقة للتحصينات وصواريخ كروز من طراز توماهوك. لكن حجم الدمار، والفترة التي قد تستغرقها إيران لإعادة بناء هذه المنشآت، لا يزالان موضع جدل واسع، خاصة في ظل تقارير أفادت بأن إيران نقلت مخزوناتها من اليورانيوم عالي التخصيب قبل الضربة، وأن الانفجارات أغلقت مداخل منشأتين، لكنها لم تتسبب في انهيار مبانيهما تحت الأرض.

تُعدّ المكالمات الهاتفية المُعترَضة، ورسائل البريد الإلكتروني، وسائر أشكال الاتصالات الإلكترونية — المعروفة باسم استخبارات الإشارات — من أقوى الأدوات التي تمتلكها وكالات التجسس الأميركية، وغالباً ما تشكّل الجزء الأكبر من الإحاطة الاستخباراتية اليومية التي يتلقاها ترامب.

وقد عبّر ترامب عن غضبه من التغطية الإعلامية التي خالفت روايته بشأن مهمة القصف التي سبقت وقف إطلاق النار بين إيران و"إسرائيل".

"الديمقراطيون هم من سرّبوا هذه المعلومات"، كتب ترامب على منصة تروث سوشال، في إشارة إلى التقييم الأولي الصادر عن وكالة استخبارات الدفاع التابعة للبنتاغون، والذي رجّح أن تدخل ترامب قد أخّر البرنامج النووي الإيراني لأشهر فقط، وليس لسنوات. وأضاف: "يجب ملاحقتهم قضائياً"!

استند تقرير وكالة استخبارات الدفاع (دي أي اي) إلى معلومات متوفرة بعد حوالي 24 ساعة من الضربة، وخلص إلى أن بعض أجهزة الطرد المركزي الإيرانية، التي تُستخدم في تخصيب اليورانيوم الذي يمكن استخدامه في صنع سلاح نووي، لا تزال سليمة.

وانتقدت إدارة ترامب بعض وسائل الإعلام لفشلها في الإشارة إلى أن تقرير الوكالة، الذي يقيم نتائج الضربة يتطلب "أياماً إلى أسابيع لجمع البيانات اللازمة لتقييم تأثيرات الضربة على النظام المستهدف". ومع ذلك، لم تنتظر الإدارة لتعلن استنتاجاتها الواسعة وتقول بأن الضربات أوقفت البرنامج الإيراني "لسنوات".

في مبنى الكابيتول، استمرت الخلافات حول مدى فعالية الضربات بعد الإحاطات السرية التي قدّمتها إدارة ترامب للمشرعين الأسبوع الماضي. قال السيناتور كريس مورفي وهو ديمقراطي من ولاية كونيتيكت، للصحفيين: "خرجت من تلك الإحاطة وما زلت أعتقد أننا لم ندمر البرنامج بالكامل". وأضاف: "كان الرئيس يضلل الجمهور عمداً عندما قال إن البرنامج قد دُمّر بالكامل. من المؤكد أن هناك قدرة كبيرة ومعدات مهمة ما زالت قائمة".

قال مورفي أيضاً: "لا يمكنك قصف المعرفة حتى تختفي -مهما قتلت من العلماء لا يزال هناك في إيران أشخاص يعرفون كيفية تشغيل أجهزة الطرد المركزي-. وإذا كان لديهم يورانيوم مخصب وما زالوا قادرين على استخدام أجهزة الطرد، فأنت لا تؤخر البرنامج لسنوات، بل لشهور".

قدّم المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، تقييماً خلال مقابلة مع شبكة "سي بي سي" وقال: إن هناك اتفاقاً على أن البرنامج النووي الإيراني تعرّض لـ "مستوى خطير من الأضرار". وأضاف: "إيران كانت تملك ولا تزال، إلى حد ما، قدرات في مجالات المعالجة، والتحويل، وتخصيب اليورانيوم".

قبل الهجوم الأميركي، خلص مجتمع الاستخبارات الأميركي إلى أن إيران لم تتخذ بعد قراراً ببناء قنبلة نووية، لكنها كانت تعمل على تسريع المسارات التي تمكّنها من ذلك في حال قررت القيام بذلك، وفقاً لما ذكره مسؤولون أميركيون.

وقال آية الله علي خامنئي المرشد الأعلى لإيران، إن ترامب "بالغ في نتائج ضرباته". وأضاف: "هاجموا منشآتنا النووية، لكنهم لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً مهماً".


المصدر: The Washington Post

الكاتب: John Hudson and Warren P. Strobel




روزنامة المحور