الثلاثاء 03 حزيران , 2025 03:01

زيارة الرئيس عون العراقية: عودة الحرارة للعلاقة الثنائية بين البلدين

شكّلت زيارة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون إلى العراق في الأول من حزيران 2025 / يونيو الحالي، خطوةً هامةً في تعزيز العلاقات الثنائية بين لبنان والعراق، ولتأكيد احتواء أزمة التصريحات السابقة للرئيس عون وتدخله في الشؤون الداخلية العراقية، ما تسبّب بفتور دبلوماسي بين الدولتين، دون أن يطال ذلك الدعم العراقي للبنان بفيول الطاقة الكهربائية.

وشملت الزيارة مناقشاتٍ حول التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية، وحول ضرورة الاستقرار الإقليمي، والاهم بالنسبة للبنان هو السير بخطوات جديدة في ملف إعادة إعمار ما تهدم خلال العدوان الإسرائيلي، وهو الملف الذي كان العراق أول الدول العربية المبادرة فيه الى خطوات عملية وجادة بعكس غيره من الدول العربية الأخرى، عبر إنشائه صندوقاً عربياً لهذا الهدف. ولا بد الإشارة الى أن الدعم العراقي للبنان تجاوز المساعدات الاقتصادية. ففي أعقاب العدوان الأخير، استقبل العراق أكثر من 20 ألف مواطن لبناني لاجئ، تم توصيفهم رسمياً بصفة الضيوف. وقدمت الحكومة العراقية، إلى جانب المرجعيات والمؤسسات الدينية، المساعدات والمأوى، لا سيما في مدينتي كربلاء والنجف الأشرف المقدستين، ما أكّد عمق الروابط الأخوية بين البلدين.

لذلك حملت الزيارة طابعاً سياسياً بامتياز، تجدّدت خلالها جسور التواصل الرسمي بين البلدين، وهو ما ظهر من تصريحات رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني أمام الرئيس عون الذي أكّد فيها التزام العراق بسيادة لبنان واستقراره، ورفضه لأي اعتداءات وتدخلات تمسّ هذا "الركن العربي المهم"، مشددا على استمرار الدعم العراقي لمساعدة لبنان في تجاوز أزماته الاقتصادية والسياسية الراهنة. لافتاً إلى أن التعاون مع لبنان لا يقتصر على الجوانب الإنسانية، بل يمتد ليشمل شراكات اقتصادية واستثمارية قابلة للتطوير، كاشفاً بأن المرحلة المقبلة ستشهد خطوات عملية لتعزيز هذا التعاون على قاعدة المصالح المشتركة.

أما الرئيس عون فقد ثمّن المساعدات التي قدّمها العراق للبنان، مؤكداً بأن العراقيين لطالما كانوا سنداً حقيقياً لبلاده في الأزمات. وفي المؤتمر الصحفي المشترك بينهما، وصف السوداني المحادثات بـ"المثمرة"، مبيناً أن البحث تناول فرص التعاون في مجالات الطاقة والاتصالات والتبادل التجاري وأهمية دعم القطاع الخاص وتوسيع التكامل الاقتصادي. وأشارت مصادر إعلامية إلى أن أجواء اللقاء كانت إيجابية، وأبدى العراق "استعداده للمساعدة في إعادة الإعمار، من خلال مساعدات نقدية ومالية أو من خلال تسلّم مقاطع جغرافية من قرى الجنوب" مع تأكيد بغداد على استكمال جهودها المتعلقة بموضوع الأسرى اللبنانيين في معتقلات الكيان المؤقت.

والتقى الرئيس عون بنظيره العراقي الرئيس عبد اللطيف جمال رشيد، حيث شدّدا على متانة "العلاقات التاريخية" بين البلدين، وضرورة الدفع باتجاه تهدئة الأوضاع في المنطقة من خلال الحوار والتعاون. وجدّد الرئيسان دعمهما للحقوق الفلسطينية المشروعة، وأهمية الحفاظ على وحدة واستقرار سوريا.

تعذّر لقاء عون مع السيد السيستاني

وبعدما سعى الرئيس عون كثيرا خلال التحضير للزيارة، للقاء المرجع السيد علي السيستاني، تعذّر حصول ذلك. لكن تم الاستعاضة عن هذا اللقاء، بإجراء اتصال هاتفي مع نجل السيستاني، السيد محمد رضا، للاطمئنان على صحة المرجع السيستاني وتمنّي الشفاء له، مع وعد بعقد لقاء لاحق في حال توفّرت الظروف المناسبة.

وحول هذه النقطة، من المفيد الإشارة إلى أن المرجعية الدينية في العراق، تنأى بنفسها عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول والشعوب العربية والإسلامية - حتى أنها ترفض التدخّل في الشؤون السياسية الداخلية العراقية – وتتجنب القيام بأي خطوة يمكن من خلال للبعض تفسير الأمر على أنه إعطاء "شرعية" أو استخدامه كـ "إيحاء" يعبّر عن وجهة سياسية لها، إلا في اللحظات المصيرية الوطنية أو الإقليمية التي يتطلّب الأمر منها ذلك (وفقاً لرؤيتها وليس لرغبات البعض)، بحيث تعلن رأيها جهاراً وبشكل حازم وواضح، كما حصل عام 2014، حينما أعلنت فتوى الجهاد الكفائي جراء اجتياح تنظيم داعش الوهابي الإرهابي للعراق، والتي كانت أساس إنشاء مؤسسة الحشد الشعبي.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور