الخميس 29 أيار , 2025 01:48

منظمة كندية تطارد الصحفيين الداعمين لغزة

المنظمة الكندية تبيض سجل الاحتلال

منظمة تدّعي الدفاع عن الدقة الإعلامية، بينما تعمل على ترهيب الصحفيين وتشويه الحقيقة "Honest Reporting Canada" هي إحدى أبرز أدوات التأثير الإعلامي الصهيوني في الغرب، تعمل كجزء من شبكة ضغط منظمة تهدف إلى حماية صورة "إسرائيل" وشيطنة كل من يعارض روايتها الرسمية. في سياق الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة، تصاعد دور هذه المنظمة بشكل واضح، إذ ركّزت على استهداف التغطية الإعلامية التي تنقل جرائم الحرب بحق المدنيين، خصوصاً الصحفيين الفلسطينيين الذين استشهد العشرات منهم. فما هي طبيعة هذه المنظمة؟ من يديرها ويمولها؟ وكيف تؤثر فعلياً في تغطية الإعلام الغربي؟ ولماذا يجب علينا فضح نشاطها الآن؟

التأسيس

تأسّست منظمة Honest Reporting Canada”" كفرع إقليمي لمنظمة "Honest Reporting" الأم التي انطلقت من كيان الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى عام 2000، في ذروة التحوّل الإعلامي العالمي تجاه تغطية أكثر نقداً للسياسات الإسرائيلية. جاءت هذه المنظمة استجابةً لحالة من "الذعر الإعلامي" في الأوساط الصهيونية، بعد ملاحظة أن عدداً من وسائل الإعلام الدولية بدأت تنقل صوراً مغايرة للرواية الرسمية الإسرائيلية، خاصة ما يتعلق بالانتهاكات في الأراضي الفلسطينية. كان الهدف المعلن عند التأسيس هو "ضمان تغطية إعلامية متوازنة ودقيقة لإسرائيل في وسائل الإعلام الغربية"، لكن هذا الشعار يخفي خلفه هدفاً أوضح: إعادة توجيه الخطاب الإعلامي لصالح "إسرائيل"، ومهاجمة كل سردية تُظهرها كقوة احتلال أو كطرف مسؤول عن الجرائم. تركّز Honest Reporting Canada”" على الإعلام الكندي باعتباره بوابة مؤثرة في الرأي العام الغربي، ويمتد نشاطها إلى مراقبة المراسلين والصحفيين الكنديين، وتقديم شكاوى جماعية بحقهم، وتحفيز حملات ضغط على المؤسسات الإعلامية التي تنشر روايات فلسطينية أو تنقل العدوان الإسرائيلي.

التمويل

خلف القناع الإعلامي الذي ترتديه المنظمة، تقف شبكة دعم قوية تمثل أذرع الضغط الصهيوني في كندا. فهذه المنظمة جزء من منظومة مالية ولوجستية وإعلامية تعمل لتلميع صورة الاحتلال، ومهاجمة كل من يتجرأ على رواية ما يجري في فلسطين المحتلة.

_شبكة Jewish Federations of Canada – UIA

تمثل هذه الشبكة المموّل الأساسي للمنظمة، وتعمل كمؤسسة جامعة للتبرعات من الجاليات اليهودية في كندا. تدعم المنظمة مالياً، وتوفّر لها الغطاء المؤسسي والتنسيق مع الوكالة اليهودية العالمية.

Centre for Israel and Jewish Affairs_

أقوى لوبي صهيوني في كندا، ويشكّل المظلّة السياسية والفكرية لأنشطة Honest” “Reporting لا يقتصر دعمه على التمويل، بل يشمل توفير "حجج قانونية" ومنصات توجيهية تساعد المنظمة في حملاتها التحريضية ضد الصحفيين، متى ما وُصف تقرير ما بـ "التحيّز ضد إسرائيل".

The Asper Foundation_

التي دعمت مشاريع إعلامية مؤيدة ل "إسرائيل"، وتُعد من الشركاء غير المعلنين في توسيع نفوذها.

فريقها

بعيداً عن ادعاء "التوازن الإعلامي"، تتشكّل إدارة المنظمة من مجموعة ناشطين إعلاميين معروفين بولائهم الصريح لكيان الاحتلال. مهمتهم مراقبة الإعلام الكندي والغربي وتوجيهه بما يخدم "إسرائيل". المدير التنفيذي للمنظمة هو مايك فيغيلمان، يُعدّ من أبرز الأصوات المدافعة عن الاحتلال في الإعلام الكندي. يكتب باستمرار في الصحف الكبرى مهاجماً أي تغطية تُظهر حقيقة الكيان، متهماً إياها بـ "تشويه الحقائق". سابقاً، نشط في مشاريع إعلامية ممولة من اللوبي الصهيوني، ويُعرف بعلاقاته الوثيقة مع مؤسسات صهيونية كبرى داخل وخارج كندا.

محررون متطوعون

لا تُعلن المنظمة عن أسماء معظم المحررين العاملين فيها، سوى عدد قليل منهم. تشير المعطيات المتوفرة إلى أنهم طلاب جامعات ونشطاء في منظمات صهيونية شبابية، يعملون على رصد ومراقبة التغطية اليومية، وإعداد تقارير تُرفع للمحررين أو تُستخدم لتوجيه حملات ضد صحفيين ومنصات إعلامية. ولا يُسجَّل أي نشاط علني لمتطوعين من خارج الجالية اليهودية الكندية أو الأمريكية. النواة الصلبة للمنظمة تتكوّن من يهود مؤيدين للصهيونية، بعضهم يحمل جنسية مزدوجة (كندية-أمريكية). وهذا الانغلاق العرقي والسياسي يعزز الطابع الدعائي للمنظمة.

كيف تعمل؟

لا تقتصر Honest Reporting Canada”" على إصدار بيانات أو مقالات رأي، بل تعتمد نموذجاً دعائياً متكاملاً يدمج الرصد اليومي، الضغط المنظم، التشهير، والتأثير غير المباشر في غرف الأخبار. نشاطها يرتكز على ثلاث آليات رئيسية:

_الرصد الدائم والتحليل المنحاز

تتابع المنظمة عشرات وسائل الإعلام الكندية والغربية بشكل يومي، من الصحف الكبرى حتى القنوات التلفزيونية والمنصات الرقمية. تُرصد العبارات، العناوين، وحتى المصطلحات المستخدمة مثل "احتلال"، "قصف"، "شهداء"، ويُعتبر أي خروج عن الرواية الإسرائيلية الرسمية "انحيازاً يستوجب التصحيح".

_إعداد تقارير تشهيرية موجهة

بعد رصد المادة "المخالفة"، تُعدّ تقارير مفصّلة تتهم الصحفي أو المؤسسة بالتشويه، وغالباً ما تُرفق بعناوين هجومية مثل: "صحيفة كندية تضلل الرأي العام بشأن غزة". هذه التقارير تُنشر على الموقع الرسمي، وتُرسل إلى الجهة الإعلامية المعنية، وفي بعض الحالات تُرفع إلى جهات ضغط سياسي أو داعمين ماليين للمؤسسة المستهدفة.

_تحريض الرأي العام والمجتمع اليهودي

تدعو المنظمة جمهورها – وغالباً ما يكون يهودياً – إلى إرسال شكاوى جماعية للإعلاميين، أو التهديد بمقاطعة وسائل الإعلام "المعادية لإسرائيل". هذا النمط من الضغط الجماعي يضع الصحفيين تحت رقابة مستمرة ويخلق بيئة ترهيب إعلامي.

 تُعتبر المنظمة ذات تأثير قوي ضمن الإطار الإعلامي والسياسي في كندا، رغم أنها ليست من المنظمات الجماهيرية أو الواسعة الانتشار، لكنها تعمل وفق آليات ضغط منظمة، وهذه بعض أدوات تأثيرها:

_الضغط المباشر على وسائل الإعلام

ترسل تقارير دورية إلى رؤساء التحرير والمؤسسات الإعلامية تطالب بتعديلات فورية على التغطيات المتعلقة بأي أخبار عن كيان الاحتلال. وتلاحق الصحفيين فردياً، وتتهمهم بالتحيّز أو "معاداة السامية" إذا خالفوا الرواية الإسرائيلية. بالإضافة إلى ممارستها رقابة غير رسمية على وسائل الإعلام الكندية بحجّة "التدقيق في الدقة الإعلامية".

_شبكة علاقات داخل الإعلام الكندي

لديها علاقات مع صحفيين ومحررين وناشرين في وسائل إعلام كبرى مثل: CBC, GLOBAL NEWS. هذا الارتباط يُستخدم أحياناً لإسكات الأصوات أو منع نشر تقارير تتضامن مع الفلسطينيين.

_الاستقواء بورقة "معاداة السامية"

تلجأ المنظمة إلى تصنيف أي تغطية ناقدة لـ "إسرائيل" ضمن خانة "التحريض على معاداة السامية"، مما يضع الصحفيين تحت الضغط لأن هذه الورقة فعّالة في كندا.

أمثلة على تأثيرها العملي

تعديل أو حذف تقارير من كبرى القنوات بسبب ضغط منها، إصدار تقارير هجومية على تغطيات دولية عند إظهارها لانتهاكات الاحتلال. بالإضافة لمطالبة الجامعات الكندية بفصل أساتذة عبّروا عن مواقف مؤيدة لفلسطين، بدعوى "التحريض".

تواطؤ منظّم

لا تكتفي المنظمة بتشويه سمعة الصحفيين وخصوصاً الفلسطينيين، بل تتعدى ذلك إلى محاولة تجريدهم من صفتهم المهنية والإنسانية عبر اتهامهم زوراً بأنهم "مقاتلون في صفوف حركة حماس". هذا الاتهام هو جزء من حملة ممنهجة لتحويل هؤلاء الصحفيين إلى أهداف عسكرية مشروعة، خاصة لدى الجهات الأمنية الإسرائيلية، التي تستخدم هذه الرواية كذريعة للاغتيال المباشر أو القصف المتعمد. هذه الاستراتيجية الخبيثة تُسهم في تعطيل الحماية الدولية للصحفيين، وتخلق مناخاً يسمح بإسكات الأصوات التي تنقل معاناة الفلسطينيين، في انتهاك واضح للقوانين الدولية التي تحمي الصحفيين كمدنيين. هذا التواطؤ الإعلامي والسياسي ضد الصحفيين الفلسطينيين هو جزء من آلة تضليل منظمة تهدف إلى القضاء على الحقيقة، وتشويه صورة المقاومة، وإخفاء صوت المظلومين، مما يجعل Honest Reporting Canada”" شريكاً غير معلن في جرائم الحرب.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور