يواجه لبنان أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة، يشكّل الانهيار المصرفي أحد أعمدتها الرئيسية. تعود جذور هذه الأزمة إلى عقود من السياسات الاقتصادية غير المستدامة، والاعتماد المفرط على التدفقات الرأسمالية، والهندسات المالية التي اتبعها مصرف لبنان المركزي، والتي أدت في النهاية إلى خلق فجوة مالية هائلة في النظام المصرفي تقدّر بما يتراوح بين 70 و80 مليار دولار أميركي كتقديرات أولية.
ومما لا شك فيه أن جانبًا رئيسيًا من تعقيدات المشكلة الاقتصادية والمالية في لبنان، يعود إلى التلكؤ المتعمد في المبادرة لحل مشكلة القطاع المصرفي، من جرّاء الخلافات وتضارب المصالح ومراكز النفوذ السياسي والاقتصادي حول كيفية مقاربة جوهر المشكلة، المتمثل في كيفية توزيع هذه الخسائر الضخمة بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف التجارية ومودعيها، مما لا يؤدي إلى تعطيل أي محاولة جادة للحل فقط، وإنما إلى تبديد وإضاعة حقوق المودعين وثرواتهم أيضًا.
وفيما تشترط مؤسسات التمويل الدولية على المؤسسات اللبنانية الرسمية تنفيذ برنامج إصلاحات شامل، من أجل تقديم القروض والتسهيلات المالية، فإن هذه المؤسسات استمرت تكتفي بتقديم خطط ووضع إجراءات وتدابير تشريعية وتنظيمية، لم تلامس جوهر المشكلات في غالب الأحيان، لا بل إن معظمها بقي حبرًا على ورق.
يقدّم هذا التقرير رؤية متكاملة لمعالجة أزمة القطاع المصرفي اللبناني، تستند إلى تحليل معمق لظروف الأزمة وأسبابها، وإلى دروس ومبادئ مستفادة من تجارب مماثلة وتوصيات ومعايير دولية. وتهدف هذه الرؤية إلى استعادة التوازن والاستقرار المالي والاقتصادي، بالإضافة إلى استعادة أقصى نسبة ممكنة من قيمة الودائع الأصلية، مع مراعاة مبادئ العدالة والشفافية والاستدامة المالية.
وتؤكد الرؤية ضرورة توفر شروط مسبقة حاسمة للتنفيذ وتحقيق الأهداف المنشودة، أبرزها: الإرادة السياسية الصلبة للتوصل إلى توافق وطني حول توزيع الخسائر وتنفيذ الإصلاحات، وإقرار الإطار القانوني اللازم (بما في ذلك قانون الكابيتال كونترول للرقابة على حركة رؤوس الأموال وإعادة هيكلة المصارف)، واستكمال عمليات التدقيق الجنائي سنة 2020، وقدمت(Alvarez & Marsal) الذي كانت قد بدأته شركة ألفاريز ومارسال
تقريرها الأول في سنة 2021، والتوسع في هذا التحقيق بصورة مستقلة وشفافة ليشمل كامل عمليات مصرف لبنان والمصارف التجارية، دون ربط هذه العملية بأي برنامج أو شروط دولية، بما فيها الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
تقترح الرؤية خمسة محاور رئيسية للحل، على الشكل الآتي: 1- إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ 2- إصلاح المصرف المركزي؛ 3- الأطر اللازمة لإدارة عملية إعادة هيكلة القطاع المصرفي، 4- معالجة أوضاع المالية العامة والدين العام، 6- السياسة النقدية وسعر الصرف. وفي الخلاصة يتضمن التقرير توصيات ملازمة لتنفيذ الرؤية.
لتحميل الدراسة من هنا
المصدر: المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق
الكاتب: رضوان جمّول