الخميس 15 أيار , 2025 12:23

زمان إسرائيل: إسرائيل فقدت سيطرتها واستقلالها

ويتكوف مع عوائل أسرى جيش الاحتلال الإسرائيلي

تشكو الصحفية تال شنايدر في هذا المقال الذي نشره موقع "زمان إسرائيل" وترجمه موقع الخنادق الإلكتروني، من حال الكيان المؤقت الذي برأيها قد فقد "استقلاله"، وباتت الإدارة الأمريكية هي التي تدير العديد من قضايا الكيان، خاصةً في ملف الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية. كما أشرت شنايدر بأنه فيما يعلن رئيس وزراء الكيان بأن الحرب لن تتوقف، تجري الولايات المتحدة محادثات مع إيران وحماس والحوثيين، وتروج للتطبيع مع سوريا - دون أي تدخل إسرائيلي. وأنه بينما يعمل مبعوث ترامب على ترسيخ الحقائق على الأرض، يتمسك نتنياهو بشعارات قديمة وأوهام "النصر الكامل".

وتحدّثت شنايدر أيضاً عن التطورات في الشأن السوري، مبينةّ بأنه فيما يندفع ترامب نحو أحمد الشرع الجولاني، فإن إسرائيل تفضّل تجنّب احتضانه علنًا. مؤكّدةً بأن الجولاني حقق هدفًا سعت إليه إسرائيل لسنوات: "فقد فصل الجسر البري بين طهران وبيروت، وطرد العديد من عناصر حزب الله من الأراضي السورية، ونجح في وقف حركة شحن السلاح الجوي من الحرس الثوري إلى حزب الله.

سنوات من "المعركة بين الحروب" التي خاضتها إسرائيل في الأجواء السورية لم تحقق هذه النتيجة، كما فعلت ستة أشهر فقط من حكم الشرع".

النص المترجم:

عند النظر بأثر رجعي في أحداث عيد الاستقلال الـ77 لدولة إسرائيل – الحرائق، الرياح، إلغاء المراسم، وأجواء الكآبة بسبب وضع الأسرى – يمكن اعتبارها بمثابة تمهيد للأحداث التي ستليها في الأسابيع القادمة. لم يكن هناك أي شعور بالاستقلال؛ بل شعور بكارثة مستمرة – نعم، وبوضوح.

أعلنت الحكومة عن عملية عسكرية جديدة وأرسلت استدعاءات للاحتياط لعشرات الآلاف من الإسرائيليين. بعضهم انضم للخدمة وهم يشعرون بإحباط عميق ومزمن، في ظل حكومة حددت لنفسها هدفاً معلناً واحداً: إطالة أمد الحرب "حتى النصر التام"، من دون تحديد موعد لنهايتها.

وفي استمرار مباشر لفقدان شعور الاستقلال، أعلنت القوة العظمى الحليفة لإسرائيل – الولايات المتحدة – عن إحراز تقدم في اتفاقات لوقف إطلاق النار مع الحوثيين، وعن مفاوضات مباشرة مع إيران، وكذلك عن اتصالات مباشرة مع تنظيم "حماس" من أجل الإفراج عن الجندي عيدان ألكسندر.

ولتجسيد فقدان السيطرة الإسرائيلية، أُرسل مبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف إلى هنا، وهو من أدار عملية تحرير ألكسندر حتى أدق التفاصيل. أبلغ إسرائيل بالإجراء، وتواصل مباشرة مع الصليب الأحمر، وفي نهاية المطاف – وبلفتة مجاملة – أوصل ألكسندر عبر الهاتف برئيس وزراء الدولة التي قاتل من أجلها.

وفي المكالمة الغريبة، شكر ويتكوف نتنياهو على عدم عرقلته للعملية. شكراً فعلاً. هذه المكالمة جسدت مدى فقدان إسرائيل لاستقلالها – إذ باتت خاضعة للخطوات التي يقودها ويتكوف.

زيارة ويتكوف المؤثرة والفعّالة والودّية بلغت ذروتها في "ساحة الأسرى" وفي لقاء مطوّل دام ساعتين في "بيت أريئيلا" مع عائلات الأسرى. وشارك في اللقاء أيضاً آدام بوهلر، المبعوث الأميركي الخاص لشؤون الرهائن.

وتحدث والد غاي إيلوز، الذي قُتل في الأسر بعد أسبوع من اختطافه، لوسائل الإعلام أمس عن اللقاء: "تحدثوا معنا لمدة ساعتين. لماذا لا أحظى بهذا من رئيس وزرائي؟" وأوضح إيلوز أن هذا ليس لقاؤهم الأول مع ويتكوف: "أميركا قررت أنها لا تثق بنتنياهو لإبرام صفقة. أريد الجميع ضمن صفقة واحدة"، قال في مقابلة مع "كان" – الشبكة ب.

ووصف إيلوز وآخرون شاركوا في اللقاء ويتكوف بأنه جاء مستعداً جداً، لم يقل كلمة سيئة واحدة عن حكومة إسرائيل، بل وأكد في مرحلة ما أن إسرائيل هي الحكومة السيادية، التي من المفترض أن تتخذ القرارات الصعبة. في عالم يُضطر فيه إلى توضيح من هي الحكومة السيادية – من الواضح أن تلك الحكومة لا تقوم بوظيفتها كحكومة.

في الوقت الذي كان فيه ويتكوف يلتقي مع العائلات، كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يلتقي بمجموعة من جرحى الحرب. يبدو أن هذه المجموعة تشكلت حديثاً من جنود وضباط احتياط أُصيبوا إصابات بالغة في القتال، ويرغبون في مواصلة القتال، لإيقاف ما يرونه "تخبطاً" في الجيش الإسرائيلي.

وقد تم افتتاح صفحة "فيسبوك" لهذه المجموعة في 5 أيار / مايو 2025، وحتى مساء الأمس، كان لديها أقل من 200 متابع. لم يتم فتح حساب رسمي على "X" بعد. ويُشار إلى أن أعضاء المجموعة وصلوا في وفد كبير إلى مكتب رئيس الوزراء، وجميعهم – على الأقل من الظاهر – مصابون بإصابات خطيرة وتعرضوا لفقدان كبير خلال الحرب.

"لن يكون هناك وضع نوقف فيه الحرب"

في مقطع الفيديو الذي نُشر من اللقاء، قال نتنياهو: "قد تقول حماس فجأة 'توقفوا، توقفوا، توقفوا، نريد إطلاق سراح عشرة آخرين' – لا بأس. أعطونا، نأخذ، ثم ندخل من جديد. لكن لن يكون هناك وضع نوقف فيه الحرب. يمكن وقف إطلاق النار لفترة مؤقتة، لكننا ماضون حتى النهاية".

وعند مشاهدة الفيديو الذي أرسلته مكتب رئيس الوزراء من هذا اللقاء، يتبادر السؤال فوراً: من يقرر فعلاً إن كان سيكون هناك وقف لإطلاق النار – نتنياهو؟ أم أن الرئيس دونالد ترامب هو من يتخذ القرارات في الرياض والدوحة من فوق رأسه؟

وفي ملاحظة عرضية خلال اللقاء، ذكر نتنياهو خطة ترامب لإخلاء قطاع غزة من سكانه الفلسطينيين، لكنه اعترف بعدم وجود تقدم عملي في إيجاد دول توافق على استقبال نحو مليون فلسطيني من غزة. وقال: "المشكلة عندنا هي شيء واحد – نحتاج إلى دول مستقبِلة".

وقدر نتنياهو أن 50% من سكان غزة يرغبون في مغادرة القطاع – وهو تقدير لا يستند إلى أي عمل ميداني منظم، بل قيل بشكل اعتباطي، كغيره من تصريحاته.

لكن في نهاية المطاف، بحسب كلامه، لا جدوى من الخطة – لعدم وجود دول مستقبِلة. وأكد للمشاركين أن إسرائيل "أنجزت الجزء الخاص بها" وأقامت هيئة لإدارة الخطة. إلا أن تصريحات ترامب قبل عدة أشهر بقيت جوفاء، وترامب نفسه توقف عن الإشارة إلى الخطة خلال الوقت الذي مضى.

وبدل ذلك، فإن الصديق المقرب من واشنطن – الرجل الذي رسم الابتسامة من خد إلى خد على وجه نتنياهو – بات الآن يتقارب مع أطراف أخرى في الساحة الشرق أوسطية. فهو لا يروّج فقط لخطوات مع الحوثيين والإيرانيين والسعوديين والسوريين والأتراك، بل ولا يكلّف نفسه حتى عناء زيارة إسرائيل.

وقد كُشف عن سبب ذلك أمس: إذ أفادت شبكة CNN أن إسرائيل حاولت فحص إمكانية قيام الرئيس ترامب بزيارة إلى إسرائيل، لكن مصدراً قال للشبكة: "من دون وقف إطلاق نار أو إنجاز آخر يمكن عرضه – لا فائدة من الزيارة".

وفي ظل غياب السيطرة على جدول الأعمال، وفي وقت باتت إسرائيل تشعر أكثر فأكثر كدولة وصاية تتقاذفها الأمواج، شهد يوم أمس أحداثاً مربكة على نحو خاص. اللقاء الذي جمع ترامب مع الزعيم السوري الجديد، أحمد الشرع، فجّر البالون الإسرائيلي.

فقط قبل شهر، كان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قد هدد الشرع علناً: "إذا سمحتَ لقوات معادية لإسرائيل بدخول سوريا وتهديد المصالح الأمنية الإسرائيلية – ستدفع ثمناً باهظاً جداً"، تصريحات كاتس جاءت في بداية نيسان / أبريل 2025، بعد ليلة نفذ فيها سلاح الجو الإسرائيلي هجمات في سوريا، وقضى على مسلحين، وأصاب مطاري T4 وحماة.

وقبل ذلك بعدة أسابيع، خلال حفل تخريج دورة ضباط، أعلن رئيس الوزراء نتنياهو أن قوات الجيش الإسرائيلي ستبقى في الأراضي السورية، وطرح شرطاً لا لبس فيه: "نطالب بنزع سلاح كامل لجنوب سوريا من قوات النظام الجديد. كذلك، لن نتسامح مع أي تهديد للطائفة الدرزية في جنوب سوريا".

لم يُطرح موضوع نزع السلاح أو التهديدات التي وضعتها إسرائيل على الإطلاق، في الحوار الجديد بين الرئيس ترامب وأحمد الشرع، والذي عُقد أمس في الرياض.

البيت الأبيض، عبر المتحدثة باسمه كارولاين ليفيت، عرض مطالب الولايات المتحدة من الرئيس السوري، والتي تشمل: التوقيع على "اتفاقيات أبراهام" مع إسرائيل (عندما تتهيأ الظروف لذلك)، إصدار أمر بخروج جميع الإرهابيين الأجانب من سوريا، طرد الإرهابيين الفلسطينيين من أراضيها، المساعدة في منع تعزيز قوة تنظيم داعش، وتحمل المسؤولية عن مراكز الاحتجاز التي يُحتجز فيها عناصر داعش في شمال شرق سوريا.

البندان الأخيران يثيران اهتمامًا خاصًا، نظرًا لماضي الشرع كقائد لجبهة النصرة – التنظيم الذي انفصل عن داعش عام 2016. لاحقًا، ترأس الشرع توحيد التنظيمات الجهادية السورية تحت اسم "هيئة تحرير الشام".

مخاوف إسرائيل تجاهه مفهومة تمامًا، لكن ترامب يندفع قُدمًا، بينما تفضّل إسرائيل تجنّب احتضانه علنًا. ورغم تحفظها، فقد حقق الشرع هدفًا سعت إليه إسرائيل لسنوات: فقد فصل الجسر البري بين طهران وبيروت، وطرد العديد من عناصر حزب الله من الأراضي السورية، ونجح في وقف حركة شحن السلاح الجوي من الحرس الثوري إلى حزب الله.

سنوات من "المعركة بين الحروب" التي خاضتها إسرائيل في الأجواء السورية لم تحقق هذه النتيجة، كما فعلت ستة أشهر فقط من حكم الشرع.

ترامب، كعادته في اللقاءات الشخصية، انساق قليلًا خلف الإطراءات، فوصف أحمد الشرع بأنه "رجل جذّاب" خلال الرحلة من الرياض إلى الدوحة. لكن خلف أجواء الحفلات، كان الحدث الأهم هو الإعلان عن رفع العقوبات عن سوريا. يمنح ترامب النظام السوري فرصة حقيقية للدخول في مسار للإصلاح وإعادة الإعمار.

وعندما عرض عليهم الانضمام إلى "اتفاقيات أبراهام"، ليس من الواضح إن كان أحد في الإدارة الأمريكية قد تواصل بشأن ذلك مع نتنياهو. في كل الأحوال، لا يزال نتنياهو غارقًا في نهج انغلاقي، ويجد صعوبة في تقبّل انفتاح العالم على دولة كانت حتى وقت قريب منبوذة في نظره.

وماذا سيجلب رفع العقوبات؟ الشركات الأمريكية ستتمكن من دخول السوق السوري والحصول على عقود استثمار في مجالات البنية التحتية، والطاقة، والبناء، وغيرها. سوريا، الدولة المدمرة بعد سنوات من الحرب القاسية، عطشى للاستثمارات الأجنبية والمشاركة الاقتصادية – وهي على وشك أن تحصل على ذلك بالضبط.

أما نتنياهو، فمن المرجح أن يراقب كل ذلك من على الهامش. على الجبهة الجنوبية، يواجه صعوبات في تنفيذ خطة "تهجير السكان"، لكنه يواصل إطلاق الوعود بالنصر. وعلى الجبهة الشمالية، سيشاهد مقاولين من شركات دولية وتغييرات بنيوية سريعة. ولم يبقَ له سوى أن يدخل في سرير سياسي مع بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير – ويحلم بقبعته التي تحمل شعار "النصر الكامل".


المصدر: زمان إسرائيل

الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور