الثلاثاء 24 أيار , 2022 02:49

الشيخ الشهيد أحمد يحيى "أبو ذر": شيخ المقاومين

الشهيد الشيخ أبو ذر

عند حلول الذكرى السنوية لعيد المقاومة والتحرير في لبنان، في الـ 25 من أيار، لا يمكن إحياء هذه المناسبة وإعطاءها القليل من حقها، إلا من خلال تذكّر صنّاعها الحقيقيين، وهم الشهداء والمجاهدين والجرحى والأسرى.

وللشهيد الشيخ أحمد يحيى "أبو ذر"، قيمة استثنائية وفريدة، فهو من الرعيل الأول للمقاومين، والذي لطالما سعى لأن يكون من الشهداء، حتى أنه حاول مراراً وتكراراً الطلب من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أن يكون من الإستشهاديين، لكن السيد نصر الله لم يقبل ذلك، حتى وفقه الله لذلك في أيام التحرير، ما جعله يقول لحظة إصابته وقبيل ارتقائه "الحمد لله الذي أراني الحُسنيين النصر والشهادة ".

فما هي أهم وأبرز المحطات في مسيرة وحياة وجهاد الشيخ الشهيد أبو ذر؟

_ ولد الشيخ أحمد يحيى لعائلة متواضعة في قرية رشاف الجنوبية في العام 1958، وكان والده من مزارعي التبغ. أما والدته فكانت تتصف بالشجاعة التي ورثها عنها، ولها موقف لافت خلال حرب تموز 2006، حينما رفضت مغادرة القرية في أشد لحظات العدوان الإسرائيلي، وقد وثق مراسل إحدى القنوات التلفزيونية ذلك، عندما قام بتصويرها خلال يارتها لضريح الشهيد أبو ذر.

_ تميز في طفولته بأنه كان الوحيد من أقرانه في القرية، المواظب على الصلاة في المسجد، في حين كان أغلب رواده هم من الرجال الكبار في السن. وغالبا ما كان يجمعهم الفتى أحمد حوله ليقرأ لهم الأدعية، وما تيسر من سور القرآن الكريم.

_ خلال العام 1978، وجراء المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في اجتياحه الأول، وبعد استشهاد والده على أيدي الجنود الإسرائيليين، الذين عمدوا إلى قتله ورميه في البئر. تركت عائلته القرية، وسكنت في العاصمة بيروت، فصار المعيل لأمه وإخوته والمسؤول عنهم.

وبالتوازي من ذلك، تابع دراسته الثانوية، ثم انتسب بعدها إلى إحدى الجامعات اللبنانية، وصار ينسق وقته وجهده ما بين العمل والدراسة.

_ في العام 1982، سافر إلى السعودية لأداء مناسك الحج، ثم سافر بعدها إلى الجمهورية الإسلامية في إيران، لكي يبدأ مساره في تلقي العلوم الدينية في مدينة قم المقدسة.

_عاد بعدها الى لبنان في العام 1986، وكانت لحظة عودته هي لحظة الالتحاق بمحاور الجهاد والمقاومة. فشارك في الكثير من العمليات الجهادية، وهناك إحدى الصور التي توثق تواجده برفقة الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد عباس الموسوي في غرفة العمليات الخاصة بعملية بدر الكبرى عام 1987. كما كان من رفاق الشهيد القائد سمير مطوط أثناء تنفيذ عملية "علي الطاهر" في الـ 6 من شباط 1987، والتي استشهد فيها الشهيد مطوط مع عدد من الشهداء الآخرين.

_ كان على علاقة مميزة وأخوية، بكل من الشهيد الشيخ راغب حرب والشهيد السيد عباس الموسوي وبالسيد حسن نصر الله. حتى أنه ذكر في وصيته: "أقسم يا سيدي لو قطعت إرباً إربا، لوجدتَ على كل قطرة من دمي اسم الخميني والخامنئي ونصر الله"

_ كان تواقاً للشهادّة، وهذا ما يشهد عليه السيد نصر الله من خلال ما رواه عنه لاحقاً: "قبل أيّامٍ قليلة في بلدة بدنايل (إحدى قرى البقاع الأوسط)، في ذكرى الشهيد الحاج "كربلا"، عاتبني (الشيخ الشهيد) لأنني لم أفتح له فرصة اللحاق بالشهداء، هذا الشيخ المجاهد والطاهر والعابد كان يصرّ على أن يكون أول شيخ ينفذ عمليةً استشهادية في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي".

_ في الـ 22 من أيار العام 2000، وخلال عمليات المقاومة الإسلامية التي واكبت انسحاب الجيش الإسرائيلي، دخل الشيخ أبو ذر إلى قريته رشاف بعد سنوات طويلة من الفراق، وكانت إحدى مجموعات الاحتلال لا تزال متحصنة في أحد المواقع على مشارف البلدة، فتعرض الشيخ أبو ذر ورفيقه الشّهيد أكرم حمدون لشظايا قذيفة أصيبا على إثرها بجروح بليغة، فتم نقلهما إلى إحدى المستشفيات في صيدا للمعالجة، وبقيا فيها ثلاثة أيام حتى يوم عيد التحرير. ذلك التاريخ الذي صرح الشهيد بأنه يخشى أن يحرمه فرصة الشهادة من بعده. ومن وقتها بات يلقّب بـ "شيخ المقاومين".

_ في خطاب عيد التحرير في بنت جبيل عام 2000، خصّ السيد نصر الله الشيخ أبو ذر بتحية، واصفاً بـ"الأخ العزيز، العاشق للشهادة المقاوم المجاهد، والجندي المجهول".

_ لكن القصة لم تنتهي بشهادة الشيخ أبو ذر، فبعد شهادته بـ 15 عاماً، أي في الـ 25 من أيار 2015، التحق به ابنه الشهيد علي أحمد يحيى، الذي اختار "أبو ذر" اسماً جهادياً له أيضاً، حينما كان يقاتل مسلّحي تنظيم "القاعدة" في الجرود البقاعية، أثناء إسعافه لأحد رفاقه المجاهدين الجرحى. فكان لخبر الاستشهاد هذا وقعه لدى مناصري المقاومة، لرمزية توافق المناسبات.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور