الخميس 24 حزيران , 2021 06:27

اميركا تسحب الباتريوت: ما هي خيارات السعودية؟

يبدو أن الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة "جوزيف بايدن"، تحاول قدر الإمكان اتخاذ إجراءات تخفف من حضورها العسكري المباشر في المنطقة. لكي تقوم بتركيز كل جهودها نحو مواجهة الصين، التي تعتبرها الخطر الإستراتيجي الأول على الأمن القومي لها، من هنا جاء القرار الاميركي بسحب 8 منظومات "باتريوت" و "ثاد" من المنطقة.

قررت الولايات المتحدة الأمريكية منذ أيام، سحب 8 منظومات دفاع جوي من نوع "باتريوت" و"ثاد" خلال الصيف المقبل، كانت موجودة في 4 دول بالمنطقة: العراق، السعودية، الأردن، والكويت.

هذا القرار طرح عدة تساؤلات حول دلالاته خصوصاً لناحية التوقيت، بالإضافة إلى ما يمكن أن يترك من تأثيرات على دول المنطقة، خصوصاً تلك التي كانت تتواجد فيها المنظومات.

كما سيتم سحب هذه الأنظمة، بالتزامن مع عملية الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان، الذي من المقرر لها أن تنتهي في شهر أيلول المقبل. ما يجعل من هذه التساؤلات ذات عمق أكبر، يتعلق بالوجود العسكري الأمريكي في منطقة غرب آسيا بشكل عام.

سبب وجود هذه المنظومات

من أهم الأسباب التي دفعت بالأمريكيين، إلى نشر هذه المنظومات في السعودية خصوصاً، هو تنفيذ الجيش اليمني واللجان الشعبية لهجوم نوعي واستراتيجي، في أيلول من العام 2019، تم بواسطة الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، واستهدفت معملين تابعين لشركة أرامكو النفطية السعودية. يُعدُّ أحد هذين المعملين، الأكبر على صعيد العالم تكرير النفط. وجاء هذا الهجوم اليمني في إطار الرد المشروع، على جرائم العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي، على السكان المدنيين اليمنيين.

ما دفع بالسعودية التي تعتمد بشكل كامل على أهم منظومات الدفاع الجوي الأمريكية، والتي فشلت في اكتشاف ورصد واعتراض الصواريخ والطائرات، إلى طلب المساعدة من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي اتخذ قراراً بنشر هذه المنظومات، لمحاولة ترميم القيمة الاعتبارية لقطاع الصناعات العسكرية، بعد هذا الفشل الكبير.

خلفيات توقيت هذا القرار

يبدو أن الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة "جوزيف بايدن"، تحاول قدر الإمكان اتخاذ إجراءات تخفف من حضورها العسكري المباشر في المنطقة. لكي تقوم بتركيز كل جهودها نحو مواجهة الصين، التي تعتبرها الخطر الإستراتيجي الأول على الأمن القومي لها.

لذلك فإن هناك عدة أسباب قد يكون توفرها مجتمعة أو سبب واحد على الأقل، هو السبب الرئيسي في اتخاذ "بايدن" لهذا القرار:

_ محاولة تسويق هذا القرار عند الجمهورية الإسلامية في إيران، على أنه من مراحل انهاء الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، لكسب بعض التساهل في المفاوضات النووية التي تجري حالياً، أو للتحضير لمناقشة الملفات الأخرى.

_ تحضير الأرضية اللوجستية لأي مواجهة مع الصين وحليفتها كوريا الشمالية، من خلال نشر المنظومات على حدودهما، لمحاولة اعتراض الصواريخ الباليستية التي يتميز بها كلا البلدين.

_ كما هناك احتمال كبير في نشرها عند كيان الاحتلال الإسرائيلي، الذي تأكد له بعد معركة القدس، ضعف منظوماته وقصورها، في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية، فكيف الحال إن تحقق الكابوس الأكبر لها المتعلق ب مليون صاروخ.

_وقد يكون الأهم هو إنهاء الحرب على اليمن بعد فشل التحالف العربي بقيادة السعودية وهزيمته أمام اليمنيين، الأمر الذي دفع السعوديين لطلب الحوار مع طهران لمناقشة ملفات وقضايا المنطقة بما فيها إنهاء العدوان، وقد عقدت حتى اليوم عدة لقاءات في بغداد برعاية رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي اتسمت بالإيجابية، لكن ما يعيق الوصول الى تفاهم نهائي سواء حول اليمن او لبنان أو ملفات أخرى في المنطقة هو غرور وكبرياء محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، وعدم تقبله بسهولة وعلى المستوى الشخصي الهزيمة في اليمن والجلوس مع أنصار الله على طاولة واحدة.

خطوات قد تتخذها هذه الدول للتعويض (الرياض مثالاً)

يبدو أن الرياض كانت تعلم مسبقاً بقرار "بايدن"، ما دفعها لعقد اتفاق مع اليونان في نيسان الماضي، يقضي باستئجار صواريخ باتريوت الأمريكية، التي تمتلكها أثينا وللتعويض مؤقتاً عن هذا النقص.

أما في الحلول الدائمة والمفتوحة أمام الرياض:

1_ شراء منظومات دفاع جوي أوروبي Eurosam التي تعتمد على صواريخ أرض جو (Aster 15  و Aster 30). لكن هذه المنظومة لا مجال للمقارنة بينها وبين منظومتي الثاد أو الباتريوت الأكثر تطوراً وقدرة على صعيد المواصفات. واللتين رغم تفوقهما النظري فشلتا في اعتراض الصواريخ اليمنية فشلاً ئريعاً.

2_ كما يمكن للرياض التوجه إلى الصين وروسيا الدولتين الرائدتين على صعيد تصنيع هذه المنظومات، لكن بالطبع فإن هكذا خطوة ستثير غضب أمريكا الشديد (تركيا أكبر مثال).

3_أما الخيار الأسهل والأقل تكلفة فهو الذي صرح عنه الإيرانيون، ثم أفاض بشرحه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والذي يتلخص بوقف الحرب العدوانية على اليمن بالدرجة الأولى، ثم بإنشاء معاهدة سلام إقليمي مشترك بين دول الخليج الفارسي، توفر الأمن المشترك وتخفف من أعباء شراء منظومات دفاع جوي مهما بلغ تطورها ستبقى عاجزة أمام عنصري الإرادة والإبتكار.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور