الجمعة 28 كانون الثاني , 2022 08:37

قاعدة حامات الجوية: إجراءات أميركية مريبة بعيداً عن الأنظار

قاعدة حامات الجوية

لا يتوقف الاعتداء الأمريكي على السيادة اللبنانية فقط، في مشروع سفارتهم الجديدة، أو ما بات يعرف بـ"قاعدة عوكر الامريكية". بل يتعداه الى الكثير من الممارسات الأشد خطورة، وهي الاختراق الممنهج لمؤسسات الدولة، سياسية كانت أم عسكرية. الأمر الذي مكنًها من النفوذ والتأثير لاحقاً، في العديد من القضايا، أخطرها امتلاك مطار عسكري تستطيع استخدامه في مهمات لصالحها، ولصالح كيان الاحتلال الإسرائيلي بطبيعة الحال، وهو القاعدة الجوية في حامات.

فلطالما سعى المسؤولون الأمريكيون الى فتح قضية هذا المطار وإعادة تأهيله، أمام زائريهم اللبنانيين سياسيين كانوا أم عسكريين، خاصة بعد العام 2005، وانتهاء مهام الجيش السوري في لبنان، لكي يكون بديلاً أكثر "أماناً" لهم من مطار بيروت الدولي. أي بعيداً عن أعين ومراقبة وربما نيران، أي جهة معادية للأمريكيين في لبنان، وعلى رأسهم حزب الله.

أما باقي المطارات الأخرى، رغم أنه يجري استخدامها في بعض المهام، إلا أنه لا يمكن استخدامها في جميع الأوقات والظروف. فقاعدة رياق الجوية العسكرية، تقع بالقرب من مناطق "نفوذ حزب الله"، أما مطار القليعات فيبعد حوالي 6 كم فقط من سوريا، وبالتالي ستكون حركة اقلاع وهبوط الطائرات الامريكية من هذين المطارين، تحت خطر الاستهداف من أي سلاح ناري قصير المدى، ولا يتطلب ذلك منظومات دفاع جوي متطورة.

فما هي أبرز المعلومات حول هذه القاعدة، وكيف يستفيد الأمريكيون منها في تنفيذ مهامهم؟

_ يمتلك هذا المطار موقعاً جغرافياً مهماً، فهو يقع في المنطقة الشمالية للبنان، فوق "رأس الشقعة" على حدود بلدة وجه الحجر، وعلى ارتفاع 300 متر عن سطح البحر.

أما محيط القاعدة الجغرافي، فهي من البيئة السكانية غير الموالية لحزب الله، وهذا ما يهتم الأمريكيون له بالدرجة الأولى.

كما تحولت المنطقة المحيطة به الى مربع أمني عسكري بامتياز، حيث ينتشر فيها نقاط تفتيش ودوريات، تابعة لمديرية المخابرات وشعبة المعلومات.

كما ان هذه المنطقة تتمتع بميزة مهمة جداً، بأنها طبيعياً (رأس الشقعة) تقطع إشارات التواصل اللاسلكي بين الشمال وبيروت، وهذا ما عانت منه المحطات التلفزيونية، ودفعها لإقامة أعمدة إرسال خاص بها في تلك المنطقة.

_ بدأ العمل لتجهيز وتأهيل المدرج في هذا المطار، منذ تموز العام 1976، حينما قرر قائد القوات اللبنانية حينذاك بشير جميل، بإنشاء مطار لما كان يسمى حينها بالمنطقة الشرقية، وكان من المفترض تسميته "مطار بيار الجميل الدولي".

_ تم افتتاح هذه القاعدة التابعة للجيش اللبناني فعلياً، في الـ 24 من أيار العام 2011، بعد هبوط أول طائرة فيه من نوع "سي 130" أميركية. وقد جرى لها استقبال رسمي شاركت فيه السفيرة الأميركية وقتئذٍ "مورا كونيللي" وممثلون عن قيادة الجيش.

_ قبل إعادة تأهيلها بسنوات، زار المنطقة عدة وفود عسكرية أجنبية، يرافقهم مهندسون مزودون بخرائط ومعدات مسح متطورة، وقاموا بمسح المنطقة طبوغرافياً. ووفق لتقارير خبراء أمريكيين، فإن مرافئ "سلعاتا" و"شكا" المجاورين للمطار، يتمتعان بمواصفات عالمية، ويمكنهما استقبال أكبر السفن.

شارك الامريكيون مادياً عبر المساهمات المالية والتجهيزية في تأهيلها، حتى أنهم في العام 2021 حضرت سفيرتهم "دوروثي شيا" خلال افتتاح أربع منشآت كبيرة لتخزين الذخائر فيها.

_ تمّ تجهيزه وتطويره وفق أهم المعايير، حيث يضم مركز مراقبة جوية، هنغارات كبيرة لاستيعاب الطائرات، محطة وقود، محطة إطفاء، ومخازن للذخيرة. كما جرى تأهيل المدرج وإنارته، وإنشاء سور لعزل القاعدة عن محيطها بهدف تأمين حمايتها، وشق طريق يصل حامات ببلدة "وجه الحجر" لا يمر بالقرب من المدرج.

_ يزورها بشكل دوري وفود رسمية أمريكية، مدنية وعسكرية، مثل وفود الكونغرس، وقادة في المنطقة الوسطى الامريكية، حتى أن السفيرة " شيا" قد زارتها في شهر واحد فقط 3 مرات خلال العام الماضي.

_ في العام 2019، تحدثت بعض الأوساط الإعلامية عن نية أمريكية بتوسيع هذا المطار، ليتمكن من استقبال طائرات نفاثة أمريكية، خاصةً إذا ما تم الانسحاب من سوريا، الذي قرره الرئيس الأمريكي حينها دونالد ترامب.

_ عند حصول أي حدث أمني أو عسكري في لبنان، ترصد حركة جوية أمريكية مريبة انطلاقاً من هذه القاعدة باتجاه قبرص، وكيان الاحتلال الإسرائيلي.

كما رصدت الكثير من رحلات طائرات الشحن C-130 التي تصل اليها انطلاقاُ من تل ابيب مروراً بالعاصمة القبرصية لارنكا. بالإضافة لمشاركة طائرات أمريكية متواجدة في هذه القاعدة، في عمليات استطلاعية مشتركة مع طائرات جيش الاحتلال الإسرائيلي للتجسس الالكتروني من نوع "نحشون شافيت".

وفي إحدى المرات، تم رصد عمليات هبوط لطائرات الشحن C-130 التي كانت محملة بصناديق سوداء كبيرة الحجم، جرى نقلها الى مناطق لبنانية عديدة.

تستخدم قاعدة حامات العسكرية دائماً في استقبال تعزيزات الجنود الأمريكيين، عند حصول توترات وأحداث امنية في لبنان أو المنطقة (مثلما حصل بعد عملية اغتيال الشهداء القادة اللواء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهما).

_ يوجد في القاعدة جناح (عنبر) منفصل مخصص للجنود والضباط الأمريكيين، الذين قد يعملون بصفة مستشارين أو فنيين، ولا يمكن لأي أي أحد الاقتراب والتعامل معهم، سوى من الدائرة المقربة جداً من قائد الجيش اللبناني "جوزيف عون".

_ كما لا يقتصر الوجود الأجنبي فيها على الأمريكي، بحيث يزوروها في العديد من المناسبات قوات بريطانية، تشارك في التدريبات وحتى في بعض المهمات.

_ حامات بالأرقام:

1) مدرج المطار حوالي 2 كم يمكن زيادته حتى 4 كم متر، بعرض 100م تقريباً، ما يعني إمكانية استقباله لطائرات الشحن الكبيرة وحتى للطائرات النفاثة بعد إجراء تعديلات إضافية عليه. وذلك بسبب مدرجه الصخري وموقعه القريب من البحر، بحيث تنطلق الطائرات منه لتصبح فوق البحر مباشرة وعلى علو شاهق، وهذا ما أعطاه مميزات تعتبر نادرة عالمياً.

2) يبعد عن:

أقرب نقطة للشاطئ في المنطقة القريبة من القاعدة، والتي تجرى فيها العديد من المناورات:

800 متر تقريباً.

خليج طبرجا وجونية: حوالي 27 كم (حيث كشفت بعض الأوساط الإعلامية عن تواجد مراكز عسكرية مشرفة على البحر لعناصر أمريكيين).

 موقع السفارة الجديد: 39 كم.

فلسطين المحتلة: 143 كم.

قبرص: 165 كم.

مطار القليعات: 44 كم.

مطار رياق: 55 كم.

الحدود الشمالية والشرقية مع سوريا: ما بين 48 و80 كم، ما يسمح بتنفيذ جولات استطلاعية بالطائرات المسيّرة (من نوع سكان إيغل أمريكية الصنع) انطلاقاً من هذه القاعدة.

كل هذه المعطيات وأكثر منها مما لا يتم كشفه، يظهر بأن الأمريكيين قد يستغلون برامج المساعدات التي يقدموها للجيش، في سبيل انتهاك السيادة اللبنانية أولاً، عبر إدخال الطائرات والذخائر والأسلحة من دون حسيب أو رقيب (لا سيما ان المساعدات العسكرية الأميركية الرسمية المعلنة تدخل من خلال مطار بيروت الدولي فيما تستخدم قاعدة حامات لإدخال معدات وربما أسلحة نوعية بطرق غير قانونية وغير رسمية، بعيداً عن الاعلام والرأي العام اللبناني) وفي ذلك تنفيذ لمخططات لا تحقق سوى مصالحهم أو مصالح الإسرائيلي وحلفائهما. وبالتالي فإن من حق اللبنانيين، سؤال قيادة مؤسسة الجيش، التي يعتبرونها الدرع الأول والأخير عن وطنهم، عن ماهية الاتفاقات مع الإدارة الامريكية حول هذه القاعدة وغيرها، والتي قد تستخدم في يوم من الأيام ضد الشعب اللبناني.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور