الخميس 27 نيسان , 2023 04:32

الرياض تستمر بالمواربة: اتفاق دون آليات تنفيذية؟

مضى حوالي 7 أشهر على إعلان فشل التفاهمات من أجل تمديد الهدنة للمرة الثالثة. وفيما شكّلت الخطوات الإيجابية التي أتت بالتوازي مع حالة "الهدنة غير المعلنة"، خرقاً في جدار الأزمة، إلا ان التوقعات التي رجّحت حصول الاتفاق قبل شهر رمضان ثم قبل عيد الفطر، كانت تعقد آمالاً على جدية السعودية في إنهاء الحرب أخيراً. وفي حين تشير الأنباء الواردة إلى ان كل ما يتم مناقشته إلى الآن لم يخرج عن إطار الملفات الإنسانية بعد، تُنبئ التقديرات بأن الرياض تستعين "بشيطان التفاصيل"، كصياغة الإجراءات التطبيقية لبنود الاتفاق، لشراء الوقت، ثم تمرير بعض النقاط السياسية تستخدمها لاحقاً كأسس لبناء أرضية المرحلة المقبلة كتقديم نفسها كوسيط لا طرف في الحرب.

كان وصول السفير السعودي محمد آل جابر إلى صنعاء الحدث الأبرز خلال الفترة الماضية، التي شهدت سلسلة من الانفراجات، كان المعلن منها إتمام صفقة تبادل الأسرى، فيما ازدحمت الأخبار الواردة عن تحقيق تقدم ملحوظ، قال مطلعون أنه قد يؤسس لاتفاق برضا الطرفين.

وتؤكد مصادر مطلعة على مسار المفاوضات في حديثها لموقع "الخنــادق" ان اللقاءات التي كانت تجري في العاصمة العمانية مسقط، عُقدت على مستوى دبلوماسي أعلى من السفير السعودي". مشيرة إلى انها كانت تعقد بشكل شبه أسبوعي.

كما كشفت المصادر نفسها، إلى ان آل جابر لم يعد بمفرده إلى الرياض، بل برفقة وفد دبلوماسي رفيع من صنعاء، فيما لم يتم الإعلان عن هذه الزيارة كسابقاتها. اذ تشير المصادر إلى ان هناك شخصيات سياسية من صنعاء كانت قد زارت الرياض بوقت سابق، في إطار الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق برعاية عمانية.

الرياض تتقن المواربة: استغلال تعقيدات الساحة اليمنية

خلال مقابلة له على قناة سكاي نيوز، أول من أمس، أشار رئيس الحكومة التابعة للسعودية في عدن، معين عبد الملك، إلى انه لا خلاف على فتح ميناء الحديدة امام حركة البضائع، بينما "لا ينبغي ارغام التجار على التوجه إلى وجهات معينة أو تشويه الحركة الاقتصادية في البلاد". مضيفاً "مطار صنعاء مفتوح الآن لوجهة واحدة"، على الرغم من ان المبعوث الاممي كان قد أشار في بيانه أثناء التمديد للهدنة، انه قد تم الاتفاق على فتح وجهات اضافية من وإلى المطار.

ومن دون ان يدرك ربما، لفت عبد الملك إلى أحد أساليب العرقلة التي تستخدم لتمديد أجل المفاوضات، وهو استغلال الانقسام الاداري المؤسساتي الحاصل في البلاد، إضافة لتأجيل نقاش آليات التطبيق القانونية لعدد من الملفات المرتبطة بالملفات الانسانية على وجه التحديد. فعلى سبيل المثال، لم يتم التوصل بعد إلى آلية تنفيذية تتعلق بإصدار جوازات السفر للمواطنيين اليمنيين ضمن النطاق المؤسساتي لصنعاء، أو الاعتراف بتلك التي صدرت عنها. وبالتالي، لا يمكن لشريحة واسعة ان تستفيد من فتح المطار، -الذي تقدمه الرياض على أنه مَكرُمة انسانية- خاصة وان مختلف الدول لا تزال تتعامل مع حكومة عبد الملك على أنها "الحكومة الشرعية" في اليمن. وينسحب هذا الأمر، على مسألة صرف الرواتب والآليات التطبيقية الموجبة المتلعقة به...

وقد كان من اللافت وصف عبد الملك لحركة أنصار الله بأنها "جماعة ارهابية تهدد السلام والتقدم في خارطة الطريق"، و "جماعة ارهابية منفلتة" تلقت الدعم من إيران، مشيراً إلى ان "آلية التحقق من السلاح في الموانئ لا زالت موجودة ومهم ان تبقى فعالة"، وهو الخطاب الذي يحمل جملة من المفارقات:

-زيارة السفير السعودي لصنعاء هو اعتراف لها كقوة أمر واقع قد أثبتت ثقلها ميدانياً وسياسياً. وبالتالي، فإنه اتهام لآل جابر بالتفاوض مع ارهابيين كانت الرياض قد هددت بعزلهم قبل 9 سنوات.

-التمايز عن الخطاب السعودي الذي يحاول تقديم الرياض على أنها وسيط بين اليمنيين لا طرف في الحرب، وهذا ما يفسر ليونة الخطاب الأول وتطرّف خطاب الأدوات التابعين لها في الداخل.

-رداً على سؤال حول توقيت جلوسه "على الطاولة مع الحوثيين"، أكد عبد الملك على أن "الموضوع يتعلق بالمعطيات التي تساعد الجميع بأن يقعد على الطاولة، ليس شخصيا كرئيس وزراء سواء كمكونات سياسية ممكن نقعد على الطاولة كلنا في يوم من الايام... الحوثيون مكوّن من المكونات ونحن قعدنا في الكويت لمدة 3 أشهر". في تصريح يسلط الضوء على ازدواجية الخطاب بين اعتبار "الحوثيين جماعة ارهابية" تارة و "مكون سياسي يمني" تارة أخرى، وبالتالي اعتماد سياسية "خطاب الضرورة" الذي تفرضه اللحظة السياسية الآنية للمرحلة.  


الكاتب:

مريم السبلاني

-كاتبة في موقع الخنادق.

-ماجستير علوم سياسية.




روزنامة المحور