الأربعاء 14 تموز , 2021 06:51

العراق: الفساد يقتل من جديد!

ما بعد الكارثة

مستشفى الحسين في ذي قار- الناصرية، عنوان المأساة الكبرة الجديدة التي ارتكبها الفاسدون في العراق، عبر التسبب بقتل 92 شهيد حتى الآن. بعد أن اجتاح الحريق الجناح الملحق بالمستشفى، والمخصص لعزل المصابين بفيروس كورونا. في تكرار لمأساة سابقة حصلت منذ شهرين، في مستشفى "ابن الخطيب" في بغداد.

ويعود السبب الرئيسي في كل هذه الحادثة، إلى افتقار هذه الأقسام من أدنى مقومات منع الحرائق، وغياب إجراءات الطوارئ وتدابير السلامة، التي تتبع في مثل هكذا حالات، بعكس ما جرى ليل الإثنين حينما ترك المرضى يحترقون في أسرتهم!

الكاظمي وحكومته أخلوا بتعهداتهم

بعد حريق مستشفى "ابن الخطيب" في بغداد قبل شهرين، والذي تسبب بجو عام من الغضب والسخط في جميع أنحاء البلاد، على الأجهزة الحكومية والإدارية. دفع ذلك بالحكومة العراقية إلى أن تتعهد، باتخاذ كافة الاحتياطات التي تؤمن سلامة المرافق الصحية والاستشفائية، لضمان عدم تكرار مثل هذه المأساة.

لكن المأساة تسلط الضوء أيضًا، على مشاكل وتحديات أعمق بكثير، من مشكلة عدم الإيفاء بالتعهدات. بحيث تكشف أن الفساد بات متجذر ويصيب أغلب المستشفيات، وربما تتحول كل واحدة منها إلى مأساة في المستقبل، أن لم تتدارك السلطة السياسية الأمر، وتجري عملية إصلاح بنيوية لهذا القطاع الحيوي. فسوء الإدارة بات مستوطناً في كل مفاصل هذا القطاع، بحيث قامت أغلبية الأحزاب السياسية التي تسلمت وزارة الصحة، بسحب المبالغ الضخمة من ميزانية الصحة في البلاد، عبر إبرام عقود وهمية أو عقود بأرقام متضخمة التكاليف وغير حقيقية.

مكامن الخلل

اندلاع الحريق في الناصرية يكشف عن مكامن خلل عدة:

_ عدم وجود معدات إطفاء للحريق في المكان، خصوصاً أن هذا القسم مبني بواسطة الألواح الجاهزة " sandwich panel"، التي تحتوي على مواد سريعة الاشتعال، والتي تستخدم عادة لقيمته الاقتصادية التوفيرية، وسرعة إنجاز عملية البناء.

_ تسبب الحريق بانقطاع الكهرباء، التي بدورها تسببت بتوقف آلات التنفس وتزويد الأوكسيجين للمرضى.

_ قضى بعض الضحايا من المرضى، بعدما نقلوا إلى سيارات الإسعاف المنتظرة، والتي لم يكن فيها إمدادات أوكسيجين لإنعاشهم.

_ أما مكان اندلاع الحريق، ففي غرفة أسطوانات الأكسجين التي تم تخزينها بشكل عشوائي.

تداعيات سياسية

وفي أول موقف رسمي، صرح رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، صباح الثلاثاء أنه أمر بإجراء تحقيق في سبب الحريق، معلناً عن عملية توقيف رئيس دائرة صحة المحافظة ومدير المستشفى ومندوب الدفاع المدني. ليتم لاحقاً إصدار الجهات القضائية أوامر بالقبض والتحري، عن 13 شخصاً مسؤولا في دائرة صحة ذي قار.

واحتجاجاً على هذه الفاجعة، خرج المئات من أهل هذه المدينة بمظاهرات، ليقوموا خلالها بإغلاق 3 مستشفيات خاصة بالناصرية، باعتبار أنها تشكل أذرع الفساد في القطاع الصحي.

وقد عقد مجلس النواب الثلاثاء، جلسة مخصصة لرؤساء الكتل لمناقشة هذا الحادث، قال على إثرها رئيس "تحالف الفتح" في هادي العامري، بأن حوادث حرائق المستشفيات، لا يمكن أن تستمر دون معالجة حقيقية من الحكومة، داعياً البرلمان العراقي إلى تحمل مسؤوليته في الإشراف ومراقبة العمل الحكومي، لوضع حد لمعاناة المواطنين.

فيما كان لافتاً بيان الأمين العام لعصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي، الذي طالب فيه باستجواب الكاظمي وحكومته، ومحذراً من ثورة كل العراقيين.

لذا فإن هذا الموقف، إضافة الى مواقف العديد من القوى السياسية الرئيسية في البلاد، يوحي بأنه رسالة رفض لأي جهود تقوم بها بعض الأطراف، لإعادة تسمية الكاظمي من جديد رئيساً للحكومة، بعد انجاز الانتخابات النيابية المقبلة.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور