الجمعة 14 نيسان , 2023 11:47

الأبعاد الاستراتيجية ليوم القدس العالمي

إحياء يوم القدس في اليمن

44 عامًا مرّت على إعلان الإمام الخميني ليوم القدس العالمي، وما زلنا نستكشف أبعاد الإعلان وأهميته على مستوى الصراع مع الكيان الاسرائيلي المؤقت، أن يتم تخصيص يوم للقضية الفلسطينية، في يوم مقدّس وهو يوم الجمعة وفي شهر مقدس وهو شهر رمضان، وفي أقدس الأيام في هذا الشهر وهي العشر الأخيرة، يعني أنّ هذه القضية ليست أقلّ أهمية وقدسية من هذه الرمزيات. وهي جزء لا يتجزأ من اعتناق أي مسلم. وكما يتم إحياء الشعائر الدينية تمامًا، دعا الإمام الخميني أن يكون يوم القدس يومًا كبيرًا لخروج المسلمين إلى الشوارع وعقد المجالس والمحافل وترديد الشعارات. يمكن القول إن يوم القدس العالمي هو دعوة إلى يوم إعلامي للقدس يشارك فيه كل مسلم، للتعبئة والتوعية وتجديد الاعلان أن الجهاد الاسلامي واجب على الأمة لإزلة المحتلّ والمغتصب للمقدسات.

نداء شعبي في وجه اتفاقات السلام

صحيح  أن أنظمة الدول العربية والاسلامية كانت تنزلق بالاتجاه المعاكس وصلت حدّ اتفاقات السلام بدءًا من أوسلو حتى أبراهام، مع من يفترض أن يكون عدوّ الأمة، إلا أنه في الواقع المقابل، كان محور المقاومة يتشكّل ويتوسّع، وكانت الشعوب تتحسّس قوتها مع كل انتصار للمقاومة وتزداد تعلقًا بالقضية على الرغم من تباعد الأجيال. ومع كلّ اعتداء للعدو تزداد الشعوب اعتناقًا للحقّ الفلسطيني. ويأتي نداء يوم القدس في وجه هذا الاتفاقات أن لا قيامة ولا رفعة للشعوب العربية قبل تحرير فلسطين.

 توحيد المستضعفين في وجه المستكبرين

ثمة بعد آخر لهذا اليوم إذ أعلن الإمام الخميني أن يتم فيه تعبئة النفوس وان يتجهّز فيه المستضعفون في مقابل المستكبرين، وهي واجب وتكليف شرعي للمظلوم أن يرفع عن نفسه عتوّ الظالم. خلال الأعوام الماضية كانت الأمة تخضع للهيمنة الأمريكية التي تتواطأ مع الأنظمة وتبتز االأمة الإسلامية والشعوب العربية وتتحكّم بمصائرها. فجاء يوم القدس، ليكون يومًا تعبّر فيه الشعوب المستضعفة عن رفضها للهيمنة ولتحدد مصائرها بنفسها، وقد استشرف الإمام الخميني أن يكون هذا الأمر "مقدمة لتأسيس حزب للمستضعفين في كل أنحاء العالم". وهو الأمر الذي بدأت معالمه تتحقق من خلال تشكّل محور المقاومة، وبدأ العدوّ بتلمّس آثار اتصال ساحات المستضعفين ببعضها وتلاحم جبهات محور المقاومة.

البعد الإسلامي ليوم القدس

عندما تكون هوية إيران هي فلسطين وعاصمتها القدس، ثمّ تتعرّض إيران للعقوبات والحصار والحروب بكل أشكالها الهجينية والتركيبية، ثم تصمد بل تتنامى قوتها وفعالينها في وجه العدوّ الأمريكي والإسرائيلي، فهذا يعني أنّ العين تقاوم المخرز وأنّ قوة الحقّ استطاعت أن تشكّل جبهة للمستضعفين يتمثّل من خلال محور المقاومة. وأنّ "شعار اليوم طهران وغدًا فلسطين" ليس مجرّد كلمات، وأعطى الصراع مع الكيان بعده الاسلامي وليس فقط بعدًا عربيًا مستفردًا به. ما يؤكد أن القدس برمزيتها ودلالاتها زمانيًا ومكانيًا ليست فقط مسؤولية نظام عربي هنا، أو أيديولوجية عربية علمانية هناك، بل هي قضية الأمة الاسلامية كاملة. واليوم، يتضمن محور المستضعفين أي محور المقاومة الكثير من التنظيمات والشخصيات والفعاليات التي لا تتسم بالطابع الديني والنظام العلماني السوري  بالإضافة إلى كافة الطوائف الاسلامية في دول المحور.

البعد العسكري ليوم القدس

اتسمت عروضات يوم القدس منذ بداية المسيرات في لبنان وإيران وهي الساحات الأولى لإحياء يوم القدس، اتسمت بالعروض العسكرية، وحمل صور القادة والشهداء على طريق القدس. كانت العروضات تتضمن شباب يحملون السلاح في إشارة إلى أن الطريق إلى القدس لا يُسلك إلا بالقوة، أي المقاومة المسلّحة وليس المساومة باتفاقات السلام، وإرضاء الأمريكيين. وعلى الرغم من كل الجهود الأمريكية لمحاربة المقاومة المتنامية والمتصاعدة في ساحات محور المستضعفين المتشكّل، في لبنان واليمن وسوريا والعراق وإيران من خلال المؤامرات والحصار والحروب لإنهاء هذه المجتمعات، إلا أنّها اليوم في تسلّح مستمرّ، وقد تطورت ترساناتها العسكرية، وهي مستمرة في التطور.

دور إقليمي للحركات التحررية في وجه الولايات المتحدة

عندما انطلقت الثورة الفلسطينية المسلحة عام 1965، أصدر الإمام الخميني الفتوى الشهيرة التي تطالب المسلمين بالالتحاق للمشاركة في المقاومة لتحرير فلسطين. وبعد الثورة أصبحت القضية الفلسطينية مسألة مركزية من قضية إيران. تتحمل إيران وشعبها اليوم كل أشكال ما يسمى عقوبات بسبب هذه القضية. إلا أنها مستمرة، حكومة وشعبًا، في هندسة محور المستضعفين، ودعمه ماديًا وسياسيًا ومعنويًا، استطاعت من خلاله الحركات التحررية في المنطقة من تشكيل موقع أساسي ودور إقليمي تشكل تهديداً حقيقياً للنفوذ والحضور الامريكي في المنطقة.


الكاتب: زينب عقيل




روزنامة المحور