السبت 15 أيار , 2021 10:40

"سيف القدس" كابوس "اسرائيل" الجديد

سيف القدس

قال الكاتب المختص في الشؤون الفلسطینیة "مهدي آشنا" ان معركة "سيف القدس" باتت كابوساً جديداً لإسرائيل، وأثبتت مجددًا ان هذا الكيان أوهن من بيت العنكبوت.

وأشار في مقال نشره مرکز دراسات " تبیین" الإستراتیجية إلى الرد الصاروخي المبرمج للمقاومة الفلسطینیة خلال عملیة "سیف القدس" والصواریخ الحدیثة التي استخدمتها للمرة الأولى في صراعها مع كيان الاحتلال، الأمر الذي آثار دهشة المسؤولین الإسرائيليين، الذين باتوا اليوم إضافة إلى خوفهم من قدرات حزب الله الدقيقة بات لديهم جبهة جديدة أشبه بكابوس.

ترجمة المقال:

لقد استنفذ الإطلاق المكثف لصواريخ المقاومة، نظام الدفاع الکیان الصهيوني رغم کل قوته، حيث أصاب مجموعة متنوعة من الأهداف، بما في ذلك المباني السكنية والقواعد العسكرية ومحطات الطاقة وخزانات الوقود والمطارات.

في الأسابیع الاخیرة، کان التركيز الاستراتيجي للکیان الصهيوني علی إیران، وتخریب منشأة نظنز النوویة وتوسیع التوترات البحریة، تزامناً مع اجراء المحادثات لإحياء الاتفاق النووي في فيينا، أما اليوم يواجه الکیان تحدیاً جوهریًا من خلال تحركاته القمعیة فی باحة المسجد الأقصى والأحياء المحيطة بالداخل في مواجهة الفلسطینیین.

إن الاضطرابات في القدس التي وقعت تحت تأثير عدة عوامل، منها أحداث محلية عدة، والتوترات المعتادة خلال شهر رمضان المبارك، وفرض بعض القيود على المسجد الأقصى، توسعت مع تحرکات الیهود المتطرفة، ومحاولة الکیان الصهيوني التهجير التعسفي لسكان "حي الشيخ جراح" تماشیا مع الجهود الطويلة الأمد للسيطرة على المسجد الأقصى، حیث قام الکیان الصهيوني بالاعتداء على المصلين وإراقة دمائهم في هذا الحرم.

وهکذا نادت القدس المقاومة، فکان رد المقاومة الفلسطينية بهجمات صاروخية واستهداف آليات عسكرية ومستوطنات إسرائيلية خلال عملية سيف القدس، حيث تحولت التوترات الآن إلى حرب شاملة يمكن تسميتها "حرب القدس".

أفادت وسائل إعلام اسرائيلية أن مجموعات المقاومة أطلقت 350 صاروخا على الأراضي المحتلة في أقل من 20 دقيقة، في أكبر هجوم صاروخي منذ قيام الکیان الصهيوني.

أما النقطة الأخرى فمرتبطة بدقة صواريخ المقاومة؛ حیث أن الكشف عن صاروخ A120 الجديد من قبل كتائب "القسام"، وإطلاقه على القدس الغربية وكذلك استهداف الصواريخ لأهداف حساسة مثل محطات الطاقة وخزانات الوقود، كلها عوامل تدل على الدقة المتزايدة لصواريخ المقاومة، فلا خوف من هبوطها في الأراضي الفلسطينية. وهذا يعني أن الکیان لم يفشل في إحباط مشروع الصواریخ الدقیقة لحزب الله فحسب، بل يواجه الآن كابوسًا آخر على الجبهة الجنوبية.

على الرغم من أن قدرة تدمير هذه الصواريخ لم تکن كبيرة حتى الآن؛ وأن العدو تکبد خسائر أقل مقارنة بالهجمات الإسرائيلية على غزة، لكن حصول المقاومة الفلسطينية علی التكنولوجيا المتقدمة والمواد الخام للتكنولوجيا وإنتاج هذا الحجم من الصواريخ في ظل الظروف الصعبة التي تعاني منها غزة من حصار وعقوبات، یخلق عملاً جباراً، حيث یثیر الإعجاب والإشادة. من جهة أخری، تكبد الكیان نفس القدر من الأضرار والخسائر، من خلال دفع مواطینه إلى الملاجئ، وشل الحياة اليومية وعجلة الاقتصاد، مما خلق قوة رادعة ضد الصهاينة.

علی صعيد التطورات خارج قطاع غزة، فإنها المرة الأولى التي تدخل فيها فصائل المقاومة الحرب ضد الكيان الصهيوني، حیث يمثل ذلك تطورًا جديدًا في المواجهة الفلسطينين مع الكيان الصهيوني ويشجع هذا التطور الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس على الوقوف في وجه العدوان الصهيوني من جهة. كما يعزز الموقف السياسي لحماس وفصائل المقاومة الأخرى في مواجهة مجموعات التطبيع والسلطة الفلسطينية، من جهة أخرى. كذلك يشجع التضامن الواسع للفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، مع سكان القدس، ومعارضتهم لعدوان الکیان الصهيوني على الفلسطينيين.

مع بدء الاضطرابات في القدس، احتج سكان مدینة "يافا" بالقرب من" تل أبيب" تضامناً مع سكان القدس، ومع اعتداءات الکیان الصهیوني على غزة، عمت موجة من الاحتجاجات مدن عربية أخرى في الأراضي المحتلة، بما فی ذلك اللد والرملة والعيسوية وأم الفحم وعكا. وكثيراً ما تؤدي هذه الاحتجاجات إلى اشتباكات مع اليهود وشرطة الکیان، وکذلك تدمير الممتلكات العامة؛ تذكرنا هذه الأحداث بكلمات السيد حسن نصر الله عام 2000 حيث شبه الكيان الصهيوني ببيت العنكبوت.

إن هذا الصراع قد زاد من حدة الجمود السياسي للکیان الصهیوني مما یجعل اجراء الانتخابات الخامسة محسوماً، لأن التحالف مع حزب "رعام" العربي، الذي كان أمل الكتلة المناهضة لنتنياهو، أصبح غیر ممکن  ومن جهة أخری، فإن إمكانية مشارکة أحزاب دينية في حكومة برئاسة "نفتالي" قد تضاءلت بشدة؛ حیث یبدو أنه كان أحد أهداف نتنياهو علی صعید عدم  تعامله بشكل صحيح مع الاضطرابات وتوسيعها بشكل متعمد. على الرغم من أن نتنياهو يقترب الآن من هدفه، إلا أن تداعیات الضربات الشديدة لهذا الصراع سیتحمله نفسه في الانتخابات المقبلة.


المصدر: مرکز دراسات " تبیین" الإستراتیجية

الكاتب: مهدي آشنا




روزنامة المحور