الخميس 03 تشرين ثاني , 2022 03:40

ما الذي دفع بن سلمان للعب بورقة النفط في وجه بايدن؟

بن سلمان وبايدن

عام 1973، حرصت السعودية -ولو بالطرق غير العلنية- على توفير النفط للولايات المتحدة، أثناء الحظر النفطي الذي فرض حينها. الأمر نفسه تكرر عام 2001، على الرغم من توتر العلاقات بين الجانبين، اذ ان الرياض اختارت تحييد النفط عن تلك الاضطرابات. وهو ما كان ينتظره الرئيس الأميركي، جو بايدن، في زيارته الأخيرة. إلا ان ما حصل لم يكن بالحسبان. حيث اضطر بايدن للاستعانة بالمخزون النفطي حتى وصل إلى أدنى مستوياته منذ 40 عاماً.

راهن بايدن، على رغم توعده بـ "نبذ" المملكة، على ان ولي العهد، محمد بن سلمان، الطامح لتولي العرش، لن يحيد عن السياسات العامة التي كانت متبعة على نهج سلفه. فما الذي تغير حتى أراد الأخير اللعب بورقة النفط هذه المرة؟

تكمن الأسباب في التوقيت. اذ ان الساحة الدولية التي تشهد تغيراً سريعاً في خارطة التموضعات المبنية بشكل أساسي على تنويع الحلفاء وتشبيك العلاقات -في وقت هددت المملكة بالإقصاء- تركت بصمتها على قرار البلاط السعودي. فالولايات المتحدة، التي كان ينظر لها أسلاف بن سلمان على انها مظلة الأمن القومي السعودي، تراجعت مكانتها بعد رفضها تقديم الحماية أخيراً، بل وحشد العالم الافتراضي "لتشويه" صورتها، بعيد عملية اغتيال الصحفي المعارض، جمال خاشقجي. من جهة أخرى، فالعالم اليوم، على موعد مع مخاض -سيكون عسيراً- لولادة مشهد جديد، لن تكون واشنطن، قطب الرحى فيه. إ  ضافة لذلك، يرى بن سلمان، ان إدارة بايدن، التي عملت على انهاء مختلف حروبها في المنطقة، كانسحابها من أفغانستان والعراق، تستمر في توريطه في مستنقع الحرب في اليمن، للحفاظ على مصالحها، التي تقتصر بشكل مباشر، على الاستحواذ على آبار النفط، وخطوط الملاحة الدولية، بينما تستنزف الرياض بمبالغ طائلة، في الوقت الذي كان عليها إيلاء الأهمية للمشاريع الاقتصادية التي يحلم بها بن سلمان.

وتقول الصحفية الأميركية، ومؤلفة كتاب "عن السعودية: شعبها، ماضيها، دينها، خطوط الصدع فيها ومستقبلها"، كارين إليوت هاوس، على كل من بايدن وبن سلمان ان يقتنعان بأن "السكوت من ذهب"، وعلى كل منهما ان يهدئ النبرة. وتضيف بأن الأول قد تورط في نزاعات ساخنة مع الصين وإيران، واستثمر في "الحرب الأوكرانية"، ووصل سعر برميل النفط إلى 90 دولارا وربما تضاعف لو قرر فلاديمير بوتين التوقف عن ضخ مزيد من النفط أو قررت الدول الأوروبية المضي في قرارها والتوقف عن استيراد النفط الروسي عبر البحر بعد 5 كانون الأول/ديسمبر، ورغم هذا الكابوس العالمي المتربص، فإن بايدن وبن سلمان منخرطان في المشاجرة.  

قد تنتهي "حالة الطلاق"، بدخول رئيس جديد إلى البيت الأبيض، اذ ان بن سلمان بات يرى بأن هذه الأزمة تتعرض له شخصياً. وبحسب هاوس، فإن ما يخطط له السعوديون ليس واضحا بالضبط. ولكن بداية كانون الأول/ديسمبر ستكون لحظة حاسمة في إمدادات النفط العالمية عندما يلتقي كارتل النفط الذي تقوده السعودية وروسيا في 4 كانون الأول/ديسمبر، وقبل يوم واحد من بدء أوروبا تطبيق تهديدها بمنع استيراد، وتمويل، وتأمين السفن المحملة بالنفط الروسي حتى لو كانت لطرف ثالث مثل الهند أو الصين.


الكاتب: مريم السبلاني




روزنامة المحور