الخميس 27 كانون الثاني , 2022 05:02

الصواريخ اليمنية: هيبة "الباتريوت" و "ثاد" تلاشت!

منظومة دفاع جوي

عندما يتم تعريف "القوّة" في العلاقات الدولية يتم الفصل بين مبدأين. المبدأ الأوّل هو "القوّة المطلقة" والذي يشمل كامل مجالات القوّة التي تتمتّع بها الدولة (السلاح، الأفراد، الاقتصاد وغيرها). وتتبارز الدول فيما بينها لتحصيل أكبر قدر من هذه القوّة. المبدأ الثاني هو "القوّة النسبية" وهو مقدار القوّة التي سيتم الاعتماد عليها في لحظة أو حالة معيّنة.  فمن الممكن أن تمتلك دولة ما سلاحاً نووياً ولكنها غير جاهزة لاستخدامه بينما العدو جاهز لاستخدام سلاحه النووي. هنا تكون القوة النسبية للعدو أعظم. ويمكن تطبيق هذه المبادئ على حرب اليمن. فبينما تتمتّع أميركا وحلفاؤها بقوّة مطلقة أعظم من تلك لدى محور المقاومة إلا أن المحور يتميّز بأعلى قدر من القوّة النسبيّة، وهذا ما يعطيه أفضليّة في معاركه. ما يحدث في اليمن يصب في هذه الخانة. ومما لا شك فيه أن التحالف الأميركي-الاسرائيلي-العربي لديه قوّة مطلقة أعظم من قوّة اليمن، بينما أبناء اليمن مستعدّون لبذل أرواحهم، وهي أعلى مرحلة من القوّة النسبيّة، التحالف المقابل تختلف معاييره، ولذلك أي ضربة له في العمق أثرها كبير لأنّها تصيب قوّته المطلقة.

ما يميز الحرب على اليمن، الاستخدام الكثيف للدفاعات الصاروخية البالستية بنسبة أكثر من أي صراع في التاريخ الحديث للحروب. فاستمرار حيازة الجيش واللجان الشعبية واستخدامهم للصواريخ والطائرات بدون طيار المعقدة صنع معادلة جديدة، بين من يملك القدرة على الدفاع باستخدام ادواته الصاروخية ويستهدف المواقع الحساسة التي أربكت دول "التحالف"، وخلقت مشهد ذعر وقلق في صفوفه، وبين من يمتلك ترسانة عسكرية متكاملة وعلى رأسها صواريخ باتريوت لردع الصواريخ البالستية اليمنية واسقاطها لكنه عاجز الى حد الان على وقف الهجوم او تغيير مسار الصراع، على الرغم من كل الامكانات. إنّ حضور يمني فاعل قوي وقادر على الردّ على مصدر العدوان على الطرف الجنوبي وبحوزته صواريخ بعيدة المدى، يشكّل تهديدا بالنسبة للسعودية والامارات ومن وراءهم، الولايات المتحدة وكيان الاحتلال ودول غربية.

إن مسألة الصواريخ تشكّل إخلالا بموازين القوى، وهي نقطة قوة أساسية لدى اليمنيين أثبتت نجاعتها وقدرتها على تثبيت عنصر المفاجأة، والقدرة على إصابة الأهداف بدقة، وهذا يشكّل عنصر تهديد فعلي بالنسبة لدول التحالف والميليشيات المسلحة التابعة لهم، ويمكن أن يوسع الصراع دون قصد، ويورّط الولايات المتحدة أو كيان الاحتلال (المطبع مع الامارات أمنيا وعسكريا) ويدخلها في مواجهة مباشرة مع إيران.

يبقى السؤال الأساسي حول اشكالية الدفاع الصاروخي لدى هؤلاء، وهل هي قادرة فعلا على احباط القدرات الصاروخية اليمنية؟

1-الدفاعات الجوية والصاروخية لقوى العدوان غير قادرة على مواجهة الصواريخ اليمنية:

يطرح هنا الاشكال بشكل أساسي حول قدرة الدفاعات الجوية والدفاعية المتوفرة لدى السعودية والامارات (على الرغم من قوتها وتطورها وفعاليتها كما يدعي صانعها الأمريكي) على مواجهة الصواريخ اليمنية، وخلق توازن رعب جديد، او بالحد الأدنى احباط فعالية الصواريخ والطائرات بدون طائرات اليمنية واثارها المباشرة.

منذ سنتين قدم بعض الخبراء الأمريكيين قراءة  (إيان ويليامز وشان شيخ) حول القدرات الصاروخية اليمنية، واعترف الخبراء في هذا التقرير بما يفيد تمكّن اليمنيين وحركة أنصار الله بالتحديد من نشر ترسانة متنوعة من الصواريخ البالستية والصواريخ كروز والطائرات بدون طيار على الرغم من افتقار اليمنيين إلى قاعدة سياسية مستقرة أو قدرة صناعية كبيرة. واعتبر المحللون أن اليمنيين نجحوا في استخدام القوة الصاروخية كأداة دعائية قيّمة وكجزء من استراتيجية متكاملة لزيادة التكاليف وارهاق القدرات العسكرية والاقتصادية والسياسية للعدو. وقد نجحت هذه الهجمات الصاروخية في التأثير على الأهداف الاقتصادية، بما في ذلك منشآت النفط وناقلات النفط، بالرغم من الادعاءات المتكررة بأنها لم تعطّل بشكل كبير اقتصاد المملكة العربية السعودية والامارات. بالمقابل لم تنجح اليات الدفاع الجوي والصاروخي التي بحوزة قوى العدوان في القضاء على فعالية هذه الصواريخ البالستية اليمنية، واعتبرها بعض الخبراء  بمثابة الرادع النفسي لقوى العدوان المستهدفة أكثر منه رادع عسكري قادر على تغيير موازين القوى. فقد كشفت الصواريخ اليمنية، ادّعاء تحالف قوى العدوان السعودي الاماراتي، بأنه نجح في التقليل من خطر التهديد بالصواريخ البالستية منذ إطلاق حملته الجوية في أوائل عام 2015، لكن العمليات الأخيرة تثبت من جديد انّ كميات كبيرة من الصواريخ البالستية الفاعلة لا تزال تحت سيطرة القوى اليمنية. 

 اٍنّ القوة الصاروخية اليمنية أصبحت أكثر قدرة ومهارة على التهرب من الكشف الجوي وتوجيه الضربات بدقة متناهية وتحقيق الأهداف من خلال ضرب المواقع الحيوية والحساسة. هذا الواقع يثبت بما لا يدعو للشكّ أن:

1-الجهود الدولية والحظر المفروض على شحنات الأسلحة في البحر فشلت في الحد بشكل منهجي من تدفق الصواريخ والأسلحة الأخرى لليمنيين.

2-بين آذار/مارس 2015 ونيسان/أبريل 2020، أبلغت قوات التحالف الجوية والدفاعية المضادة للصواريخ عن أكثر من 162 اعتراضًا للصواريخ البالستية اليمنية. يمثل هذا المجموع أكبر استخدام للدفاعات الصاروخية الباليستية لأي صراع في التاريخ الحديث للحروب، ومع ذلك لم تنجح هذه المنظومة في إيقاف تدفق الصواريخ البالستية ولا الطائرات بدون طيار اليمنية في سماء السعودية والامارات ولم تنجح في منعها من ضرب أهداف ومواقع حيوية وحساسة وتسببها بخسائر فادحة لدول العدوان وشركائهم.

3-فشل الدفاعات السعودية والاماراتية في مواجهة الصواريخ البالستية الأكثر تعقيدًا ذات الرؤوس الحربية المنفصلة. وفي اختبار تهديدات الطيران على مستوى منخفض مثل صواريخ كروز وطائرات بدون طيار.

4-المعلومات المتاحة للعموم حول التزامات قوى العدوان السعودي الاماراتي تفتقر الى تفاصيل واضحة حول تقييم للأداء الفني لنظام الباتريوت.

فشل الامارات في الحد من أثر إطلاق الصواريخ البالستية اليمنية وفشل دفاعاتها الجوية المضادة للصواريخ في احباط الهجوم الصاروخي اليمني على مواقع حساسة على اراضيها:

-على الرغم من شراءها لمنظومة " باتريوت" و"ثاد" الدفاعية التي ظهرت في اول استخدام تشغيلي لها في الهجوم الصاروخي الباليستي اليمني الاخير، وادّعاء الامارات أنّ هذه المنظومة الدفاعية نجحت في تدمير صاروخ باليستي متوسط المدى في الهجوم الذي شنته القوى اليمنية، حيث اقرت الأوساط الإماراتية، اعتراض نظامها الدفاعي -الذي اشترته بمليارات الدولارات وطوره الجيش الأمريكي- صاروخًا باليستيًا خلال هجوم عنيف شنته القوات اليمنية على مواقع حساسة في أبو ظبي، في أول استخدام معروف للنظام في عملية عسكرية. تجدر الاشارة الى أنّ:

-المنظومة الدفاعية باتريوت وثاد: بعد اختبار فاشل في فبراير2020، اعترضت وكالة الدفاع الصاروخي الأمريكية والجيش بنجاح هدفًا في اختبار في 1 تشرين الأول/ أكتوبر 2020 باستخدام نظام دفاع صاروخي وجوي من طراز باتريوت بالإضافة إلى نظام دفاع عالي الارتفاع، أو نظام ثاد، المدمج معًا، وفقًا لبيان وكالة الدفاع الصاروخي الامريكية. في الاختبار في White Sands Missile Range، في نيو مكسيكو، اكتشف رادار THAAD AN / TPY-2 وتتبع صاروخ هدف Black Dagger وقدم هذه المعلومات إلى نظام باتريوت. نشر نظام الإطلاق باتريوت صاروخ باتريوت المطور 3 لتعزيز قطاع الصواريخ وتدمير الهدف. في شباط /فبراير 2020، اكتشف AN / TPY-2 وتعقب Black Dagger وقدم المعلومات إلى نظام باتريوت، لكن الصاروخ أخطأ الهدف "بسبب خطأ ترقية برنامج اعتراض"، وفقًا لبيان وكالة الدفاع. وأشار البيان إلى أن الخطأ "تم تصحيحه منذ ذلك الحين، كما يتضح من الاعتراض الناجح".

 وقال نائب مدير وكالة الدفاع الصاروخي الأدميرال جون هيل في البيان إن نجاح الاختبار "يثبت قابلية التشغيل البيني لأنظمة الأسلحة باتريوت وثاد. هذه القدرة حيوية لنظام الدفاع ضد الصواريخ الباليستية للدفاع ضد التهديدات العنيفة ". واضاف سكوت أرنولد، نائب رئيس شركة لوكهيد مارتن "نحن فخورون بدعم وكالة الدفاع الصاروخي والمكتب التنفيذي للصواريخ والفضاء التابع لبرنامج الجيش الأمريكي لتوفير هذه القدرة الحيوية داخل نظام الدفاع الصاروخي الباليستي، حيث تقوم شركة لوكهيد مارتن بتصنيع نظام سلاح ثاد."

 تفي اختبارات الصواريخ هذا العام بمتطلبات الكونغرس للجيش ووكالة الدفاع الصاروخي لاختبار التكامل والتشغيل البيني لأنظمة سلاح THAAD وPatriot سنويًا. في 2019، كان أول اختبار على الإطلاق لقدرة THAAD على إطلاق صواريخ اعتراضية عن بُعد ناجحًا، وهو معلم هام في إثبات القدرة على فصل أجهزة الإطلاق عن الرادارات وأنظمة التحكم في الحرائق. يستخدم هذا الجهد بعض مبادئ فصل قاذفات الرادارات بحيث يمكن للمشغل، على سبيل المثال، استخدام رادار THAAD - الذي يمكنه رؤية أبعد من رادار باتريوت المصنوع من Raytheon - ولكنه قرر الاشتباك مع جهاز اعتراض باتريوت اعتمادًا على صورة التهديد. كما تستفيد القدرة على استخدام رادار THAAD أيضًا من سلاح Patriot Advanced Capability-3 Missile Segment Enhancement الذي أطلق من وحدات باتريوت، والذي يتفوق على رادار باتريوت العضوي. في اختبار آخر عام 2020، نجح صاروخ اعتراضي من Patriot Advanced Capability-3 في التخلص من تهديد تنفس الهواء على مسافة قياسية. أظهر هذا الاختبار أيضًا أنه يمكن دمجه في نظام قيادة معركة الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل الذي تصنعه شركة نورثروب جرومان، وهو نظام القيادة والتحكم لهندسة الدفاع الجوي والصاروخي المستقبلية للجيش.

-يعد نظام "ثاد" جزءًا من نظام الدفاع الصاروخي الباليستي التابع للجيش الأمريكي، وهو مصمم لهزيمة التهديدات الواردة في المرحلة النهائية باستخدام تقنية الضرب للقتل. يقع المقر الرئيسي لجميع بطاريات THAAD في فورت بليس، تكساس، كجزء من لواء مدفعية الدفاع الجوي الحادي عشر. وقد تم نشر بطارية THAAD واحدة في غوام منذ أبريل 2013 ردًا على التهديدات المحتملة من كوريا الشمالية.

-أبرمت شركة لوكهيد مارتن عقدًا مع الإمارات العربية المتحدة لبناء ثاد منذ عام 2011. وتعد الإمارات العربية المتحدة أول عميل دولي يشتري ثاد.

 تجدر الإشارة هنا الى أنّ القاعدة الإماراتية تستضيف قوات أمريكية وفرنسية. وقد أكدت القيادة المركزية الأمريكية أن "تهديدا قادمًا محتملًا" أجبر عناصر الخدمة الأمريكية في الظفرة على دخول مخابئهم في "حالة تأهب قصوى" لمدة 30 دقيقة مساء الأحد الماضي تحسبا لاي ضربة صاروخية يمنية. وأمر الطيارون بإبقاء معداتهم الواقية بالقرب منهم لمدة 24 ساعة بعد ذلك. قال النقيب بيل أوربان، المتحدث باسم القيادة "لم يكن هناك تأثير على المهمة ". وامتنعت شركة لوكهيد مارتن عن التعليق.

2-تداعيات "عملية إعصار اليمن" على دول التحالف وشركائهم:

نفّذت عملية "إعصار اليمن" باستهداف مروحة واسعة من المواقع الحيوية في الإمارات برزمة من الطائرات المسيّرة والصواريخ البالستية والمجنحة، على خلفية انخراط الأخيرة في الحرب على اليمن، ولكن تبيَّن بعد فترة وجيزة من تنفيذها، وخصوصاً بعد أن علا صراخ الكثير من الأطراف الإقليميين والغربيين، أن مفاعيلها جاءت متعددة التأثيرات والتداعيات.

-كشفت كذب الامارات التي حاولت خداع الجميع باعلان انسحابها من الحرب على اليمن سابقا على خلفية الخسائر التي تعرّضت لها في المواجهات الميدانية المباشرة داخل البلاد، وتحديدا في قواعدها البرية في صافر مأرب، وفي العند لحج، او في قواعدها البحرية في المخا وعدن، او عند فشلها مع شريكها السعودي في معركة الحديدة. ثم تبين بعد ذلك أن الامارات ما زالت متورطة، وظهر هذا التورط بوضوح في معارك شبوة وجنوب مأرب مؤخرا، حيث نزلت بضباطها وجنودها الى الميدان في مواجهة مباشرة مع الجيش واللجان الشعبية، خاصة بعد ان ارعبتها مؤخرا معركة مأرب وما يمكن ان يحصل من تداعيات نتيجة تحريرها من قبل الجيش واللجان الشعبية، والتي ستشكّل ضربة قاضية لكل أطراف التحالف في عدوانه على اليمن. من هنا، ضغطت السعودية بتسهيل ودفع امريكي بكل قوتها لتحريك الامارات وحداتها البرية والجوية، في محاولة لتخفيف ضغط الجيش واللجان الشعبية اليمنية على مأرب.

-تسبّبت الضربات الصاروخية لمواقع حساسة وحيوية في الامارات في خسائر اقتصادية ومالية، حيث أدّت الى انهيارات كبيرة في البورصات الخليجية، كما وجّه الناطق باسم الجيش واللجان الشعبية اليمنية العميد يحيى سريع رسالة الى الشركات والمستثمرين الاجانب فحواها "أنّ الامارات لم تعد ارضا امنة".

-حالة الهلع التي اصابت كيان الاحتلال. صحيح أنَّ الضربة فعلياً جاءت على أرض الإمارات ومنشآتها بين دبي وأبو ظبي، ولكنَّ تداعياتها كانت صاعقة على "إسرائيل" ربما أكثر من تداعياتها على الإمارات، وذلك في أكثر من اتجاه يمكن حصره بالتالي:

-نجاح العملية النوعية في أبو ظبي، وعلى مسافة تتجاوز 1200 كلم، يفتح باب الخوف والهواجس الإسرائيلية بقوة من وجود احتمال قريب جداً بأن تنجح ضربة يمنية مماثلة على مناطق جنوب شرق فلسطين المحتلّة، بدءاً من إيلات، وصولاً إلى النقب، وأبعد نحو الغرب ربما، وخصوصاً أن "إسرائيل"، بقدرتها العسكرية والتقنية والمخابراتية، تعلم أكثر من الإمارات بأشواط أنَّ منظومات الدفاع الجوي في الأخيرة، وهي أميركية، وربما إسرائيلية، لا تختلف فعاليتها وإمكانياتها عن تلك المنظومات التي تملكها، والتي تنشرها لحماية أجوائها وسواحلها من الصواريخ والمسيرات، وفي كل الاتجاهات، الأمر الَّذي يدفعها بعد "إعصار اليمن" إلى أن تفكّر بطريقة مناسبة لحماية نفسها أكثر من تفكيرها بطريقة لحماية الدول الخليجية.

-جاءت ضربة "إعصار اليمن" التي أصابت أبو ظبي ودبي لتقضي على ما وضعته "إسرائيل" من آمال في الإمارات كنقطة ارتكاز استراتيجية لها على الخليج بمواجهة إيران، أرادت منها أن تكون منطلقاً لمشاريع مخابراتية وأمنية وعسكرية، تتوسع من خلالها في كلّ الاتجاهات التي تراها "تل أبيب" ضرورية، لحماية أمنها القومي، كما تدّعي، ولتوسيع تجارتها واقتصادها مع منطقة غنية تضم زبائن قادرين على الدفع بغزارة، وأيضاً، وهذا أساسي، لتسهيل أجندتها نحو التطبيع وتوسيع مروحة الدول العربية الخليجية التي يمكن أن تعقد معها تسويات واتفاقيات. من هنا، يمكن تقدير التداعيات المهمة على "إسرائيل"، حيث لا يمكنها بعد اليوم أن تأمن لتركيز نقاط أمنية ومخابراتية وعسكرية، وحتى سياسية أو دبلوماسية وتجارية، ستكون حتماً معرضة للاستهداف الجوي أو الصاروخي على الأقل، وخصوصاً أنها لمست جيداً قدرة اليمنيين الاستعلامية والعسكرية على اختيار الأهداف بدقة واستهدافها بفعالية.

-اعتقاد السعودية بإمكانية إيجاد حل أو وسيلة لمواجهة فعالية المسيّرات والصواريخ اليمنية. وربما اعتبرت أن الإمارات قد تستطيع أن تؤدي دوراً مع الأميركيين في هذا المجال، تستفيد منه بنفسها، بطريقة أو بأخرى، لتجد أنَّ وضع الإمارات مثل وضعها؛ منسيّة أميركياً لناحية الدفاع الجوي.

-صحيح أنَّ حكومة كيان الاحتلال سارعت إلى عرض خدماتها الأمنية والاستعلامية والمخابراتية على الإمارات، ولكن يبقى ذلك من باب التودّد الدبلوماسي لا أكثر، ومن باب عرض ما هو حاصل فعلاً، إذ إنَّ "إسرائيل" منخرطة أساساً منذ زمن بعيد، بمساعدة الدول الخليجية، وبقوة، في الحرب على اليمن وفي مواجهة إيران، وذلك من كلِّ النواحي، مخابراتياً وأمنياً واستعلامياً، وحتى عسكرياً، وخصوصاً في العدوان على اليمن.

-اما الامريكي والذي اصيب في هذه الضربة، وهو اساسا راس حربة في هذه الحرب، الذي انطلق منذ 7 سنوات وما زال يتواصل اليوم برعايته وعنايته، وهو مستاء طبعاً، ولكن ليس بسبب نجاح مسيرات اليمنيين وصواريخهم في استهداف الإمارات، فهذا الأمر سيكون لمصلحته، على الأقل في إبرام صفقات ضخمة لمنظومات دفاع جوي متطورة، مثل منظومة "ثاد" أو غيرها من المنظومات الأغلى ثمناً، وعلى الأقل في تعزيز ارتهان الإمارات لسياسته أكثر وأكثر، بهدف "حمايتها" المزيفة طبعاً، ولكنه فعلياً مستاء، لأنَّ الإمارات -كنظام - التي جهّزها وحضَّرها ودعمها ووجَّهها لتكون بيدقاً نشطاً وفاعلاً لتنفيذ أجندته في المنطقة، خدمةً لـ"إسرائيل" أو لاستراتيجيته بين الخليج واليمن وباب المندب وجزر اليمن كافّة، وصولاً الى سواحل الدول الأفريقية على البحر الأحمر، لم تكن على قدر المسؤولية، وفشلت أولاً في حماية نفسها وعمقها، ولم تستطع أن تبرهن على أنها قادرة على أداء الدور المنفوخ الذي أناطها به الأميركي، ومشكلة الأخير اليوم تكمن في البحث عن بيدق آخر قادر على الصمود بمواجهة إعصار أطراف محور المقاومة الذي يتمدد أكثر وأكثر.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور