الجمعة 25 شباط , 2022 02:48

كييف وقعت في فخ واشنطن...هل يأتي الدور على "تل أبيب"؟

الرئيس الأمريكي جو بايدن

تنص وثيقة إعلان سيادة دولة أوكرانيا - في قسم الأمن الخارجي والداخلي - المعتمدة في 16 تموز / يوليو 1990 على أن جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية: "تعلن...رسميا عزمها على أن تصبح في المستقبل دولة محايدة بشكل دائم لا تشارك في الكتل العسكرية". وعلى الرغم من إجراء التعديلات على القانون الأساسي للبلاد في عام 2019، وتمرير نص دستوري يعتبر أن العضوية الكاملة في الناتو مساراً استراتيجياً لكييف، الا أن ذلك البند لم يتم حذفه من وثيقة إعلان استقلال البلاد.  

في المقابل أرادت الولايات المتحدة– متجاوزةً كعادتها الميثاقيات الدولية - أن تضم كييف الى "حلف الشمال الأطلسي" المتعارف عليه بـ "حلف الناتو"، فوقعت أوكرانيا في فخّ مصالح واشنطن وهي بالأساس الرغبة الدائمة بالتوصّل الى حدود روسيا. وفيما تعتبر أوكرانيا جزء من الأمن القومي الروسي المهدّد من "الناتو" وواشنطن دخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المواجهة، وبعد فشل التوصّل الى اتفاق ضمن الأطر السياسية، تدخّلت القوات الروسية في "عملية عسكرية خاصة".  

وفيما كانت الإدارة الأمريكية ورئيسها جو بايدن قد وعدوا الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي بتقديم الضمانات ونوع من "الحماية" لأوكرانيا وكذلك قدّم "الناتو" الوعود بالدفاع وشمل كييف بالمادة الخامسة من معاهدة تأسيس "الناتو" – التي تنص على مبدأ الدفاع الجماعي – الا أن ساعة الصفر كانت منعطفاً استراتيجياً سيغيّر وجه أوكرانيا ويحمل التداعيات على مفاصل التحالفات الدولية العالمية.

بايدن لن ينخرط في عمل عسكري في أوكرانيا

نقض بايدن بوعوده – وهو ليس مستغرباً من الإدارات الأمريكية المتعاقبة مهما اختلفت هوية الرئيس – وبل تبدّلت خطاباته. فكان بيان البيت الأبيض، الصادر آواخر الشهر الماضي، قد نقل عن اتصال جرى بين بايدن ونظیره الاوكراني "استعداد الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها على الرد بحزم إذا مضت روسيا في غزو أوكرانيا". وما إن بدأت العمليات الروسية تبدّلت المواقف حيث أعلن بايدن بالأمس ان بلاده "لن تنخرط في أي عمل عسكري في أوكرانيا"، مكتفياً بالحدّ "من التعاملات المالية الدولية مع روسيا" ورفع سقف العقوبات الا أنها لم تشمل قطاع الغاز لان ذلك سيضرّ باقتصاد ومصالح واشنطن والدول الأوروبية.  

 ومما بات معروفاً ان سياسة العقوبات الاقتصادية التي تنتهجها الولايات المتحدة قد لا تنفع في الكثير من الحالات حيث تنجح الدول بالالتفاف عليها بل تحويلها الى فرصة، والجمهورية الإسلامية نموذجاً. أما بالنسبة لروسيا فقد أعلن بنكها المركزي ان "المصارف التي تعرضت لعقوبات كانت مستعدة جيداً لذلك مسبقاً، ومستعدة لإعادة الودائع إذا طلبها العملاء". ومن ناحية الغاز، قال الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف بعد أن أوقف المستشار الألماني أولاف شولتز تصدير الغاز على خط أنابيب "نورد ستريم 2 ": "حسنًا، مرحبًا بكم في العالم الجديد الذي سيدفع فيه الأوروبيون قريبًا  2000 يورو لكل ألف متر مكعب من الغاز! "، علماً ان روسيا تزود ألمانيا بالغاز بسعر 280 دولاراً!

 من جهته، اعتبر وزير الخارجية الصيني "وانج يي" أن "العقوبات على روسيا لن تكون وسيلة فعالة لحل الأزمة".

وعلى الرغم من بعض المساعدات العسكرية التي قدمتها الإدارة الامريكية الى القوات الأوكرانية الا أن ذلك لم يكن كافياً، حيث أن المناطق سرعان ما بدات تسقط بسرعة بيد القوات الروسية. أما عن تخلي "الناتو" عن وعوده بتطبيق المادة الخامسة فقد أعلن رئيس الاستخبارات البولندية أن "حلف الناتو لا يبحث إرسال قوات إلى أوكرانيا".

أمريكا تفضّل كلابها على حلفائها!

ويظهر التخلّي الأمريكي جليّاً في تصريحات زيلينسكي حيث قال إن "الكل خائف من اعطائنا ضمانات للانضمام إلى الناتو. والحقيقة، لا أحد يريدنا في الحلف، نواجه هذه المعركة وحدنا لا أحد يريد أن يحارب معنا، لا أحد في أوروبا ولا الولايات المتحدة يريد الدخول في حرب مع روسيا".  ويقترح إجراء مفاوضات مباشرة مع الرئيس الروسي الذي أبدى بدوره استعداده " لعقد مفاوضات رفيعة المستوى مع أوكرانيا".

فماذا كان ينتظر الرئيس الأوكراني من الولايات المتحدة بعد التجربة الأفغانية في أيلول الماضي؟ ألم يشاهد كيف بدّت واشنطن الكلاب الأمريكية على من خدمها من الأفغان لسنوات؟ ولمرة ثانية، يجب أن يتوقّع زيلينسكي أن الإدارة الأمريكية ستفضّل كلابها في كييف على حياته وحياة الشعب الأوكراني!

الأصوات من كييف تُقلق "تل أيبب"

بعد كييف وكابول، يبدو أن الأوساط الإسرائيلية باتت تدرس بجديّة وبقلق فكرة الاعتماد على الولايات المتحدة كـ "حليفة" حقيقية، حيث يشير محلل صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، رون بن إيشاي الى أن "خطاب بايدن يجب أن يُقلق "إسرائيل" حول ما ستقدمه أمريكا لها في حال اندلاع حرب بين إسرائيل وإيران". فيما تنقل الصحيفة عن تقديرات أمريكية أن "كييف ستسقط في أيدي القوات الروسية في غضون أيام. روسيا تركز حاليا على تطويق القوات الأوكرانية لإجبارها على الاستسلام...سوف يسيطرون على كييف في غضون 96 ساعة". 





روزنامة المحور