الجمعة 24 كانون الاول , 2021 05:07

إسرائيل هيوم: أزمة الثقة بالجيش الإسرائيلي تتعمّق

توازياً مع التهديدات التي تطلقها القيادات السياسية والعسكرية في كيان الاحتلال باللجوء إلى الخيار العسكري ضد إيران لمنعها من تطوير برنامجها النووي، إضافة لمحاولتهم اقناع الإدارة الأميركية باعتماد هذا الخيار أيضاً أو تأمين الغطاء اللازم "لإسرائيل" للقيام به، تعاني المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من مشاكل وعقبات تجعلها غير جاهزة فعلياً لتكون على قدر الآمال المعقودة عليها من قبل الحكومة الإسرائيلية. فهي إضافة للقصور العسكري الذي كان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت قد تحدث عنه "لا اعتقد اننا قادرون على شن حرب شاملة على البرنامج النووي الإيراني ويجب ان لا نبالغ بالتهديدات، الكلام الكثير يعبر عن الضعف"، يعاني جيش الاحتلال من أزمة ثقة الجبهة الداخلية به، خاصة بعد الضربات التي تلقاها وكانت آخرها معركة "سيف القدس".

بدورها، أشارت صحيفة "إسرائيل هيوم" في مقال لها إلى ان "أزمة ثقة الجمهور بالجيش الإسرائيلي تتعمق". معتبرة أن "القسم الأهم من الأسباب يعود إلى الجيش نفسه... فالجيش الإسرائيلي لم ينتصر في أي مواجهة منذ سنوات عديدة".

النص المترجم:

بعد أسبوعين سيرفع رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية يوحنان بلاسنر، التقرير السنوي الذي يعنى بثقة الجمهور بمؤسسات الحكم لرئيس الدولة إسحق هرتسوغ. ومن المتوقع أن يعكس التقرير مشكلة ثقة متفاقمة بعموم السلطات، لكن معطى واحداً يجب أن يقلق أكثر: أزمة ثقة الجمهور بالجيش الإسرائيلي تتعمق.

في تقرير السنة الماضية (الذي عكس معطيات 2020) انخفضت ثقة الجمهور بالجيش من 90 في المئة إلى 81 في المئة، وهو انخفاض بمعدل 10 في المئة. وهذا انخفاض حاد لم يشهد له مثيل في الماضي حتى في فترات الأزمة، وادعى الجيش بأن هذا حدث موضعي، وانحراف إحصائي لا يدل على شيء.

لكن المعطيات التي ستنشر في بداية الشهر القادم وتعكس معطيات 2021 تدل على أزمة أعمق بكثير. فحسب آخر المعطيات، ثقة الجمهور في الجيش لم تتحسن في السنة الماضية، بمعنى أنها مشكلة جذرية. مع أن الفحص المرحلي الذي أجراه المعهد سجل ارتفاعاً معيناً في ثقة الجمهور بالجيش، لكنه يعود إلى عواطف الجمهور عقب حملة "حارس الأسوار". وعلى أي حال، تبين أنه قصير الأمد؛ ففي آخر استطلاع أجري في الشهر الماضي، سُجل انخفاض متجدد في المعطيات.

تآكل مقلق

صحيح أن الجيش لا يزال يحظى بثقة أعلى من كل مؤسسة سلطوية أخرى، ولكن هذه حكمة صغيرة: يخدم فيه بناتنا وأبناؤنا، الذين يحموننا. وتآكل الثقة الجماهيرية يجب أن تقلق وتكون شاهداً على أنه ليس موضوعاً عابراً، بل شيء جوهري يحدث في الجيش. بعض الأسباب قد تكون خارجية (جراء الانخفاض في ثقة الجمهور في عموم الديمقراطيات في العالم وحتى كثرة حملات الانتخابات وغياب ميزانية للدولة على مدى أكثر من سنتين، وبالطبع أزمة كورونا)، لكن القسم الأهم فيها يعود إلى الجيش الإسرائيلي نفسه: إذ يصعب على الجيش معالجة سلسلة من الأزمات التي تفوت عن ناظر الجمهور. بعضها يحظى بالإبراز في الشبكات الاجتماعية، ولكنه يحظى بمعالجة فاشلة من جانب الجيش. بدءاً بمشاكل الغذاء في كل قواعد الجيش تقريباً، عبر المشاكل المتكررة من وإلى القواعد، وانتهاء بمشاكل الأجر. ومع أنه من المتوقع قريباً ارتفاع أجر الجنود الإلزاميين بـ 50 في المئة، ولكن كيفما نظرنا إلى ذلك، فإن قيادة الجيش اهتمت قبل كل شيء بنفسها وبتقاعدها وفقط بعد ذلك بالجنود.

مع أن النائب السابق ايتان كابل، تجاوز سن الستين، ولكنه يواصل خدمة الاحتياط في المظليين. وهو الآن في مهمة عملياتية في "غوش عصيون"، وروى أمس بأن رفاقه في السرية ذهلوا من الظروف السائدة: مستوى الطعام، السكن، الحمامات. وأجمل الأمر بالقول: "ليس معقولاً أن يكون هذا هو الوضع في العام 2021".

تروي قيادة الجيش لنفسها قصصاً في أن كل شيء على ما يرام، وبأن هذه أخطاء هامشية لا تشهد على القاعدة. وهذا على أي حال هو الوضع من زاوية نظر الجنرالات: فعندما يصلون إلى القاعدة فكل شيء يكون لامعاً، وينتظرهم طابور وغرفة طعام مرتبة على مستوى فندق خمس نجوم. ولكن متى قام أحد الجنرالات بعمل بسيط يتمثل بإزالة النجوم عن كتفيه والدخول إلى طابور الطعام أو إلى الحمامات مع رجال الاحتياط دون أن يعرفوا من هو.

آخر من تصرف هكذا كان اودي ادام، لكن أكثر من عقد ونصف انقضى منذئذ، والقطيعة بين الضباط الكبار والجنود آخذة في الاتساع.

شعارات وثمن صمت

على مدى 4 ساعات، سمعت شعارات عن مدى سوء الوضع قبل عهد كوخافي، وكم أصبح جيداً اليوم. وكانت الناطقة المركزية في ندوة عقدها الجيش لقادة الألوية، رئيسة دائرة العلوم السلوكية العقيد هداس منكا، ومهمتها المركزية بناء ثقة الجمهور بالجيش. فكيف تنسجم أقوالها في الندوة مع معطيات المعهد الإسرائيلي للديمقراطية. لدى كوخافي الحلول.

اعترافاً بنجاح منكا، قرر كوخافي منحها مؤخراً رتبة عميد في خطوة شاذة وموضع خلاف، وليس لها فقط، بل ولمقرب آخر منه، هو الناطق العسكري السابق هدي زيلبرمان، الذي كانت مهمته المركزية بناء ثقة الجمهور بالجيش، ورُفّع رتبة وعُين ملحقاً للجيش في واشنطن.

عقدت هذه الندوة تحت شعار "الاستراتيجي المنتصر". هذا شعار جميل لا يوجد وراءه الكثير. فالجيش الإسرائيلي لم ينتصر في أي مواجهة منذ سنوات عديدة، والجمهور لا يشتري جهود كبار مسؤوليه للادعاء بأن "حارس الأسوار" كانت نجاحاً مدوياً. كما يصعب عليه أن يفهم درجة انشغال رئيس الأركان -الذي يجد وقتاً ليكتب كتاباً في أثناء ولايته- لدرجة أنه لا يعرب عن موقف قيمي في أي موضوع ممكن تقريباً: ففي هذا الأسبوع، اعتدى المستوطنون قرب "حومش" على جنود غولاني ولكن رئيس الأركان ظل صامتاً، وحافظ على صمته أيضاً عندما أساء النائب سموتريتش للناطق العسكري ووصفه بـ "الكذاب".

عندما لم يتردد رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت في قضية اليئور ازاريا، عصفت الدولة لكن ثقة الجمهور بالجيش بقيت عالية. أما الآن فالوضع مختلف ويحتاج إلى إصلاح؛ بدلاً من الادعاء بأن كل شيء على ما يرام وأن المشكلة إعلامية فقط، نوصي رئيس الأركان وقيادة الجيش بالارتباط بالواقع والاستماع إلى الجنود والجمهور. إذا قالوا بوجود مشكلة فقد حان الوقت لمعالجتها وفوراً.


المصدر: إسرائيل هيوم

الكاتب: يوآف ليمور




روزنامة المحور