الجمعة 14 تشرين ثاني , 2025 04:25

جبل الشيخ السوري المحتلّ: العقدة الاستراتيجية التي يرفض الاحتلال التفريط بها

نتنياهو في جبل الشيخ

أثارت زيارة أحمد الشرع الجولاني الأخيرة الى واشنطن، الخشية لدى الكيان المؤقت من أن يفرض ترامب عليهم ما وصفه المراسل العسكري في صحيفة يديعوت أحرنوت يوآف زيتون بـ "تنازل استراتيجي في سوريا"، ألا وهو الانسحاب من "جبل الشيخ السوري". فهذا الجبل الذي تقوم جرافات وآليات هندسية بتعبيد الطريق اليه، وهو الذي يتجاوز ارتفاعه الـ 2800 متر، يشكّل أحد الغنائم الكبيرة والمهمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي من مرحلة سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وكشف زيتون عن قيام مقاولين بترميم الموقعين الإسرائيليين هناك المعروفين بـ"المصيدة" و"تاج حرمون"، استعدادًا "للشتاء الثلجي القادم، الذي – بحسب المستوى السياسي في إسرائيل – لن يكون الأخير لوجود الجيش الإسرائيلي هناك".

ويضيف زيتون في مقاله بأن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تلّح على نتنياهو – في إطار البحث عن اتفاق أمني مع حكومة الشرع الجولاني - بعدم التنازل على الأقل عن قمة جبل الشيخ السوري، بوصفها نقطة استراتيجية لأمن الشمال: "فمن هناك يمكن رؤية وتحديد، حتى مستوى نوع السيارة، كل جيب يدخل – مثلاً – إلى مقر قيادة الفرقة 210 المسؤولة عن جبهة الجولان في معسكر نفتح. إضافة لذلك، فإن جبل الشيخ السوري يوفر سيطرة جيدة نسبيًا على طرق تهريب السلاح من سوريا إلى لبنان، خصوصًا إلى حزب الله. وقد تجددت أنشطة التهريب هذه خلال الأشهر الأخيرة بقوة أكبر، لكن قوات الجيش الإسرائيلي التابعة لقيادة الشمال والمتمركزة في الموقعين على الجبل تنفذ عمليات لتعطيل ومنع جزء من هذه التهريبات". لذلك صرّح وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أكثر من مرة خلال العام الماضي بأن "إسرائيل لن تنسحب من قمة جبل الشيخ السوري"، والتي سيطرت عليها بلا قتال فور سقوط نظام الأسد. لكن برأي زيتون فإن القرارات المتعلقة بمستقبل الجبل ستُتخذ على الأرجح في واشنطن وأنقرة.

فما هي أسباب التي جعلت من منطقة جبل الشيخ بقسمها السوري مهمة جداً بالنسبة لكيان الاحتلال الإسرائيلي؟

_في الإدراك الاستراتيجي الإسرائيلي، يعمل جبل الشيخ كمنصة استشعار متعددة المجالات، ووسيط عملياتي معقد: آلة تُنتج الرؤية والإنذار المبكر وهندسة التأثير.

_لأكثر من خمسة عقود، اعتبرت تل أبيب جبل الشيخ - وخاصةً قمته التي يبلغ ارتفاعها 2814 مترًا والتي تسمى شارة الحرمون- كعقدة لا غنى عنها في نظامها الأمني، خاصةً بما يشكّله في بنية عملياتها الأوسع: فهو منظومة دفاع هضبة الجولان، ومصفوفات استشعار القيادة الشمالية، والأنظمة البيئية الاستخباراتية التي تغذي المركز الوطني للإنذار المبكر.

_ يضمن الوجود العسكري الاستخباراتي في هذه المنطقة للكيان الحفاظ على التفوق المعرفي، والتفوق المعلوماتي الذي يسمح لجيش الدفاع الإسرائيلي بإدارة التزامن، والغموض، والضغط على جبهات متعددة (فهو على سبيل المثال لا الحصر، يعطي مجالاً جغرافياً واسعاً وفريداً لأجهزة الاستشعار الاستخباري منظومات المراقبة الإسرائيلية ومنشآت استخبارات الإشارات (SIGINT) يغطي منطقة دمشق، والجولان، وممر البقاع، والجليل الأعلى).

_ تأمين برج اتصالات آمنة وبشبكات متعددة لجيش الاحتلال يغطي كامل منطقة المشرق.

_ توفير منصة إنذار مبكر فائقة الأهمية تُغذي أنظمة الاستخبارات التكتيكية والاستراتيجية.

_مراقبة مسارات الطائرات بدون طيار باتجاه أراضي فلسطين المحتلة القادمة من العراق وإيران ولبنان.

_ تبعد العاصمة السورية عن الجبل نحو 40 كيلومترا فقط، ما يجعلها في مرمى الهجوم الإسرائيلي بعد احتلالها.

_تمثل منطقة عمياء لمرور الطائرات الحربية من كل الأطراف لعدم احتوائها على رادارات مراقبة.

_تعد تضاريسها الوعرة غطاء مثاليا للتخفي والتجسس.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور