يستند رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابه العام الذي بدأه منذ السابع من أكتوبر 2023، إلى خلفية دينية وتاريخية تحكُمُ توجّهاته وقناعاته وآرائه السياسية والمصيرية. لا يكتفي نتنياهو بهذه القناعات لنفسه، بل يعمل جاهدًا لتسويقها وغرسها في أذهان الجمهور الإسرائيلي، وهذه واحدة من أهم النقاط التي تميّز شخصيته وتميّزه عن بقية القيادات الإسرائيلية.
لم يأتِ نتنياهو إلى منصبه من الجهاز العسكري ولا من فئة "الجنرالات" الذي جرت العادة أن يستلموا الحكم والقرارات التاريخية. جاء من عائلة مثقفة ومشبّعة بالمفاهيم التاريخية والجغرافية، حيث الأب المؤرخ صاحب الشخصية الحادة والمواقف المتعصّبة لأحلام الدولة الصهيونية. جاء نتنياهو من مقاعد الجامعات الأميركية، ثم من البزنس والمشاركات الديبلوماسية ثم من بعض المهام العسكرية المحدودة قبل أن يدلف إلى عالم السياسة والأحزاب ورئاسة حزب الليكود ثم إلى عالم رئاسة الوزراء. وقبل أن ينتهي عمره السياسي، وجد نتنياهو أحلامه الخاصة في مشروع بناء الدولة الصهيونية تعود إلى نقطة الصفر مع عملية 7 أكتوبر التي نفذتها حماس، فلم يكن أمامه إلّا الاستناد للمفاهيم الدينية والمحطات التاريخية التي تشكل دافعًا للكثير من قراراته السياسية.
جاءت خلاصات الملف أدناه لتؤكد على تمايز الخطاب عند نتنياهو، بالمقارنة مع غيره من القيادات الإسرائيلية ورجالات السياسة والعسكر، فهو يجيد توظيف المناسبات أكثر من سواه، ويبرع في اغتنام الفرص الإعلامية، فيعمل على الاستنهاض والتوعية الأيديولوجية وعلى التحريض. ثم إن نتنياهو يهدف إلى التأثير على الجمهور اليميني، الذي يشكّل ثقلًا في الحاضر والمستقبل داخل المجتمع الإسرائيلي، ولذلك يتمسك بالخلفيات الدينية ويحاول تسويقها.
إضافة إلى ذلك يسعى نتنياهو بحرص وعناية وبدقة، إلى إظهار نفسه بمظهر الأمين والمؤتمن على التاريخ اليهودي والثقافة الإسرائيلية، من خلال خطاباته المشبعة بروح "الأنا الدافعة" التي تحاول دفع الآخرين لتبني وجهات نظرها ومواقفها وآرائها.
لتحميل الدراسة من هنا