الجمعة 09 تموز , 2021 04:52

ثلاثي الوصاية... لبنان تحت الانتداب من جديد؟

تثبت الاحداث المتسارعة في لبنان اليوم ان هذا البلد يقع تحت وصاية أمريكية، سعودية وفرنسية، كونهم أصحاب القرار النهائي فيه على مستوى الملفات الداخلية وأيضا الخارجية لجهة علاقاته مع سائر دول العالم، الثلاثي بات واضحاً انه يتحكم بمفاصل هذه الدولة بقوة، فيمنع تشكيل الحكومة؛ ويحدد الرئيس المكلف من عدمه.

وعلى الرغم من صعوبة الموقف حيث الانهيار يعصف باللبنانيين ويهدد كيان الوطن، ومع انتشار معطيات تشير الى نية الرئيس المكلف سعد الحريري العزوف والاعتذار(السبب الرئيس رفض محمد بن سلمان تولي الحريري رئاسة الحكومة) توجهت أمس كل من السفيرتين الأمريكية والفرنسية إلى السعودية لمناقشة الأوضاع اللبنانية. وفي التفاصيل، فإن السفيرتين- حسب المعلن- موكلتان بمهمتين أساسيتين، الأولى تتعلق بقضية تشكيل الحكومة، والثانية بتقديم السعودية مساعدات للبنان.

ولا تتوقف الأمور عند هذا الحد، فقد صدر أمس عن لجنة الدفاع والقوات المسلّحة في البرلمان الفرنسي تقرير يوصي - في بنده السادس - "بإرسال قوات دولية الى لبنان بشكل طارئ تحت سلطة الأمم المتحدة والبنك الدولي في سبيل تعزيز الأعمال الإنسانية ومساعدة اللبنانيين، ودعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية لحفظ الأمن والاستقرار"، كما وشدد التقرير على ضرورة اجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في العام 2022.

قوات فرنسية... تهديد وابتزاز اللبنانيين

لاقت التوصية التي جاء بها تقرير لجنة الدفاع والقوات المسلحة الفرنسية ضجة كبيرة في الأوساط اللبنانية، وانزعاجاً لدى الشريحة الأكبر بينهم، حيث تزامنت مع الحملة "الديبلوماسية" التي يقوم بها سفراء الدول الأوروبية في لبنان، وتحديدًا فرنسا.

هذه الخطوة الفرنسية رأى فيها بعض اللبنانيين تهديدًا ورسالةً سياسية، الى الحكام والطبقة السياسية، وذلك بعد فشل المساعي السياسية المكثفة التي قادها الرئيس الفرنسي نفسه ايمانويل ماكرون مؤخراً، وتحديدًا بعد انفجار مرفئ بيروت في آب المنصرم، لكن دون جدوى.

تحاول فرنسا تبسيط الأمور من خلال إعطاء "الطابع المدني" على القوات الدولية التي وبحسب كلامها موكلة بالأعمال الإنسانية ودعم الجيش اللبناني، لكن المعلومات تشير إلى أن القوات التي أوصت باستقدامها إلى لبنان هي قوات "عسكرية" مهمتها أبعد بكثير مما هو بات مكشوفاً أمام الرأي العام اللبناني.

وينبغي الإشارة إلى أن هذا التهديد الغربي للبنانيين ليس الأول من نوعه، ففرنسا كانت قد هددت كما الادارة الأميركية بفرض عقوبات على شخصيات وأطراف سياسية تتهمهم بمسؤولية تردي الأوضاع في البلاد والانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي.

قانونيًا، إن استقدام مثل هذه القوات العسكرية الى لبنان او غيره من البلدان لن يتحقق من دون الحصول على الموافقة المسبقة من قبل مجلس الأمن الدولي، فما هو المشروع الفرنسي الذي يتم إعداده في المطابخ السرية الأوروبية؟ وهل من الممكن أن تجدد فرنسا مساعيها في العودة إلى زمن الانتداب تحت ذريعة "قلبن على لبنان"؟ ويبقى السؤال الأهم من الذي أعطى الحق لهؤلاء السفراء الثلاثة أو غيرهم بالتحدث نيابة عن لبنان او باسم اللبنانيين في المحافل الدولية؟

 إنه الاستعمار بثوب جديد وحلة ماكرة يستخدم الغذاء والدواء والبنزين ولقمة عيش اللبنانيين وسيلة للعودة والسيطرة. 


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور