الأربعاء 19 أيار , 2021 04:58

واشنطن بوست: إخضاع حماس استراتيجية فشلت وعلى واشنطن مساعدة تل أبيب لضبط سياساتها

أكدت صحيفة واشنطن بوست غياب استراتيجية إسرائيلية متماسكة تجاه ما يحدث في فلسطين، وقالت في مقال للكاتب David Ignatius "لقد تعثرت إسرائيل في الحرب الحالية في غزة، حيث يسعى قادتها العسكريون الآن لإلحاق أقصى قدر ممكن من الأذى بخصمهم حماس، لكن لا توجد علامة على وجود استراتيجية متماسكة من شأنها أن تقرب السلام والاستقرار على المدى الطويل، هذه مشكلة يجب أن تقلق لها إسرائيل وأصدقاؤها".

وأضاف، على أميركا التدخل في سبيل إعادة الضبط، فإذا استطاعت "إسرائيل" إخضاع مقاتلي حماس الذين يطلقون الصواريخ بشكل دائم عبر قصفهم، لكانت قد نجحت منذ فترة طويلة، لكن هذه الاستراتيجية فشلت بشكل متكرر على مدار جيل كامل، وأن هذه الحروب لا توفر الأمن الدائم؛ حيث ينتهي بهم الأمر بإضعاف الدعم لإسرائيل، وينتهي الأمر بحماس أقوى من السابق لا أضعف.

واوضح Ignatius، إن محاولة إصلاح الأساسيات ستبدو للعديد من الإسرائيليين المنهكين وكأنها خيال ساذج، حيث يفتخر القادة الإسرائيليون بأنفسهم وكونهم متشددين، ويتحدثون أحيانًا بفظاظة عن حروب غزة المتكررة (وعدد الضحايا غير المتكافئ). لكن هذه الحروب لا توفر الأمن الدائم،بل ينتهي بهم المطاف الى تراجع الدعم لإسرائيل. وينتهي الأمر بحماس أقوى من ذي قبل لا أضعف.

وقال الكاتب، إن إعادة ضبط حقيقية، رغم صعوبة تحقيقها، ستبدأ باتفاقية وقف إطلاق نار مستقرة وقابلة للتنفيذ، والتي قد تستغرق أسابيع للتفاوض عليها. ستفضل إسرائيل بلا شك استسلام حماس غير المشروط، لكن هذا سيتطلب إعادة احتلال غزة، وهو ما لا تريده إسرائيل. من الأفضل التفاوض من خلال وسطاء مثل مصر وقطر والولايات المتحدة. 

ولكن كيف ستبدو إعادة الضبط هذه؟

للحصول على إجابة، لا بد من إلقاء نظرة على حدود "إسرائيل". فهناك شرق أوسط جديد آخذ في الظهور. قبل أن تبدأ هذه الحرب، كان الخبر الأهم في المنطقة هو خفض التصعيد. تجري السعودية والإمارات محادثات مع إيران. كان الإماراتيون يتحدثون أيضًا مع خصمهم الآخر، تركيا، التي كانت بدورها ترسل وفدًا إلى منافستها مصر. كان محور كل هذه الاتجاهات "الإيجابية" هو تطبيع "إسرائيل" للعلاقات مع جيرانها العرب.

لذا لا تقل إن المستحيل لا يمكن أن يحدث، حتى في الشرق الأوسط، كان يجري هذا الأمر أمام أعيننا. إن الحرب هذا الشهر تذكرّنا بأن تجاهل المطالب السياسية الفلسطينية على أمل اختفاء تطلعاتهم في إقامة دولة في نهاية المطاف ليس استراتيجية -  وهم خطير.

إلى جانب وقف إطلاق النار الدائم الذي تتم مناقشته، يحتاج الفلسطينيون إلى ثلاثة ركائز للاستقرار: قيادة سياسية جديدة، وإعادة بناء الاقتصاد والأمن، وقد يستغرق  ذلك سنوات، لكن الحرب المدمرة الآن هي الوقت المناسب للبدء.

لنبدأ بالقيادة السياسية، السياسة الفلسطينية محطمة (وكذلك إسرائيل،نناقشه في مقال آخر). تتمتع حماس بشعبية لأن السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس فشلت فشلاً ذريعًا- وأيضًا بسبب نشاط حماس العسكري. لكن حماس هي أمام طريق مسدود الآن، وحتى القطريون الذين يمولون غزة يعرفون ذلك. وصل عباس أيضا إلى طريق مسدود، حيث ابتعدت الولايات المتحدة عن القيادة الفلسطينية خلال إدارة ترامب، إذن حان الوقت الآن لإعادة التواصل وإعادة البناء.

أما التنمية الاقتصادية فهي أسهل جزء من هذا اللغز، حيث لا يتطلب الأمر سوى المال- والاعتراف الإسرائيلي بأن ازدهار غزة والضفة الغربية سيكون أقل تهديدًا. حتى أن هناك خارطة طريق للتنمية الاقتصادية، وذلك بفضل جاريد كوشنر، صهر الرئيس السابق دونالد ترامب، ستدعم الأموال السعودية والإماراتية والقطرية والأوروبية والأمريكية هذه المشاريع إذا أمكن إقناع الفلسطينيين بالدخول فيها.

لكن الأمن هو أصعب مشكلة، حيث يجب أن يكون الإسرائيليون والفلسطينيون واثقين من أن عائلاتهم لن تهددها القنابل والصواريخ. ولكي يستطيع الفلسطينيون تحقيق ذلك، سيحتاجون إلى قوة أمنية غير تابعة لحماس تكون قوية بما يكفي للحفاظ على النظام دون أن تصبح شرطة سرية قمعية.

إليكم معادلة غير محتملة لكنها مجربة على مر الزمن: يحتاج الفلسطينيون إلى تدريب وشراكة مع وكالة المخابرات المركزية. المدير ويليام ج. بيرنز، الذي يتحدث اللغة العربية وعمل سفيراً في الأردن، هو الشخص المثالي لقيادة هذا الجهد.

غالبًا ما تكون الحروب نتيجة الأخطاء الفادحة، بحسب صحيفة نيويورك تايمز، بدأ هذا الامر عندما قطعت الشرطة الإسرائيلية الميكروفونات التي كانت تبث الصلاة في شهر رمضان بالمسجد الأقصى الشهر الماضي، لأنهم لم يرغبوا في إزعاج الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، الذي كان يلقي خطابًا تذكاريًا في مكان قريب. وفي الأسابيع التالية، أدت سلسلة من الأخطاء من قبل الإسرائيليين والفلسطينيين إلى هذا المأزق المميت.

ربما يكون من الحماقة الحديث عن إعادة ضبط إسرائيلية فلسطينية، ولكن بالنظر إلى المخاطر، والخسارة التي لا تنتهي على ما يبدو في أرواح الإسرائيليين والفلسطينيين، والحديث عن أي أمر آخر كلام غير مسؤول.


المصدر: واشنطن بوست

الكاتب: David Ignatius




روزنامة المحور