السبت 07 كانون الثاني , 2023 08:27

حكومة نتنياهو تشرعن التطرّف!

اليمين المتطرف في كيان الاحتلال

بدأت مفاعيل تطرّف حكومة الاحتلال تظهر عملياً وميدانياً بعد حوالي أسبوع من تشكيلها وأدائها لليمين. اذ مرّرت عبر "الكنيست" قوانين جديدة تخدم مصالح وأجندات اليمين المتطرّف وتزيد الوضع الداخلي للكيان تعقيداً، كما تضع الساحة الفلسطينية على حافة التصعيد. وقد جعل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وحلفاؤه المتطرفون من هذه القوانين شرطاً أساسياً لإقرار ميزانية العام 2023.  

قانون إعدام الأسرى

في إطار تنفيذه لـ "وعوده" الانتخابية، وبعد موافقة الائتلاف الحكومي، سمحت الحكومة لرئيس حزب "عوتسما يهوديت" ايتمار بن غفير بالترويج لقانون "إعدام الأسرى الفلسطينيين"، منفذي العميات، الى جانب منح الحصانة لجنود جيش الاحتلال، تمهيداً لطرح هذا القانون للتصويت عليه في "الكنيست".

في أولى جولاته الميدانية بصفته وزير أمن، زار بن غفير سجن "النفحة" مظهراً تطرفاً وقحاً بحق الأسرى، اذ جال في الزنازين للتأكد من "الظروف السيئة للاعتقال" مبدياً "سعادته" بتضييق مصلحة السجون على الأسرى. كما زعم بن غفير بأنه سيستمر "في الاهتمام بهذا الأمر".

في هذا السياق، اعتبرت الناطقة الإعلامية باسم "مركز فلسطين لدراسات الأسرى"، أمينة الطويل، أن "القانون ذريعة وإضافة جديدة، تسهل ارتكاب مزيد من الجرائم بحق الأسرى، وخطر حقيقي يتهدد كل من غيبتهم السجون" مضيفةً أن "ما تم الإعلان عنه، إقرار علني بطبيعة المنهج العنصري والفاشي الذي يتم التحضير له للتعامل مع الأسرى الفلسطينيين، وهو انعكاس طبيعي لما كان يتم التهديد به مسبقا، من قبل بن غفير ونتنياهو، من مطالبات بتشديد الخناق على الأسرى".

فيما يُجمع الشعب الفلسطيني بكل أطيافه وفصائله بأن سياسة بن غفير وهذا "القانون" الذي يرمي الى إقراره هو عدوان جديد على الأسرى ولن "يمرره الشعب مرور الكرام"، وقالت لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة في سجون الاحتلال إن "الأسرى لم يخشوا الموت والشهادة في ميادين القتال، ولن يخشوه في ميادين المواجهة داخل السجون، إن أرادوها حرباً مفتوحة فنحن لها، وبركان الحرية سينفجر في وجه هذا المحتل الذي طغى وتجبر".

قانون صلاحيات الشرطة

قبل يوم واحد من أداء حكومة نتنياهو اليمين، وافق "الكنيست" بكامل هيئاته على مشروع قانون عرف باسم "قانون بن غفير" الذي يصبح بموجبه بن غفير هو من يحدد سياسة شرطة الاحتلال وخطوطها العريضة، على أن يكون مفوض الشرطة، الذي يخضع أيضاً لأوامر وزير الأمن (بن غفير حالياً)، هو الذراع التنفيذي لهذه السياسة، وذلك بعد موافقة "الكنيست" على التعديلات في هذا "القانون".

انتقدت جهات عدّة داخل الكيان إقرار هذا "القانون"، من بينها المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، التي قالت إنه " ليس بإمكان الوزير أن يقرر سياسة متعلقة بفتح تحقيق وفي توصية تقدمها الشرطة لإخضاع شخص للمحاكمة، لأن شعبة التحقيقات ونيابة الشرطة يفترض أن تكون غير متعلقة بالمستوى السياسي، وصلاحياتها نابعة من توجيهات المستشار القضائي للحكومة والنيابة العامة".

بدوره قال نائب وزير الجيش، ألون شوستر، "لقد صدمنا من احتمال أن يزداد الغموض المتعلق بقدرة الشرطة على التصرف بشكل مستقل، هناك تغيير في الوضع الراهن هنا، ونحن نعارض بشدة التعديل القانوني كشرط لتشكيل الحكومة، ولم يكن للشعب كلمته في كل قانون، ونحن أعضاء الكنيست علينا أن نقرر". وقدّم حزب "يش عتيد" بزعامة رئيس حكومة الاحتلال السابق يائير لابيد التماسًا "للمحكمة الإسرائيلية العليا" ضده.

فيما رأت قناة "كان" العبرية أن إقرار هذا "القانون" يجعل من "إسرائيل دولة بوليسية وسيكون الوزير قادراً على الإقرار ما يتم التحقيق فيه وما لا يتم التحقيق فيه". كما اعتبرت أن رئيس الكيان "هرتسوغ يشعر أنه أضاع فرصة وقد منح نتنياهو مهلة لتشكيل حكومة وليس لتغيير قوانين الدولة، وذلك بعد أن تم تمرير قانون شخصي لإيتمار بن غفير بنجاح".

كذلك يمنح هذا "القانون" الحصانة لجنود جيش الاحتلال، وقد ادعى "بن غفير" أن "الوقت حان لمنح الجنود والشرطة الدعم وأن يركزوا على تصفية الإرهاب (المقاومة) دون خوف تحقيقات الشرطة". وهذا موضع قلق عبّرت عنه  صحيفة "هآرتس" التي "تخشى من تعرض الجنود للخطر بسبب قانون إيتمار بن غفير، الذي يمنع محاسبة أو توقيف جنود على أعمال قاموا بها أثناء نشاطهم العسكري، ويطالب بتغيير أوامر إطلاق النار في جيش الاحتلال".

قانوني "سموتريش" و"درعي"

للتخلّص من المحاكم القضائية، وضمان استمرارهم في الحياة السياسية كان لابدّ لليمين المتطرّف المتورّط بالمساءلة بالعديد من القضايا أمام محاكم الاحتلال، باقتراح قوانين للتملّص من كل هذه التهم ضمن برنامج ممنهج معدّ مسبقاً.

ومن بين هذه الاقتراحات، "قانون درعي" الذي سمح لرئيس حزب "شاس" المُدان بقضايا جنائية أن يتولى حقيبة وزارية (وزارة الداخلية والصحة)، اذ لا يمنع هذا "القانون" الشخص الذي "تلقى حُكمًا مع وقف التنفيذ ولم يقضِ حقًا فترة في السجن" من أن يكون وزيراً.

أما "قانون سموتريش"، فيدخل منصب وزير ضمن وزارة، اذ عُيّن بتسلائيل سموتريتش وزيراً في وزارة الجيش الى جانب كونه وزيراً للمالية. يتيح هذا المنصب المختلق تنسيق أنشطة الحكومة في مناطق الضفة الغربية المحتلّة بصلاحيات واسعة دون الحاجة الى الوصول لمنصب وزير حرب فعلي!

وصف حزب "يش عتيد" بزعامة لابيد "قانون درعي - سموتريتش" بأنه "دليل أكثر على ضعف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام شركائه المتطرفين"، مضيفاً "كان درعي يعلم أن نتنياهو سيستسلم له تمامًا كما يستسلم للجميع. جنود الجيش الإسرائيلي، الناجون من الهولوكوست، محاربو غلاء المعيشة، مواطني إسرائيل، ليس مهم ما هو مناسب لكم، لكن فقط لتجعلوا مجرمًا مُدانًا وزيراً دون إزعاج".

فيما أشارت "القناة 12" العبرية الى أن القاضي المتقاعد يورام دانتسيغر، الذي كان سابقاً جزءاً من اللجنة التي وافقت على تعيين "درعي" وزيراً، رفض إقرار هذا "القانون" هذه المرة. وقد تظاهر العشرات من المستوطنين أمام المحكمة العليا للاحتلال تنديداً بـ "القانون" رافعين شعار: "مجرم جنائي لا يعين وزيراً".

تعديل صلاحيات "الشاباك"

يطالب "بن غفير" أيضاً بتعديل "قانون الشاباك"، ما يجعل هذا "الجهاز" ضمن صلاحيات وزارته وتابع لها تحت ذريعة مواجهة ما يسمى "الجريمة في الوسط العربي". فيما يعتبر "الشاباك" وفقاً للمبادئ والقوانين في الكيان جهاز يعمل "لحماية أسرار اسرائيل الأمنية" ولا ارتباط له في "محاربة الجريمة". إنّ هذا "القانون" يعني تصعيد المواجهة بين الاحتلال وأجهزته وفلسطينيي الـ 48.

قانون "فك الارتباط"

زعم "قانون فك الارتباط" الصادر عام 2005 من حكومة أرئيل شارون إخلاء مستوطنات من قطاع غزّة كما مستوطنات شمال الضفة الغربية المحتلّة. لكنّ نتنياهو وبن غفير اتفقوا في الائتلاف الجديد على تغيير هذا "القانون" والسماح "بعودة المستوطنات"، بالإضافة الى "شرعنة" تشكيل بؤر استيطانية جديدة خلال 60 يوماً فقط من تشكيل الحكومة.  

قوانين أخرى

رزمة من القوانين المتطرفة والمشرعنة للصهيونية الدينية ستعمل حكومة نتنياهو خلال فترة ولايتها على اقتراحها وتمريرها عبر "الكنيست"، فما سبق ليست المخططات الأخيرة لليمين المتطرّف الذي ينظر في قوانين أخرى مثل "تشريع قانون أساس تعليم التوراة"، وقانون "التمييز" (الذي يمنع صاحب عمل من تقديم خدمة لشخص لأسباب تتعلق بالمعتقد الديني).


الكاتب: مروة ناصر




روزنامة المحور