الثلاثاء 13 كانون الاول , 2022 04:05

المحاولات الأمريكية لاحتواء الانتصار في اليمن

الوجود الأميركي في اليمن

شاركت الولايات المتحدة الأمريكية ابتداءً في العدوان على اليمن بالإشراف المباشر وتقديم كامل الدعم اللوجستي والاستخباري للسعودية والإمارات.

مشاركة الأمريكيين في العدوان على اليمن هي امتداد للحضور الأمريكي غير المشروع في الشأن اليمني وانتهاك السيادة اليمنية منذ عهد نظام علي عبدالله صالح تحت ذريعة محاربة الإرهاب الذي دعمته واشنطن تسليحياً ومالياً عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

كان سقوط الهيمنة الأمريكية على صنعاء بعد ثورة 21 سبتمبر التي قادها أنصار الله، سبباً رئيسياً في دفع واشنطن لشن عدوان على اليمن لإعادة النفوذ والحضور الأمريكي إلى صنعاء مركز القرار في اليمن.

استمر النفوذ والحضور الأمريكي في باقي المناطق اليمنية أبرزها المياه الإقليمية المحيطة باليمن وبعض المناطق داخل المياه اليمنية مثل باب المندب وخليج عدن ثم تطور الأمر للوصول إلى فرض حضور داخل المياه اليمنية الشرقية بالتزامن مع الحضور العسكري المباشر في حضرموت.

هدف استراتيجي

يعد تدمير القدرة العسكرية لليمن واحداً من الأهداف الاستراتيجية الموضوعة للتنفيذ من قبل الإدارات الأمريكية المتعاقبة في منطقة الشرق الأوسط للوصول إلى ما يُطلق عليه أمريكياً الشرق الأوسط الجديد والذي يتضمن دولاً عربية ضعيفة عسكرياً تابعة سياسياً لإسرائيل.

العراق وسوريا ومصر والجزائر واليمن من أبرز الدول التي كانت تملك ترسانة عسكرية وجيوش قوية، كانت واشنطن وتل أبيب ترى بقاء هذه الجيوش عائقاً أمام مشروع الشرق الأوسط الجديد.

هدف آخر يتعلق بموقع اليمن الاستراتيجي على خارطة الملاحة العالمية، إشراف اليمن على ثاني أهم مضيق في العالم (باب المندب) جعل البلاد محط أطماع القوى الدولية المتصارعة على النفوذ، وأتت الحرب على اليمن بالتزامن مع تصاعد الشعور الأمريكي بالخطر تجاه توسع وصعود الصين اقتصادياً، فكانت اليمن بالنسبة لأمريكا هي محطة من محطات ومنطلقات مواجهة نفوذ الصين وصعودها الاقتصادي ومحاولة عرقلتها ومنعها من إتمام مشروعها الاستراتيجي المشترك مع عدد كبير من الدول (طريق الحرير الجديد).

قد تعمل الولايات المتحدة من اليمن على قطع الطريق أمام استمرار تجارة الصين نحو أفريقيا – ما يطلق عليه دول الساحل الافريقي، الذي يمتد من أريتريا مرورا بأثيوبيا، وصولا الى المحيط الأطلسي عند سواحل موريتانيا، أي عبر جنوب الصحراء الكبرى قاطعا القارة الافريقية نصفين – ونحو أوروبا - كما ان الولايات المتحدة تسعى للحفاظ على كامل الممر المائي للبحر الحمر ومضائقه شمالا قناة السويس وجنوبا باب المندب لتأمين الانتشار السريع مستقبلا لقواتها البحرية في غرب المحيط الهندي - ، ودائماً تستخدم واشنطن التنظيمات الإرهابية المصطنعة لإفشال أي مشروع يهدد هيمنتها أو يسمح بنمو دول أخرى منافسة لها، ولأجل هذا عاد تنظيم القاعدة الإرهابي للظهور نسبياً في بعض المناطق الجنوبية منها جنوب أبين من خلال تنفيذ عمليات ضد قوات المجلس الانتقالي.

فشلت الولايات المتحدة رغم كل ما قدمته من دعم عسكري وتسليحي ولوجستي واستخباري وغطاء دولي للسعودية والإمارات في حربهما على اليمن، فشلت في إعادة هيمنتها ونفوذها على صنعاء وقرارها السياسي.

ثمانية أعوام من العدوان على اليمن بهدف الإطاحة بالجيش اليمني وإسقاط سلطة اللجنة الثورية العليا التي تولت زمام الحكم في صنعاء وإعادة عبدربه منصور هادي إلى صنعاء وإقرار مشروع الأقاليم الذي كان سيقسم اليمن لعدة أقاليم في دولة موحدة شكلياً فقط وأبرز هذه الأقاليم هي الجنوبية التي كانت ولا زالت محط أطماع الفاعلين الدوليين في العدوان على اليمن.

حالياً وصلت أمريكا لقناعة بأن مشروع الأقلمة وتقسيم اليمن فشل كلياً، لكن ذلك لا يعني أن هدف أمريكا في إبقاء اليمن منطلقاً لتهديد النمو الاقتصادي الصيني بحكم الموقع الجغرافي قد انتهى، إذ لا يزال لدى الأمريكيين ما يمكنهم فعله خاصة وأن أجزاءً كبيرة من اليمن لا تزال خاضعة للاحتلال بما فيها حضرموت التي فيها أكبر تواجد عسكري أمريكي في اليمن.

الوضع الأمريكي حالياً في اليمن

حالياً الوضع الأمريكي في اليمن يتمثل في التالي: عدم وجود أي نفوذ أو هيمنة على القرار السياسي في صنعاء، نفوذ وهيمنة كلية على القرار السياسي للحكومة التابعة للتحالف والتي لا يوجد لها موطئ قدم على الأرض، وجود عسكري مباشر (رمزي) في بعض المناطق أبرزها حضرموت، هيمنة شبه تامة على المياه اليمنية في المناطق الخاضعة للاحتلال جنوب الساحل الغربي والساحل الجنوبي والشرقي بالكامل.

الاستهداف الأمريكي للترسانة العسكرية اليمنية

استخدمت واشنطن عنوان (الإرهاب) للتدخل بشكل مباشر في اليمن بهدف تدمير الترسانة العسكرية، بعد حادثة المدمرة الأمريكية كول في عدن عام 2000 والتي كانت بمثابة الذريعة للتدخل الأمريكي في اليمن بعد أن كان هناك تواجد سابق في الممرات الملاحية الدولية وباب المندب.

عززت أمريكا تدخلاتها في مختلف الجوانب في اليمن خصوصاً في المجالات الأمنية والعسكرية وفرضت سياساتها وأجندتها إلى أن وصل ذروة النفوذ الأمريكي في اليمن خلال الفترة من بعد العام 2011 حتى سبتمبر 2014 حيث كان السفير الأمريكي هو الحاكم الفعلي للبلاد في صنعاء.

من بعد الألفين وتحديداً من 2003 وحتى 2014 تم إسقاط وتفجير أكثر من 27 طائرة عسكرية منها 7 طائرات سوخوي 22، وطائرة ميغ 21، و3 طائرات أنتينوف 26، والبقية مروحيات من نوع هيوي وسي 1 ويوشن. بقية الطائرات المقاتلة والقاذفات والنقل العسكري والحوامات تم إعطابها عمداً بأيادي من الداخل طوال الفترة ذاتها.

في العام 2013 تم تدمير جزء لا بأس به من سلاح المدرعات اليمني عبر تمكين تنظيم القاعدة الإرهابي من السيطرة على محافظة أبين، ومن ثم الدفع بقوات الجيش حينها لمواجهة التنظيم، اللافت في تلك المواجهات أن تنظيم القاعدة كان يحصل على تحديث يومي لإحداثيات تمركز قوات الجيش وكان يتم استهداف تجمعات الدبابات والمدرعات المجنزرة وسلاح المدفعية ما أدى لإهلاك سلاح الدروع في المنطقة الجنوبية الغربية لليمن.

تبين لاحقاً أن التنظيم الإرهابي كان يحصل على كميات الأسلحة التي يستهدف بها الترسانة العسكرية للجيش اليمني عن طريق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وهذا ما كشفته مخازن الأسلحة داخل مناطق سيطرة التنظيم الإرهابي في محافظة البيضاء وسط اليمن والتي كان التنظيم يسيطر عليها منذ سنوات طويلة وتم تحريرها مؤخراً من قبل الجيش اليمني واللجان الشعبية. (مقاطع الفيديو توثيق الإعلام الحربي لما بداخل مخازن أسلحة القاعدة).

تم تدمير جزء كبير من صواريخ الدفاع الجوي في العام 2005 بإشراف وتنفيذ أمريكي مباشر، وبمشاركة من وكيل جهاز الأمن القومي حينها عمار محمد عبد الله صالح الذي اختارته واشنطن ليكون بهذا المنصب في الجهاز الأمني الأهم الذي أنشأته واشنطن ومولته ودفعت رواتب منتسبيه، صواريخ الدفاع الجوي التي يمكن حملها على الكتف وإطلاقها، تم تجميعها وتفجيرها في منطقة الجدعان بمحافظة مأرب 2005 بحضور وفد عسكري أمريكي ومسؤولين بالسفارة.

مؤخراً، كشف تحقيق لموقع المساء برس عن قيام الإمارات ويعتقد بإشراف أمريكي أيضاً، بتكرار ما حدث لمجزرة صواريخ الدفاع الجوي في مأرب 2005 وتكرار الأمر ذاته مع صواريخ الدفاع الجوي في حضرموت.

تضمن التحقيق الكشف عن تسجيلات صوتية لضباط من المنطقة العسكرية الثانية وضباط في أمن حضرموت تثبت أنه وخلال الفترة من أواخر العام 2017 حتى أواخر العام 2018 تم القضاء على سدس الترسانة المدرعة للجيش اليمني، حيث قامت الإمارات بإصدار توجيهات من داخل القيادة والسيطرة في مطار الريان (المطار المدني بالمكلا الذي حولته الإمارات لقاعدة عسكرية مغلقة يُمنع وصول أي يمني إليها) إلى قيادة المنطقة العسكرية الثانية (في اليمن 6 مناطق عسكرية موزعة على كامل الجغرافيا اليمنية)، تضمنت الأوامر الإماراتية بإخراج ترسانة سلاح الدروع بالكامل بذريعة أنه أصبح سلاح قديم وغير مجدي وأنه سيتم تسليح المنطقة العسكرية بأسلحة جديدة، كان واضح أن الهدف من سحب سلاح الدروع هو التخلص منه.

تم سحب كل السلاح سواءً ما كان تحت الخدمة أو المتوقف عن الخدمة بسبب أعطال بسيطة يمكن إصلاحها بتبديل قطع غيارها. السلاح الذي كان تحت الخدمة تم سحبه بذريعة أنه أصبح سلاحاً قديماً والسلاح خارج الخدمة بذريعة أنه أصبح معطوب.

تم سحب كل صواريخ الدفاع الجوي التابع للواء 190 دفاع جوي الذي يغطي المنطقة العسكرية الثانية بالكامل.

كل هذه الكمية من سلاح المدرعات تم تدميرها بالكامل، ما حدث لصواريخ الدفاع الجوي في عهد صالح تكرر حرفياً مع صواريخ الدفاع الجوي في حضرموت في 2018 تم تجميع هذه الترسانة ووضعها داخل حفر كبيرة في المناطق الفارغة قرب مطار الريان واللواء 190 دفاع جوي وتفجير وتحويلها لكومة من الحديد، بينما تم أخذ سلاح المدرعات وتم دفنه بالكامل تحت اللسان البحري الذي أنشأته الإمارات في ميناء مطار الريان، كل الدبابات والمدافع والمجنزرات والمدرعات الصغيرة وكتل صواريخ الدفاع الجوي المدمرة تم دفنها وكبسها في المنطقة البحرية التي تم فيها مد اللسان البحري.

أنواع سلاح المدرعات وصواريخ الدفاع الجوي الذي تم تدميره بحضرموت

دبابات تي 55

دبابات تي 62

دبابات بي ام بي

دبابات شيلكا المجنزرة السوفييتية (بلغارية)

سلاح المدفعية بالكامل

عربات المدرعات الخاصة بالاقتحامات

سلاح الدفاع الجوي:

صواريخ الدفاع الجوي (فولجا) الروسية الصنع.

صواريخ الدفاع الجوي السوفييتية (دفينا)

80% من مضادات الطيران (م/ط 23.5 و14.5، و39)

ما حدث في اليمن هو أن المشروع الأمريكي فشل جزئياً، لم يتبق أمام الأمريكي للتعامل مع الوضع الجديد بعد انتصار الشعب اليمني وهزيمة تحالف العدوان سوى العمل على منع تمدد انتصار صنعاء ليصل إلى المحافظات الجنوبية والشرقية، بمعنى أن الأمريكي سيعمل على منع وصول وتمدد أنصار الله وحكومة صنعاء نحو الجنوب ومحاولة تكييف أي توافق سياسي بما يضمن بقاء قوات الجيش اليمني في مكانها من دون تقدم مستقبلاً نحو الجنوب وهذا أولاً.

ثانياً: ستحاول واشنطن احتواء الانتصار اليمني عبر تقويض أي تنمية مستقبلية في اليمن، مثلاً قد تعمل واشنطن على منع الشركات الكبرى العاملة بمجال الطاقة من العمل في اليمن ومحاولة الضغط بأكبر قدر ممكن على قبول اليمنيين بأن تستثمر الشركات الأمريكية في مجال الطاقة في الثروات النفطية والغازية اليمنية وبشروط ستحاول واشنطن أن تكون فيها هي الرابح الأكبر.

من المحتمل أن تعمل واشنطن على استخدام سلاح العقوبات لاحقاً في حال اصطدمت بأي مواقف يمنية معارضة ومناهضة لاستمرار الهيمنة الأمريكية أو التدخلات المباشرة والغير مباشرة في الشأن السيادي اليمني والقرار السياسي عموماً.

المعلومات وتوقعات القيادة السياسية في صنعاء بشأن التعاطي الأمريكي مستقبلاً مع ما حققه اليمنيون من انتصار في هذه الحرب العدوانية، هو أن تكرر واشنطن حرفياً ما فعلته مع المملكة اليمنية في عهد الإمام يحيى حميد الدين خلال فترة الثلاثينات من القرن الماضي، وحالياً لدى صنعاء ما تتجاوز به الأساليب السياسية والاقتصادية الأمريكية العدوانية تجاه اليمن بعد وقف الحرب والوصول لاتفاق سياسي شامل، والحقيقة أن هذه الاستراتيجية اليمنية في تجاوز أساليب الحرب الأمريكية قد بدأ تنفيذها منذ أكثر من سنتين، حيث تعمل صنعاء على تحقيق نمو اقتصادي محلي خاصة في الإنتاج الزراعي، أما عسكرياً فيمكن القول أن هناك شبه اكتفاء ذاتي من السلاح تصنيعاً وإنتاجاً مع احتمال أن تعترض أمريكا على أي محاولة يمنية لتطوير السلاح الجوي التقليدي كالاعتراض على امتلاك اليمن طائرات حربية مقاتلة صينية أو روسية بالإضافة لمنع امتلاك اليمن أي منظومة دفاع جوي روسية متطورة ولهذا تعمل صنعاء على تطوير منظومات دفاع جوي محلية الصنع قادرة على حماية الأجواء اليمنية حتى من المقاتلات الحربية التقليدية.

من السياسة الأمريكية التي من المؤكد أنه سيتم العمل عليها مستقبلاً هو الإبقاء على التنظيمات الإرهابية وربما محاولة إنشاء تنظيمات جديدة وبمسميات مختلفة ليكون ذلك بمثابة الذريعة لبقاء الأمريكان في المياه اليمنية أو الدولية المحيطة باليمن مستقبلاً وربما محاولة البقاء على الأرض أيضاً لنفس الذريعة، وحالياً فإن الوقائع على الأرض في المناطق المحتلة جنوب وشرق اليمن تدل على أن واشنطن متجهة للعمل بهذه الكيفية، حيث عادت التنظيمات الإرهابية نسبياً للحضور خاصة في محافظة أبين وبعض المناطق في شبوة إضافة للجماعات السلفية المتطرفة التي تمولها السعودية لا زالت موجودة في حضرموت ومن المحتمل أن يتم الدفع بها في أي لحظة للعودة من جديد وفرض سيطرتها على محافظات بأكملها.

خلق أي مشاكل داخلية في اليمن يجعل اليمنيين منشغلين بالقتال فيما بينهم وعدم التفرغ للبناء مع الحصر الأمريكي على ألا يتوسع هذا الصراع ليصل إلى تهديد حقيقي لأمن الملاحة البحرية وهذا هو هدف استراتيجي ستعمل واشنطن عليه قدر المستطاع خلال المرحلة المقبلة، إضافة لاحتمالات كبيرة بدعم تمردات داخلية في مناطق سيطرة حكومة صنعاء إذا ما استمر الوضع على حالة الانقسام الجغرافي مستقبلاً، ولا توجد حالياً احتمالات لقدرة أمريكا أو أدواتها على إخراج مظاهرات واحتجاجات ضد حكومة صنعاء لكن ما يتم العمل عليه حالياً وسابقاً هو اللعب على عواطف اليمنيين من خلال بث الشائعات في مواقع التواصل الاجتماعي.

فيما يتعلق بمحاولة احتواء صنعاء ومنعها من الوصول إلى أصدقائها الإقليميين كمحور المقاومة مثلاً، فإن هذا الهدف الأمريكي ليس فقط وارد جداً بل وستحاول واشنطن فرضه كشرط عند التسوية القادمة، لكن حتى اللحظة لا توجد ملامح واضحة لطبيعة المساومة التي ستستخدمها واشنطن مع صنعاء لفرض هذا الشرط، وربما ستلجأ واشنطن للرياض لفرض هذه الاستراتيجية عبرها، والتوقعات أن هذه الاستراتيجية ستفشل مع صنعاء التي لن تقبل أن تعود الهيمنة الغربية عليها بما في ذلك تحديد الرياض مع تقيم صنعاء علاقاتها ومع من تقطعها والقبول بهذا الطرح يعني استسلام صنعاء وألا فائدة من الصمود الذي دام 8 أعوام.

هناك تحركات من قبل الحكومة التابعة للتحالف للقبول بأي إملاءات أمريكية أو صفقات سرية مقابل أن يتكفل الأمريكان بحماية الموانئ النفطية جنوب اليمن بعد أن فشلت في إقناع الشركات الملاحية بالعودة لتحميل النفط، في حين ترفض الشركات الملاحية التحميل إلا بموافقة من صنعاء رسمياً، وهذا لا يعني أن نهب النفط اليمني قد توقف إذ لا تزال عمليات النهب مستمرة بتهريبه بطريقة بدائية.

وقف صنعاء لنهب النفط الخام اليمني لقي ارتياحاً شعبياً واسعاً جداً في المحافظات الجنوبية عوضاً عن كونه رفع المعنويات لدى المواطنين في المناطق الشمالية التي تسيطر عليها حكومة صنعاء.

أصبح أنصار الله وحكومة صنعاء بنظر أبناء المحافظات الجنوبية (جزء كبير منهم على الأقل) هم الطرف اليمني الوحيد الذي استطاع الانتصار لثروات اليمن المنهوبة من قبل التحالف والتي لا يستفيد منها لا أبناء الجنوب ولا الشمال في شيء.

وكما ذكرنا سابقاً تحاول حكومة التحالف جلب الأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين لاستلام ملف النفط في اليمن والتكفل بنقله وحماية السفن من استهدافها وهذا يعني تمكين الغرب من ملف الثروة اليمنية النفطية والغازية رسمياً.

شركات النفط العاملة في الحقول النفطية في اليمن أعلنت بالكامل وقف أعمالها بسبب امتلاء الخزانات في الموانئ وامتلاء الخزانات التابعة لها في الحقول النفطية، لكن قد تستأنف هذه الشركات نشاطها إذا ما استمر التهريب سراً للنفط الخام.

بالنسبة للأمريكيين فقد بدأت واشنطن بالفعل بمحاولة احتواء الانتصار الاقتصادي اليمني المتمثل في وقف نهب الثروة النفطية، من خلال إرسالها مبعوثها إلى اليمن وسفيرها ستيفن فاجن، وواشنطن لا تزال تراهن على الحصار الاقتصادي بعد فشل الخيار العسكري، وهنا علينا أن نتذكر أن أول من بدأ استخدام ورقة الحصار الاقتصادي هم الأمريكيين منذ العام 2016 حين هدد السفير الأمريكي سابقاً ماثيو تيولر وفد صنعاء المفاوض في الكويت حينها بجعل قيمة العملة اليمنية لا تساوي الحبر المطبوع عليها كتهديد استباقي قبيل قرارها بنقل وظائف البنك المركزي من صنعاء إلى عدن.

أيضاً تمكين الأمريكيين لحكومة التحالف من الاستيلاء على حقوق السحب الخاصة في البنك الدولي والبالغة 420 مليون دولار ومنحهم الضوء الأخضر للعليمي بسحب 300 مليون دولار منها، كما تضغط أمريكا على البنوك الإقليمية التي جمدت أموال اليمن لديها بسبب الحرب ولدى اليمن فيها أرصدة بمئات الملايين من الدولارات تضغط أمريكا على هذه البنوك للإفراج عن هذه الأموال وتسليمها للحكومة التابعة للتحالف وهذا يؤكد أن الورقة الاقتصادية تدار بالدرجة الأولى من قبل الأمريكان وأن السياسة الأمريكية اقتصادياً تجاه اليمن تتجه أيضاً نحو الاستيلاء على الاحتياطي الأجنبي في البنوك الخارجية.

كما بدأت أمريكا بمنح تسهيلات لحكومة التحالف ودفعها للحصول على قروض بفوائد لإغراق اليمن بالديون التي سيكون على اليمنيين تسديدها في السنوات القادمة بعد التسوية السياسية وإنهاء الحرب، إضافة إلى ما ورد سابقاً بشأن السياسة الأمريكية لمحاربة اليمن اقتصادياً بعد الحرب في جانب الطاقة من خلال منع استثمار شركات أجنبية شرقية في مجال الطاقة في اليمن وإبقاء استثمار الطاقة حكراً على الشركات الغربية الأمريكية والأوروبية.


الكاتب: يحيى الشرفي




روزنامة المحور