الخميس 27 تشرين أول , 2022 05:38

نيكاراغوا: احتلال أمريكي وعمليات سرية ثم عقوبات

القوات الأمريكية تحتل نيكاراغوا

على الرغم من أن نيكاراغوا لا تملك قيمة استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة، ولا تحتوي موارد طبيعية، ولا تشكل بأي حال من الأحوال تهديدًا لأمن الولايات المتحدة؛ إلا أن الأخيرة قد وضعتها مباشرة في مرمى النيران، وذلك بعد تشييد القناة الأمريكية -البريطانية، بحيث باتت تربط تلك القناة بين البحر من الشرق والمحيط الهادئ من الغرب.

وعلى الرغم من حصول نيكاراغوا على مكانتها كدولة قومية منذ مطلع القرن التاسع عشر، إلا أن سلوكيات الأمريكيين والبريطانيين كانت تتجاهل حكامها، وتتعامل معهم بالأمر الواقع. في عام 1852، أبرم الوزير البريطاني لدى الولايات المتحدة، جون إف.كرامبتون، اتفاقًا للتنازل عن Greytown -  وهي مدينة ساحلية في نيكاراغوا، ورغم رفض حكومة نيكارغوا، نوقشت فكرة القناة التي تربط بين البحر من الشرق والمحيط الهادئ من الغرب، وتم تمريرها، كاتفاقية بين بريطانيا وأمريكا، ونتيجة لذلك، أصبحت نيكاراغوا مركزًا للقوى الإمبريالية الأجنبية. يتم التدخل فيها بحسب آليات الزمان والمكان، وكما تعوّدنا في أمريكا اللاتينية، في أيما بلد كاريبي حصلت ثورة، إبحث عن الأمريكي.

الإطاحة بزلايا واحتلال نيكاراغوا

عام 1909 كانت البلاد تحت حكم خوسيه سانتوس زيلايا الذي أراد العمل مع ألمانيا أو اليابان لبناء قناة جديدة عبر البلاد. وحيث أن الولايات المتحدة قد سيطرت على قناة بنما ولم تكن تريد منافسة من دولة أخرى خارج الأمريكيتين؛ أرسل الرئيس الأمريكي ويليام هوارد تافت سفنًا حربية أمريكية لاتخاذ موقف ضد الحكومة المنتخبة لرئيس نيكاراغوا زيلايا. كانت لإدارة تافت (وإدارة روزفلت قبله) علاقات وثيقة مع الشركات الأمريكية العاملة في نيكاراغوا. لم تكن تلك الشركات راضية عن الطريقة التي دافع بها زيلايا عن المصالح الاقتصادية لبلاده والمنطقة من الاستغلال من قبل الشركات الأمريكية. فبررت الولايات المتحدة التدخل بادعائها حماية أرواح وممتلكات الولايات المتحدة. أدّى هذا التدخل إلى نهاية حكم زيلايا وبداية الاحتلال الأمريكي، وكانت المرة الأولى التي تنظم فيها الولايات المتحدة صراحة الإطاحة بقائد أجنبي، وتم إدخال القوات الأمريكية تحت عنوان قوات حفظ السلام، ثم تم سحبها عام 1910 بعد تعيين رئيس موالٍ لها. وبعد عامين فقط، عادت القوات الأمريكية لاجتياح البلاد بحجة أن القروض والأعمال التجارية الأمريكية مهددة بسبب الصراع بين الليبراليين والمحافظين، وقد قتل حوالي 2000 شخص خلال الصراع الذي شمل الكثير من الاشتباكات والتدخلات الأمريكية في نيكارغوا.

عندما وصلت إدارة ويلسون إلى السلطة، قامت بتمديد فترة الاحتلال وسيطرت على القدرات المالية والحكومية الكاملة في البلاد، تاركة مفوضين مدججين بالسلاح. فيما بعد، انسحب الرئيس روزفلت عام 1933، لأن الولايات المتحدة لم تعد قادرةً على الاحتفاظ بقوّاتها هناك بسبب الكساد الكبير. إنّ هذا التدخل الأمريكي في نيكاراغوا هو  أحد أطول الحروب في تاريخ الولايات المتحدة.

توقف التدخل المباشر وبدء العمليات السرية

عام 1981، في عهد الرئيس ريغان، تمّ توجيه اتهام باستخدام البلاد كمركز قيادة عسكري وخط إمداد للمقاتلين الشيوعيين في السلفادور، واستُبعِد استخدام القوات الأمريكية لفرض السيطرة، وتمّ تجنيد وتدريب 500 من اللاتينيين للقيام بأعمال شبه عسكرية سرية. واستطاعوا من خلالهم تدمير الأهداف الحيوية في نيكاراغوا مثل محطات الطاقة والجسور، في محاولة لتعطيل الاقتصاد.

يعتقد استراتيجيو وكالة المخابرات المركزية أن هذه العمليات السرية داخل نيكاراغوا تبطّئ تدفق الأسلحة إلى السلفادور وتعطل ما يزعمون أنه حكومة يسيطر عليها السوفييت والكوبيون في نيكاراغوا. وقال مسؤولون حينها إنه تم العمل بميزانية تبلغ 19 مليون دولار لوكالة المخابرات المركزية.

مرحلة العقوبات الاقتصادية

تحكم اليوم في نيكاراغوا حكومة يسارية، بقيادة دانييل أورتيغا الذي تم تنصيبه رئيسًا للبلاد للمرة الرابعة عام 2022 بحضور الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، والرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل، ورئيس هندوراس خوان أولاندو هيرنانديز، ونائب الرئيس الإيراني، والمبعوث الخاص للرئيس الصيني، وممثلي عن رؤساء وحكومات دول أخرى، ويعرف أورتيغا بعدائه الشديد للأمريكيين، وتتم محاصرة البلاد اليوم من خلال عقوبات واسعة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور